هل ما زال هناك بصيص أمل في أن تتم الهدنة وتتوقف الحرب على أبواب الشهر الفضيل؟ شهر رمضان الذي يأتي هذا العام والحال غير الحال، والواقع مرٌّ والزمن بائس، أما الوقت فهو المزيد من الدمار والخراب والقتل والجوع في حرب إبادة جماعية لم يشهدها شعبنا الفلسطيني من قبل. كثيرًا ما تداولت الأخبار ضرورة وقف الحرب قبل رمضان، والكل عاش على أمل أن يحدث ذلك، وجرت جولات التفاوض وما خفي منها على وقع تصريحات منحت الناس في غزة الأمل، بأن الهدنة قريبة، وبعض التصريحات كانت تشير إلى أنها مسألة أيام ويتم التوقيع عليها، ولكن ما حدث حتى الآن هو العكس، فما حملته تلك التصريحات يشبه ما قبلها، حين كانت التصريحات -خاصة الأمريكية- تدعو لوقف الحرب قبل عيد الميلاد، ثم قالوا قبل رأس السنة الميلادية، ثم قالوا قبل شهر رمضان، والحرب مستمرة والعدوان مستمر والقتل والحصار قدر غزة الذي يتواصل حتى اليوم، وكل ما قيل حول وقف النار مجرد كلام. على أبواب رمضان هذا العام، فإن الحرب على غزة مستمرة. حرب الإبادة الجماعية على وقع القتل والدمار والجوع والحصار الذي يتواصل ويشتد من كل الجهات، والعالم عاجز حتى اليوم عن إيصال المساعدات للناس الجوعى والعطشى والمتعبين من هذه الحرب، فيما يواصل الاحتلال عملياته الإجرامية من دون توقف، ويواصل فرض حصاره بقوة السلاح والحصار، ولا يلتفت لكل الدعوات العالمية والإنسانية، وهو يمثل بذلك أبشع أشكال العنصرية التي يراها العالم كله بالصوت والصورة وبالبث المباشر، من دون أن يتحرك لوقف هذه المذبحة وهذه الإبادة التي يرتفع أعداد الشهداء فيها كل لحظة. وحتى كتابة هذا المقال كان أعداد الشهداء تجاوز ال 31 ألفًا وأكثر من مئة ألف جريح ومصاب، إلى جانب الآف الضحايا الذين لا يزالون تحت الأنقاض. صور المذبحة التي تخرج من غزة لا تنقل الحقيقة كاملة، فعلى الأرض ما هو أبشع وأفظع من أن تنقله عين الكاميرا، وأن تحمله أي صورة ومشهد، ووسط هذا كله فإن الحرب لا تزال مستمرة، ولا أحد يوقف هذا الجنون الذي يمارسه الاحتلال. تواصل حكومة الحرب الإسرائيلية حربها على قطاع غزة، كما تواصل التجويع والإبادة الجماعية منذ بدأت الحرب، حتى أصبح الناس يموتون جوعًا وعطشًا. وبينما تخرج بعض التصريحات حول إنشاء ميناء بحري على شاطئ غزة، لإيصال المساعدات والمعونات، يتواصل إغلاق معبر رفح البري والمعابر الأربعة الأخرى مع الاحتلال، وتُمنع عمليات إيصال المساعدات والمعونات منها، وهذه جريمة حرب واضحة كما غيرها من الجرائم الأخرى التي ارتكبها جيش الاحتلال، وعلى المجتمع الدولي أن يخرج عن حالة الصمت، وأن يتحرك فورًا وسريعًا لمعاقبة الاحتلال ووقف هذه الحرب المستعرة. يأتي رمضان هذا العام على غزة وسط واقع مستحيل، وحياة صعبة وقاسية، وحرب لا تتوقف، ولسان حالنا دائم الرجاء والدعاء، كان الله في عون الأهل في غزة، كان الله في عون الأهل في غزة. القدس الفلسطينية