الحرب اندلعت في مالي وليس في شمالها فحسب، فالفرنسيون أعلنوها صراحة ان قواتهم شرعت في القتال إلى جانب بقايا الجيش المالي، وبريطانيا أبدت دعمها لفرنسا في حربها التي سعت إليها وخططت لها منذ شهور أن لم اقل سنوات، والبيت الأبيض يؤيد الفرنسيين.. هكذا تسارعت الأحداث في مالي، وأظهرت أن المحاولات التي قامت بها الجزائر من اجل تجنب المنطقة ويلات الحرب قد اصطدمت بجدار الحسابات الدولية، والمصالح الجيو استراتيجية للقوى الكبرى. فالدبلوماسية الجزائرية التي كثيرا ما روجت لتأييد القوى العظمى للطرح الجزائري القائم على الحوار السياسي، تكون قد أدركت الآن أن الرغبة في الحرب والإلحاح عليها من قبل فرنسا، يتجاوز بكثير التصريحات الدبلوماسية والبروتوكولية أمام عدسات الكاميرات، وهو ما يعني برأي المتتبعين أن حجم المصالح والرهانات الدولية على شمال مالي تتعدى الشطحات الدبلوماسية. ما يهنا في هذا المقام، اليوم، كيف ستتعامل الجزائر مع تداعيات حرب مفروضة ميدانيا؟ ما هي أوراق الدبلوماسية الجزائرية في مواجهة المخططات الغير معلنة من الحرب في مالي؟ نقول هذا الكلام لأننا ندرك تمام الإدراك أن الحرب في مالي تحت ذريعة محاربة الجماعات الإرهابية ما هو إلا غطاء لحسابات جيو استراتيجية تمتد خارج حدود مالي، وهذا يقود إلى طرح منطقي وهو أن الحرب في مالي وشمالها يستهدف الجزائر وتحديدا صحراؤنا الكبرى.