أكد أول أمس الدكتور مولود عويمر أن النهوض بالأمة العربية يتطلب الارتكاز على المقومات الحضارية للأمة العربية إلى جانب العمل على الاستفادة من التجارب النهضوية الحديثة في أوروبا الغربية. قال الدكتور مولود عويمر خلال مداخلته في الملتقى الدولي الذي تحتضنه جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة حول "النخبة الجزائرية والحركة الإصلاحية في النصف الأول من القرن العشرين" والذي يندرج تنظيمه في إطار تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، والذي جاء حول موضوع "النخبة الإصلاحية الجزائرية وسؤال التنوير في العالم العربي"، إن سؤال التنوير الذي طرح في أدبيات العديد من العلماء والمفكرين العرب والمسلمين بداية من الثلث الأول من القرن التاسع عشر كان هدفه تغيير أحوال العالم العربي والإسلامي الذي أصابه التخلف في أشكاله المتعدد، وكان هاجس هؤلاء العلماء والمفكرين هو تجاوز كل المعوّقات القائمة آنذاك من أجل تأسيس نهضة حقيقية ترتكز بالدرجة الأولى على مقوّمات الأمة الحضارية، وكذلك الاستفادة من التجارب النهضوية الحديثة في أوروبا الغربية، مشيرا إلى أن هذه دينامكية قد مثلت البحث عن مخرج للازمة الحضارية للمجتمعات الإسلامية. كما تطرق الدكتور مولود عويمر في مداخلته إلى مساهمة النخبة الإصلاحية الجزائرية في مسار تطوير حركة التنوير في العالم العربي والإسلامي في العصر الحديث وقد تناول ذلك بتقديم مقاربة إبداعية منذ عام 1826 مع الشيخ محمود العنابي صاحب كتابي: "صيانة الرياسة ببيان القضاء والسياسة"، و"السعي المحمود في نظام الجنود". مؤكدا أن الجهود التنويرية في الجزائر تواصلت خلال القرن التاسع عشر، وتعاظمت في النصف الأول من القرن العشرين في رحاب الجمعيات والنوادي، وفي صفحات الكتب والجرائد. من جهة أخرى أكد الدكتور أن النخبة الجزائرية قد تناولت في خطابها الإصلاحي قضايا معاصرة بجرأة قل نظريها في تبجيل العقل وتسييد العلم وتحرير الإنسان وتكريم المرأة وتعظيم العدل وتوريث التشاور، والتحاور مع الآخر، وغيرها من القيم الإنسانية والمقوّمات النهضوية. وكل هذه الجهود الفكرية والتنظيرية والعملية التي لم تتمكن من تحقيق أهدافها على أرض الواقع وذلك حسب الدكتور لأسباب منها ما له صلة بالذات وأخرى لها علاقة بالآخر.