عرضت التجربة السينمائية الجديدة "ذاكرة الأحداث" للمخرج عبد الرحيم العلوي أول أمس بقاعة الموقار سردا لأحداث العشرية السوداء التي عاشتها الجزائر في أوائل التسعينيات تحت آثار العنف. يبدأ الفيلم بقصة عز الدين الذي يشتغل بمهنة الصحافة في إحدى المدن الداخلية للبلاد، ويحضر لاقتباس مسرحية " تارتوف المحتال " لموليير لأدائها بالمسرح البلدي مع فريق يتنفس ويعشق المسرح ولكن الأحداث التي كانت تمر بها البلاد أنذاك رسمت عدة عقبات أمام إكمال هذا العمل. بدأ "عز الدين" رحلة التحدي بعدما قرر رئيس البلدية الحديث العهد بالتعيين والمنتمي إلى تيار إسلامي توقيفهم عن مواصلة تحضيرهم للمسرحية بحجة أن ما يقومون به خروج عن الدين وكفر بالله، ولكن هذا الشيء زاد من عزيمة الفريق وجعلهم يلتفون حول هدف واحد وهوتحقيق حلمهم مهما كان الخطر، رغم بعض الشكوك التي راودت عددا منهم. قصة الفيلم تتجاذبها أحداث مسرحية "تارتوف المحتال" لموليير والحياة اليومية لهذه الفرقة المسرحية الهاوية التي تشهد تقلص حرياتها يوما بعد يوم. بعد شهور عديدة من التحضير، يحل اليوم المنتظر الذي سيتم فيه العرض الأول للمسرحية ولكن أيادي الغدر وصلت إلى عز الدين وزوجته قبل أن يقدما عملهما ولكن هذا لم يمنع الفرقة من قطع عهد على مواصلة ما شرع به عز الدين وزوجته. استعانة المخرج بمسرحية موليير في الفيلم جعلته يخرج عن اللغة السينمائية ويتبنى المسرحية في معظم مشاهده والتي بررها عبد الرحيم العلوي في نقاش عقب عرض الفيلم بالضرورية وهي مزاوجة بين المسرح والسينما فالفيلم بحسبه مسرحية وطنية تسترجع ذكريات أليمة يوم مقتل الصحفي الطاهر جاووت والفنان المسرحي عز الدين مجوبي. تتشابه أحداث الفيلم الذي استغرق أكثر من 110 دقيقة مع فيلم "ميستا" لمخرجه كمال يعيش الذي يحكي عن حلم قديم يطفو إلى السطح، حين يلتقي بشخص يشاطره حبّ المسرح وموهبة التمثيل، فيقرر أن يعمل معه على مشروع إنجاز مسرحية مقتبسة عن "قصة حديقة الحيوانات" التي كتبها إدوارد، فكلا الفيلمين يتطرقان إلى وضع الفنانين والإعلاميين في تلك الفترة وكيف كان العمل، في التمثيل أوفي أيّ حقل إبداعي أوإعلامي خلال تلك الحقبة، يُعدّ تحدّياً عظيماً لآلة الموت التي حصدت مئات المواهب والتجارب بمنجل الاغتيالات. قامت بآداء البطولة المطربة أمال وهبي بدور يسرى المرأة القوية والمثقفة والتي قالت أن تجربتها في فيلم ذاكرة الأحداث تجربة مميزة للغاية وإيجابية كثيرا خاصة أنها لعبت لأول مرة دور البطولة في فيلم سينمائي حيث أعجبها الدور وسيناريو الفيلم خاصة أنه شارك فيه العديد من الممثلين الكبار في السينما الجزائرية. وبخصوص الدور الذي شاركت فيه في الفيلم أكدت وهبي أن الشخصية مهمة للغاية حيث تقمصت دورا رئيسيا في العمل السينمائي وهي أستاذة لغة عربية متزوجة بصحفي تشترك معه في هواية واحدة وهي حب المسرح حيث تعمل على إعداد مسرحية موليار المعروفة ب تارتيف على الطريقة الجزائرية ليأتي الفكر المتطرف ويغلق دور السينما وقاعات المسرح ويقوم الإرهاب بالعمليات الإجرامية ويشرع في سفك الدماء. الفيلم ألّفه عبد الرحيم العلوي وأحمد بن كاملة وتقمص أدواره أمال وهبي (يسرى)، عبد الله عقون (عز الدين)، فريدة صابونجي والفنانة القديرة شافية بوذراع وأسماء أخرى.