على غرار شقيقه اللاعب الدولي السابق محمد قاسي السعيد يشكك في نوايا اللاعبين خلال مباراة إفريقيا الوسطى ويجزم أنهم رفضوا اللعب رغبة منهم في إقالة المدرب بن شيخة، ويرى محدثنا أن الوقت قد حان للقيام بتغيير جذري وتكوين منتخب جديد يكون المحليون عماده الأول.... ماذا يمكن أن تقول على العموم بخصوص الخسارة الجديدة للمنتخب الوطني أمام منتخب إفريقيا الوسطى؟ ماذا تريدني أن أقول، الناس كلها لاحظت بأن لاعبينا لم تكن لهم لا الإرادة ولا الرغبة في اللعب، كان un non match بالنسبة لمنتخبنا، وكأن اللاعبين سعوا لهذه النتيجة رغبة منهم في التخلص من المدرب الوطني الجديد الذي لم يخدم مصالحهم. نفس الكلام الذي قاله شقيقك كمال في تحليله للمباراة على قناة الجزيرة الرياضية.. أعتقد أن كمال في موقع جيد حتى يقول مثل هذا الكلام، هو يعرف بن شيخة جيدا وقبل المباراة كان هنا في الجزائر وحضر حصة تدريبية للمنتخب قبل السفر إلى إفريقيا الوسطى، ولابد أنه لاحظ أمورًا غير طبيعية تحدث وشكوكه تدعمت أكثر بعد الذي شاهده من تراخٍ لدى اللاعبين خلال المباراة، أعتقد أن كثيرين مثل كمال ومنهم أنا يشكّكون في نوايا بعض اللاعبين، والمستوى الذي قدموه في المباراة الأخيرة دليل قاطع. وما الذي يدفع اللاعبين لتعمّد الخسارة لتنحية بن شيخة في وقت أن الجميع أعطى الانطباع بأن العلاقة بين الطرفين كانت جيدة؟ هذا كان في التصريحات الصحفية فقط، لكن في الحقيقة الأمر مغاير، من الواضح أن التكتل الموجود في المنتخب لم يتقبّل سياسة المدرب الجديد، الذي أراد أن يفرض بعض الصرامة التي غابت عن المنتخب في الفترة السابقة، ففضلوا مصلحتهم على مصلحة المنتخب والجزائر، وتساهلوا في المباراة الأخيرة ليدفعوا المدرب الجديد نحو الباب. هل يعني ذلك أن بن شيخة لا يتحمّل أي مسؤولية في الخسارة؟ أكيد، بن شيخة ورث تشكيلة متعفّنة وفريقا مقسّما وهو لا يملك عصا موسى ولا خاتم سليمان حتى يغيّر الذهنيات السلبية التي عشّشت في هذا المنتخب، إرث سعدان كان ثقيلا، مع التكتل الذي تكوّن في المنتخب ووصلت به الجرأة لفرض منطقه في كل ما يخص المنتخب، صحيح أن التكتلات موجودة في العديد من المنتخبات، نحن في وقتنا شكلنا لا أقول تكتلا بل نواة من اللاعبين، لكن على عكس هؤلاء لم نكن نبحث عن مصالحنا بل كنا نقدّم مصلحة البلاد أولا على عكس هؤلاء. بن شيخة لم يقدر على تغيير الذهنيات في وقت قياسي وربما خطأه الوحيد أنه حاول بث بعض النظام في تسيير هذه المجموعة، ولم يكن يعرف أن المدرب في المنتخب الجزائري صار تحت رحمة هذا التكتل من اللاعبين. لو نتحدث عن الجوانب الفنية خلال المباراة ونسألك على اللاعب الذي يشغل حاليا نفس منصبك وسط الميدان الدفاعي، مدحي لحسن، ألا ترى بأن هذا اللاعب لم يكن بمستوى الضجة الكبيرة التي أثيرت حوله بالنظر لما قدّمه لحد الآن؟ هذا مفروغ منه، ما شاهدته أمس (الحوار أجري البارحة)، يؤكد ذلك، لحسن كان خارج الإطار تماما، بالإضافة لانعدام تأثيره في الأداء الهجومي، حيث لم يقدم أي إضافة وهو أمر مطلوب من لاعب الارتكاز، أنا مثلا كنت أصل حتى للتهديف مع المنتخب، لحسن كان إذا استرجع الكرة كان يعيدها بتمريراته المفتقدة للدقة للمنافس، يعني كان ينزع الكرة للاعبي إفريقيا الوسطى ليعيدها لهم، ولن أبالغ إن قلت أنني في مثل هذه السن قادر على اللعب بطريقة أفضل منه. هل ترى بأنه يقدم أداء أفضل في ناديه؟ شاهدته في عدة مناسبات مع فريقه سانتاندار، لم أر الاندفاع والحرارة التي يلعب بها في ناديه خلال المرات التي لعب فيها مع المنتخب، ولا تقل لي أن عامل الرطوبة والحرارة أثر فيه، هذه مبررات الضعفاء، أعتقد أن لموشية كان خيارا أفضل منه، من دون أن أنسى منصوري الذي ظلم كثيرا، فهذا اللاعب على عكس كثيرين لبّى نداء الجزائر في فترة كان الجميع يتهرب فيها، صحيح أنه لم يكن مميزا في العمل الهجومي لكن من الناحية الدفاعية كان أفضل بكثير من لحسن، وكان دائما يقوم بدوره على أكمل وجه، بالإضافة لكل هذا كان قائدا حقيقيا، أقول هذا الكلام من دون أن أنسى الأداء الضعيف جدا الذي ظهر به يبدة، لقد كان مع لحسن نقطة ضعف حقيقية في أداء المنتخب. من بين كل اللاعبين تردد اسم بلحاج وعبدون على أنهما شكلا خيبة أمل كبيرة بالنظر لما قدّماه خلال المباراة، من تراه كان الأسوأ؟ عبدون تكلم كثيرا قبل هذه المباراة وكان دائما يطالب بفرصته، لكن ما قدمه خلال مباراة إفريقيا الوسطى، أكد بأنه لم يكن يستحق أبدا تلك الفرصة فلم يبرهن على شيء رغم أنه لعب التسعين دقيقة وفي منصبه الأصلي، وبالنسبة لبلحاج فما يحدث له أمر طبيعي بعد أن ترك بطولة البريمرليغ ليتحول لدوري مستواه أضعف من بطولة القسم الثاني عندنا، تردي مستواه أمر متوقع ولا يشكل مفاجأة، المهم الآن أن نفكر في حلول لخلافته هو وبعض اللاعبين . أداء المنتخب في منحى تنازلي خطير منذ المونديال، هل ترى بأن اللاعبين افتقدوا للحافز الأول في اللعب للمنتخب الذي كان المشاركة في البطولة العالمية؟ البعض كان يقول هذا الكلام والوقت أعطاهم الحق، ويبدو فعلا أن المونديال كان الشغل الشاغل لهؤلاء والحافز الوحيد لهم، كان من المفروض على هؤلاء أن يفكّروا في تشريف الجزائر في المقام الأول وألا يضعوا المونديال هدفهم الوحيد. من تراه المسؤول عن الوصول لهذه الوضعية سعدان، الفاف أم من؟ هي مسؤولية مشتركة، سعدان في المقام الأول كان عليه الرحيل مباشرة بعد المونديال، قدّم ما عليه ولم يعد يملك شيئا ليضيفه، كان عليه أن يترك المجال لجلب مدرب جزائري أو حتى أجنبي مباشرة بعد نهاية كأس العالم حتى يمنحه الوقت الكافي لتحضير المنتخب لدخول التصفيات، لكنه فضل البقاء. والخطأ الثاني كان خطأ الاتحادية التي قبلت استقالته بعد مباراة تنزانيا في وقت كان على سعدان أن يواصل ما دام أن خليفته لم يكن ليملك الوقت لتحضير المنتخب خلال شهر فقط قبل مباراة هامة أمام إفريقيا الوسطى، بن شيخة أخذ القطار في السكة ولم يكن أمامه الكثير وأكثر من هذا بمجرد أن حاول وضع القليل من النظام في المنتخب وجد نفسه في مواجهة أمام التكتل. هناك من يرى بأن الرعاية الخاصة التي يحظى بها لاعبو المنتخب والإمكانات الكبيرة من منح وأموال وعقود إشهار ورحلات خاصة وغيرها لعبت دورًا سلبيا، ما هو رأيك؟ من الواضح أن لاعبينا مدللون ومدلّلون جدا، والمحزن أنهم أخذوا حقوقهم بالكامل ولم يؤدوا واجباتهم تجاه المنتخب والبلد، لكن ما دام أننا وصلنا لهذا الوضع لا بد من تغيير جذري، وعلى المسؤولين في الفاف تحمّل مسؤولياتهم وأن يعترفوا أن سياستهم لم تعد مجدية ولا نافعة. وماذا تقترح؟ إعادة الاعتبار للاعبين المحليين، أنا لست ضد اللاعبين المغتربين، لكن أعتقد أننا لا نملك لاعبين من طينة دحلب، قريشي، ماروك وغيرهم، لاعبين على أعلى مستوى كانوا يضعون الجزائر فوق كل اعتبار، لم يبخلوا عليه بشيء، لم يكن المونديال ولا المنح هي حافزهم، كانوا يلعبون معنا وتعاملوا مع ظروف بعيدة كل البعد عما نراه الآن، الحل الآن هو تغيير تركيبة المنتخب، لا بد أن يشكل من ثمانين بالمائة من اللاعبين المحليين كما كان الحال في فترتنا مع تدعيمهم بأفضل اللاعبين المغتربين وليس العكس، المحليون على الأقل لديهم الغيرة ولا يتلاعبون بالألوان الوطنية ولن يتحجّجوا بالرطوبة والحرارة لمّا يتنقلون لأدغال إفريقيا، وما على بن شيخة سوى الاهتمام بهم والبحث عن حلول جديدة وسطهم، كفانا من انتداب اللاعبين من الخارج. وهل ترى بأن البطولة المحلية توفّر لنا لاعبين قادرين على تكوين منتخب وطني قوي؟ أعتقد أن ما حققته شبيبة القبائل التي هي على مشارف نهائي رابطة الأبطال الإفريقية هو خير دليل على ما أقوله، نادٍ مشكّل من لاعبين محليين شبان حقق نتائج كبيرة وهزم خيرة الأندية الإفريقية وفي مقدمتها الأهلي، اللاعب المحلي لم يحظى بفرصته منذ عامين وحان الوقت لنضع فيه الثقة، من غير المعقول أن نلعب بمنتخب قادم بشكل شبه كامل من فرنسا، السياسة لا بد أن تتغير وإذا كنا غير قادرين ونحن في أول بطولة احترافية من تكوين منتخب بلاعبينا ومن أبناءنا فالأفضل أن نتوقف عن المشاركة في المنافسات القارية. لكن القيام بتغيير جذري يبدو أمرًا صعبا خلال الفترة الحالية؟ ولماذا؟ التغيير ضروري وعلينا أن نستلهم من تجربة لوران بلان مع منتخب فرنسا، لقد قام بإبعاد كل العرّابين الذين كانوا يسيطرون على المنتخب الفرنسي ووضعهم على الهامش، وهو بصدد بناء فريق جديد بروح جديدة والنتائج بدأت تظهر للعيان، فلمَ لا نقوم نحن بذلك أيضا. منتخب إفريقيا الوسطى المغمور يعبث بالمنتخب الجزائري، أكيد أن لا أحد كان يتوقع ذلك. في كرة القدم كل شي وارد، المشكل أننا لم نقاوم ولم نفعل شيئا أمامهم، بالمقابل هذا المنتخب الذي يحتل مرتبة غابرة في ترتيب الفيفا، كان أكثر جدية، فريق مشكّل من لاعبين يحبون بلادهم، منضبطين ونفّذوا تعليمات مدربهم، هذا فقط. في الأخير كيف ترى حظوظ منتخبنا في التأهل؟ هناك 4 مباريات ب 12 نقطة علينا أن نحققها كلها، السؤال المطروح هل لدينا منتخب قادر على تحقيق ذلك، أعتقد التعداد الحالي غير قادر، وكما قلت حتى إفريقيا الوسطى تقدمت ونحن نلعب منذ سنوات بشكل سيء ولا نتقدم، على كل حال الأمل يبقى قائما إلى حين، لكن لا بد من تغيير شامل وجذري في التشكيلة. هل ستكون كارثة بالنسبة لنا في حال ما إذا أقصينا من التأهل للنهائيات مرة أخرى؟ لن تكون كارثة، مصير الأمة الجزائرية ليس مرتبطا بالتأهل لنهائيات أمم إفريقيا، لكن سيكون درسا جديدا لنا حتى نتدارك أخطاءنا ونراجع سياساتنا.