قرارات مثيرة للجدل غيرت تاريخ منتخبات وأخرى أجهضت حلم فرق كثيرا ما كانوا الحلقة الأضعف في المباريات، وساهمت قراراتهم المجحفة في تغيير النتائج النهائية للمقابلات، وإذا كنا نؤمن بان الحكم يبقى مجرد إنسان ممكن أن يصيب أو يخطي إلا أن بعض "الأخطاء" لا يمكن أن تغتفر وتدرج في خانة "الممنوع" نظرا لفداحتها وتأثيرها على مصير الفرق خاصة في البطولات العالمية، وعلى مر التاريخ كان هدف دييغو مارادونا الذي سجله بيده في شباك المنتخب الإنجليزي سنة 1986 الأبرز في هذا المجال، غير أن الحدث هذه الأيام أصبح عن الهدف الذي أهل المنتخب الفرنسي على حساب نظيره الايرلندي إثر لمس واضح للكرة باليد من طرف المهاجم تيري هنري، وهو ما جعلنا نسلط الضوء في هذا الموضوع على أبرز الأخطاء التحكيمية على مر التاريخ... الحكم التونسي بن ناصر جعل مارادونا يسجل أشهر هدف الحديث عن الأخطاء التحكيمية القاتلة يجعلنا نبتدئ هذا الموضوع بأشهر حادثة على مر التاريخ والتي كان بطلها الأرجنتيني دييغو مارادونا، حيث استطاع هذا الأخير وفي مباراة الدور الثمن النهائي من كاس العالم 1986 أمام المنتخب الانجليزي تسجيل أشهر هدف "غير شرعي" على مر التاريخ، ففي مباراة عصيبة بين المنتخبين وبينما كان التعادل السلبي يجمع الفريقين استطاع دييغو أن يسجل هدفا بعد ارتقائه لكرة عرضية عن طريق قبضة يده اليسرى التي لم يحرك لها حارس المنتخب الانجليزي الشهير بيتر شيلتون ساكنا، وفي الوقت الذي ظن اللاعبون أن حكم المباراة التونسي بن ناصر سيعلن عن لمسة يد منذرا اللاعب، أشار هذا الحكم إلى شرعية الهدف الذي أثبتت الإعادة التلفزيونية بأنه سجل فعلا بقبضة اليد، لتتأهل بذلك الأرجنتين إلى الدور القادم بعد فوزها في المباراة بنتيجة (2-1) ويقصى الإنجليز بسبب خطا فادح من الحكم، الذي أصبح يشتهر بأخطائه الكثيرة والفادحة. ويعود ليحرم الجزائريين من التأهل لكأس العالم بعد "فضيحة" القاهرة اختلف الزمان والمكان، واختلف اللاعبون والملعب، لكن الحكم هو نفسه حيث عاد الحكم التونسي بن ناصر الذي يبدو أنه يعاني من نقص حاد في النظر مرتكبا جريمة في حق الجزائريين، فأمام 80 ألف متفرج مصري وعلى ملعب القاهرة الدولي جرت المباراة الفاصلة بين المنتخب الجزائري ونظيره المصري من أجل اقتطاع تأشيرة التأهل إلى نهائيات كاس العالم 1990 بايطاليا، وفي الوقت الذي كان يكفي الخضر التعادل من أجل كسب تأشيرة التأهل كان يتوجب على المصريين الفوز بأي نتيجة للتأهل، ويبدو أن الضغوط الكبيرة التي مورست على الحكم التونسي قد أتت أكلها، حيث اعتدى لاعب مصري بوحشية على الحارس الجزائري العربي الذي فقد وعيه وابتلع لسانه ليكمل الحارس السطايفي عصماني المباراة في مكانه، ليسجل حسام حسن من هذه اللقطة الهدف الوحيد في المباراة منذ (د4) الذي أهل المصريين إلى المونديال، لكن العدالة الإلهية أنصفت الجزائريين في 2009 وجعلتهم يتأهلون على حساب "الأشقاء" . الحكم الغيني أحرق أعصاب الجزائريين أمام رواندا معاناة الجزائريين من الأخطاء التحكيمية تواصلت هذا الموسم في التصفيات المؤهلة لكأسي إفريقيا والعالم، وكان الأمر سيكون هينا لو لم يكن المونديال هو غايتنا، لكن الحكم الغيني ياكوبا كايتا كان له رأي آخر بفضل تماديه في "المكر" ويغض النظر عن أهداف محققة، فلا يعقل مثلا أن يرفض حكم دولي هدفا تجاوز خط المرمى بأكثر من 60 سنتيمترا وهو على مقربة من خط 18 متر، ونفس الشيء بالنسبة لحكم التماس الذي كان بإمكانه إعلان الهدف لكنه فضل هو الآخر لعب دور "شاهد ما شافش حاجة "، والغريب في الآمر أن نفس الحكم رفض هدفا آخر بحجة تسلسل لم يشاهده إلا هو، لكنه في المقابل كان يصفر أخطاء للمنتخب الرواندي رغم بعده بعشرات الأمتار عن اللقطة، لكن عزيمة رفقاء زياني كانت أكبر من مكر الحكم في نهاية المطاف وعرفوا كيف يحولون تأخرهم إلى فوز كان يمكن أن يكون بأكثر من (3-1). كأس العالم 2002 ... مونديال الأخطاء التحكيمية وإذا كان الاعتراض على الحكام وأخطائهم أمرا قد ألفناه فإن ما حدث في كأس العالم 2002 الذي أقيم بكوريا الجنوبية واليابان فاق كل التصورات، حيث تلقى الاتحاد الدولي لكرة القدم العديد من الاتهامات بسبب الأخطاء الجسيمة لحكام المباريات في هذه الدورة، وهي نفس الرسالة التي وصلت إلى رئيس لجنة الحكام للفيفا، خاصة بعد أن ساعدت هذه " الأخطاء" في وصول البلد المضيف كوريا الجنوبية لأول مرة في تاريخها وتاريخ المنتخبات الآسيوية إلى الدور نصف النهائي، وبعد أن أقصت فرقا من العيار الثقيل على غرار المنتخب الإيطالي والمنتخب الإسباني، والغريب أن جل الأخطاء التي وقعت في هذه الدورة كان المنتخب الكوري طرفا فيها، مما جعل بعض الأطراف تؤكد على وجود مؤامرة من أجل الوقوف إلى جانب البلد المضيف لمصالح شخصية لا يعلم سرها إلا رئيس الفيفا. الحكام رفضوا هدفا صحيحا لإيطاليا وآخرين لإسبانيا وإذا كان منتخب كوريا الجنوبية قدم مشوارا طيبا في هذه الدورة استحق عليه كل الاحترام والتقدير، مؤكدا بأن كرة القدم ليست حكرا على الأوروبيين ومنتخبات أمريكا الجنوبية، فإن الأخطاء التي ساهمت في تأهله إلى النصف النهائي من منافسة بحجم كأس العالم جعلت منه متهما من قبل الصحافة والنقاد والملاحظين قبل أن يكون صاحب إنجاز، والجميع منا يتذكر مباراة ربع النهائي التي جمعته بالمنتخب الإسباني حين حرم الحكم منتخب "لاروخا" من هدفين صحيحين، خاصة الهدف الثاني الذي أثبتت الإعادة التلفزيونية صحته بعد أن أوضحت بدقة عدم خروج الكرة التي أرسلها المهاجم خواكين، ليتأهل المنتخب الكوري إلى الدور نصف النهائي عن طريق ركلات الترجيح، وقبلها قابل المنتخب الإيطالي في الدور ثمن النهائي أين تكرر نفس الخطأ الجسيم بعد رفض الحكم الإكوادوري بايرون مورينو هدفا شرعيا للآزوري وهو الحكم الذي أقصي فيما بعد من إدارة مباريات الدور الثاني، لتتأهل كوريا الجنوبية ويدفع الإسبان والطليان فاتورة أخطاء الحكام . هدف نيستلروي في مرمى الآزوري يثير جدلا كبيرا في أورو 2008 وغير بعيد عن المنافسات الكبيرة أثارت فعاليات كأس أمم أوروبا الأخيرة موجة من الانتقادات إلى أصحاب البذلة السوداء بسب الأخطاء المكلفة، وتضاربت الآراء والتصريحات بشأن هؤلاء، ويبقى الهدف الذي سجله المهاجم الهولندي فان نيستلروي في مرمى المنتخب الإيطالي الأكثر إثارة وجدلا بين أوساط أصحاب الاختصاص، ففي الوقت الذي تنص فيه القوانين على أن اللاعب الذي يكون مشتركا في اللعبة ويسقط خارج الملعب بسبب الإصابة ودون علمه بما يجري داخل الملعب (غير متعمد السقوط)، فإنه يعتبر غير مشترك في اللقطة وعليه فإن الحكم مطالب بالإعلان عن تسلل، وهو ما لم يحدث في اللقطة التي سقط فيها المدافع الإيطالي بانوتشي خارج الملعب ليستمر اللعب وينجح نيستلروي في هز شباك الآزوري . لوكا توني يحرم من هدف صحيح في مرمى رومانيا وفي نفس الدورة التي شهدت تأهل المنتخب الإيطالي إلى الدور الثاني بشق الأنفس بعد فوزه في المباراة الثالثة على المنتخب الفرنسي (2/0)، لكن هذا التأهل كان سيكون أسهل نسبيا لو فاز الآزوري في مباراته الثانية التي جمعت بالمنتخب الروماني والذي انتهى بالتعادل (1-1)، فقد استطاع المهاجم الإيطالي المتألق لنادي بايرن ميونخ لوكا توني تسجيل هدف غير أن الحكم رفضه بحجة التسلسل، وبالعودة إلى وقائع اللقطة نجد أن اللاعب المعني لم يكن متسللا رغم وجود ثلاثة من زملائه في مصيدة التسلل، وحسب التعديلات الجديدة للفيفا فإن الحكام مطالبين باحتساب الهدف إذا كان المعني غير متسلل ما لم يكن البقية مؤثرين في اللقطة وهو ما حدث فعلا، ليحرم الحكم الإيطاليين من فوز كانوا في أمس الحاجة إليه. حكم مباراة تشيلزي وبرشلونة في رابطة الأبطال يبقى الأسوأ من الصعب أن تتقبل خطا الحكم خاصة إذا كان الخطأ مكلفا للنادي أو المنتخب، لكن من الأصعب أن تتجرع الأخطاء المتتالية لنفس الحكم في نفس المباراة، وفي هذا الصدد برز الموسم الماضي بشكل ملفت للانتباه الحكم النرويجي توم رينينغ أوفريبو، الذي أدار مباراة العودة من نصف نهائي كاس رابطة الأبطال بين تشيلزي وضيفه الإسباني برشلونة، وخرج عقب المباراة تحت حراسة أمنية مشددة، بسبب تماديه في غض النظر عن ما يقل عن ثلاثة ركلات ترجيح لصالح النادي الإنجليزي الذي كان متفوقا طيلة أطوار المباراة، وما زاد الطين بلة هو نجاح برشلونة في تعديل النتيجة في آخر دقائق المباراة، وهو دفع لاعبي البلوز إلى وصفه بأقبح الأوصاف أما المدرب هيدينك فقد أكد بأنه أسوا مدرب قابله طيلة مشواره الكروي، ليحرم بذلك تشيلزي من التأهل إلى المباراة النهائية مقابلة الغريم مانشستر والثار منه عما حدث في نهائي 2007.
هنري كان مهددا بعدم المشاركة في كأس العالم بسبب خطأ تحكيمي الحديث عن الأخطاء التحكيمية يعود بنا أيضا للطريقة التي تأهل بها منتخب الديكة على نظيره الإيرلندي في مباراة العودة من الملحق الأوروبي المؤهل لكأس العالم 2010، وإذا كان المنتخب الفرنسي قد نجح في العودة بفوز ثمين في مباراة الذهاب (1/0) من تسجيل أنيلكا، فإن الأمور كانت مختلفة في لقاء العودة، حيث تخلف رفقاء تيري هنري بهدف قبل نهاية الشوط الأول، وهي النتيجة التي انتهت عليها المباراة، ليحتكم الفريقان إلى الأشواط الإضافية، التي استطاع فيها أصحاب الأرض تسجيل هدف غير شرعي أثار زوبعة من الاحتجاجات من دون جدوى، حيث حملت الدقيقة 103 اللقطة التي جاء على إثرها الهدف بعد أن قام تيري هنري بتوقيف الكرة بيده في لقطة بدت جد واضحة ومررها إلى زميله غالاس الذي سجل هدف التأهل، ورغم اعتراض الاتحاد الايرلندي على الهدف ومطالبته بإعادة المباراة إلا أن الفيفا رفضت ذلك في الوقت الذي اعترف فيه هنري بأنه لمس الكرة بيده. مطالب ألمانية للاستعانة بالوسائل الفنية لتصحيح أخطاء الحكام يمكن اعتبار الأخطاء التحكيمية فيروسا قد تفشى في جميع أنحاء العالم، حيث لا تخلو أية منافسة كانت دولية، قارية أو إقليمية إلا ونجد أن للأخطاء التحكيمية نصيبا منها، وفي ألمانيا لا يبدو الأمر مختلفا حيث طالبت العديد من الشخصيات النافذة في الاتحاد الألماني بضرورة الاعتماد على وسائل فنية من أجل مساعدة الحكام وتصحيح أخطائهم، خاصة بعد أن عرفت أول جولة في البوندسليغا هذا الموسم جدلا واسعا في المباراة التي جمعت نادي هوفنهايم بضيفه بايرن ميونخ، أين سجل أصحاب الأرض هدفا تجاوز خط المرمى بكثير لكن الحكم رفضه في الوقت الذي بقي حكم الراية يتفرج على اللقطة لينتهي اللقاء بالتعادل السلبي بين الفريقين . بلاتير يقترح إضافة حكام خلف الحراس من جهته رفض الاتحاد الدولي للفيفا على لسان رئيسه بلاتير في وقت سابق إدخال الوسائل الفنية من أجل التحكم في الأخطاء التحكيمية التي عكرت صفو وجمال كرة القدم، حيث دافع بشدة على هؤلاء معتبرا إياهم مجرد بشر يصيبون ويخطئون، لكنه اقترح في نفس الوقت إضافة حكم رابع وخامس لمساعدة هؤلاء تنحصر مهمتهم في تحديد صحة الأهداف وما يجري داخل مربع العمليات، وإلى ذلك ذهب رئيس الاتحاد الأوروبي الفرنسي ميشال بلاتيني الذي أيد الفكرة التي ستقلل من الأخطاء التحكيمية القاتلة، مؤكدا بأن مهمة هؤلاء ستنحصر خلف المرمى لمتابعة الأهداف والتحقق من الأخطاء التي تقع بالقرب من الحراس، وهو ما ينقص الضغط نوعا ما عن حكام الراية . من الميكروفون إلى الكرة الذكية... كرة القدم تتجه نحو "الروبوتيزم" لا شك أن الاتحاد الدولي لكرة القدم يفكر دوما في تطوير كرة القدم، ولا شك أيضا بأن مثل هذه الأخطاء تثقل كاهل هيئة بلاتير، وهي التي تريد دوما أن تجعل من كرة القدم اللعبة الأكثر شعبية وجذبا في العالم، وإذا سلمنا جدلا بأن مثل هذه القرارات المتخذة سليمة كاستعمال الحكام للميكروفون ومشروع الكرة الذكية التي تحمل شريحة تمكن الحكام من معرفة دخولها الشباك من عدمه، فإن الشيء الأكيد الذي يجب أن ننوه إليه هو أن كرة القدم ستفقد الكثير من متعتها وإثارتها، لأنها مجرد لعبة وليست علما دقيقا، وبمثل هذه القرارات سنجد أنفسنا يوما ما أمام رجال آليين، لذا فإذا أراد هؤلاء معالجة هذه الأخطاء فعليهم حماية الحكام والاهتمام بهم أكثر خاصة في إفريقيا، لأن قراراتهم في بعض الأحيان تبدو غير بريئة. ========================= أغرب، أشجع وأطرف مواقف أصحاب البذلة السوداء يبذل الكثير من الحكام قصارى جهدهم من أجل الظهور بمستوى مشرف يبعد عن كل الشبه، لكنهم في الكثير من الأحيان يخطئون من حيث لا يعلمون، وقد شكلت العديد من تصرفاتهم فوق المستطيل الأخضر حديث الجماهير الرياضية، فمنهم من عرف بشجاعته على غرار الإيطالي كولينا الذي رفض في إحدى المباريات إطلاق صافرة البداية بسبب راية حملتها جماهير نادي روما عليها ألفاظ عنصرية في مباراة في البطولة الإيطالية، بينما كان الكثير من الحكام ضحايا تصرفاتهم الغريبة من جهة والطريفة من جهة أخرى، وسنحاول في هذا الموضوع أن نجمع لكم أغرب وأطرف المواقف التي حدثت مع أصحاب البذلة السوداء داخل المستطيل الأخضر، والتي تظهر بوضوح أن الصرامة التي يتحلى بها هؤلاء لن تكون عائقا من أجل ظهورهم في مواقف طريفة على غرار الحكم الذي أوقف المباراة لأكثر من ستة دقائق من أجل الرد على مكالمة هاتفية. حكم نهائي كأس رابطة الأبطال 2006 يرتدي قميص برشلونة تعتبر النزاهة أحد مقومات نجاح الحكام، وإذا كانت الميولات الشخصية شيئا لا يمكن التحكم فيه نظرا لأن الحكم يبقى قبل كل شيء مجرد بشر، فإن إظهار هذه الميولات يؤدي حتما إلى إشعال فتيل النار، وهو ما حدث قبيل نهائي كاس رابطة الأبطال سنة 2006 حين قام احد حكام المباراة النهائية النرويجي أولي هيرمان بورمان بارتداء قميص برشلونة ولم يكتف بذلك بل أخذ به عدة صور، وهو ما استغلته إحدى الصحف المحلية التي نشرت الصور على صفحاتها، حيث أظهرت صحيفة درامن تيدندني الحكم بقميص النادي الإسباني قبيل أيام فقط عن موعد النهائي مما يعتبر إزهاقا لروح النزاهة، وفي الوقت الذي رفض فيه نادي أرسنال التعقيب على الحادثة شنت الصحف الإنجليزية حربا على الحكم متهمة إياه بالتحيز الفاضح للبارصا، بينما اعترف المعني بارتكابه لحماقة غير مقصودة لكنه أكد في نفس الوقت بأن ذلك لا يمكن أن يشكك في نزاهته . يتخلف عن جنازة إبنه من أجل إدارة مباراة ودية من السهل أن ننتقد حكم مباراة من أجل خطأ ارتكبه رغم أن الخطأ في بعض الأحيان يكون مكلفا، لكننا في المقابل نقدر أصحاب البذلة السوداء الذين يتميزون في بعض الأحيان بمواقف جد شجاعة يقف المرء عندها مشدوها، وهو ما حصل للحكم السويسري "باونش" الذي تجرد من كل مشاعر العاطفة والإنسانية وتخلف عن جنازة ابنه من أجل إدارة مباراة ودية، وتعود وقائع القصة إلى سنة 1942 حين توفي ابن الحكم صاحب العشر سنوات غرقا في حوض سباحة، وفي يوم دفنه كان باونش مكلفا بإدارة مباراة ودية بين منتخبي إنجلترا وإيطاليا، مما جعله يتخلف عن جنازة ولده وتحكيم المباراة التي أدارها بامتياز وانتهت بنتيجة (4/0) لصالح الطليان، لكن زوجته طلبت الانفصال عنه مفضلة الطلاق ومتهمة إياه بعدم الإنسانية وهو ما حدث فعلا، لكن باونش أضحى فيما بعد مثالا حيا فيما يخص شجاعة الحكام وتحمل المسئولية . حكم برازيلي يشهر البطاقة الحمراء في وجه فريق بأكمله وفي بلاد السامبا أين تعتبر كرة القدم بمثابة المسكن لشعب البرازيل حدث ما لم يكن في الحسبان، حيث دخل أحد حكام البطولة المحلية كتاب غينيس للأرقام القياسية والقرارات الشجاعة بعد أن قام بطرد فريق بأكمله نظرا لإحتجاج هذا الأخير، ففي مباراة ضمن بطولة " كاريوكا" جمعت بين النادي المحلي " بانغو" وضيفه " أولاريا " وبعد أن كانت النتيجة متعادلة سلبا بين الفريقين، وقبل دقائق فقط عن نهايتها احتسب الحكم ركلة جزاء لأصحاب الأرض مشكوك في صحتها، وهو ما أثار حفيظة الفريق الضيف، وجعل لاعبيه يحتجون بشدة لكن الحكم أصر على قراره، وبعد أخذ ورد اهتدى لاعبو " أولاريا" إلى خطة جهنمية من أجل إرباك الحكم، حيث عمد جميع اللاعبين إلى الوقوف عند نقط الجزاء من أجل منع اللاعب من تنفيذها، فما كان من الحكم إلا أن استدعى قائد الفريق ليبلغه بأن الفريق كله مطرود، ليصفر بعدها نهاية المباراة بفوز أصحاب الأرض. وآخر يدير مباراة في سن الثمانين ولم تقتصر الشجاعة عند الحكام في طرد اللاعبين فقط بل تعدته إلى شيء آخر أكثر غرابة، فإذا كان السن المتوسط لحكام كرة القدم بين الثلاثين والخمسين سنة، فإن الفيفا تضع حاجز 45 سنة كأعلى سن قانوني للحكام من أجل إدارة المباريات الدولية، لكن الحكم المجري جوزيف ماجيا شذ عن القاعدة، وواصل مهمته كحكم طيلة 50 سنة من العطاء، في الفترة الممتدة ما بين 1953 و2003، وكان تاريخ 09/03/2003 شاهدا على الرجل الذي أدار مباراته الأخيرة في حياته بمدينة سيتكي المجرية، لكن الغريب في الأمر أن الحكم كان عمره آنذاك ثمانون سنة، ليصيح بذلك أكبر حكم يدير مباراة في تاريخ كرة القدم، ويحظى بلقب أشجع حكم في تاريخ كرة القدم رغم كل العراقيل التي يواجهها أصحاب البدلة السوداء . حكم فرنسي لم يصافح أي أحد طيلة مشواره التحكيمي قد يظهر بعض الحكام حزمهم وشدتهم مع اللاعبين على المستطيل الأخضر من اجل السيطرة على المباراة فهذا أمر جد وارد، ولكن أن يصل الأمر إلى خارج الملعب فهذه قضية أخرى، وهنا يمكننا الحديث عن حالة خاصة وقضية جد شاذة كان بطلها الحكم الفرنسي إيمانويل روغي الذي رفض مصافحة أي شخص كان سواء لاعبا أو مدربا داخل الملعب أو خارجه، وطوال الفترة التي شغل فيها روغي سلك التحكيم على مدار إحدى عشرة سنة ما بين 1962 و1973 كان الحكم يتحاشى مصافحة الجميع، وظل مصرا على ذلك مؤكدا بأن فلسفته في الحياة استدعت ذلك، ومرجعا السبب إلى كونه ينتمي إلى سلك العدالة، هذا الأخير الذي يبقى حسب رأيه مطالبا بالإنصاف والمساواة بين الجميع، حيث علق على الأمر بمزحة حين صرح في إحدى المرات قائلا : "العدالة لا تصافح أي أحد". يطرد لاعبا لأنه رفع البطاقة الصفراء في وجهه قد نراها نحن طرفة وقد يعتبرها أصحاب البذلة السوداء قوانين تحميهم من بطش اللاعبين خلال المباريات خاصة منها المصيرية، هي تصرفات الحكام التي تبدو غريبة وطريفة في نفس الوقت نظرا لكونها عفوية، ففي مباراة جمعت بين نادي بوتافوغو البرازيلي بضيفه إستوديانتيس الأرجنتيني قام اللاعب البرازيلي للنادي المحلي أندري لويس بتدخل خشن على لاعب الفريق الخصم وهو ما أثار حفيظة قائد النادي الأرجنتيني خوان سباستيان فيرون الذي ثأر لزميله بالاعتداء على أندري الذي تلقى بطاقة صفراء بسبب اشتباكه معه، وفي تلك اللحظة خطف اللاعب البطاقة من الحكم وأشهرها في وجه متهما إياه بالانحياز إلى فيرون الذي لم يتلق أي إنذار، وهو ما جعل الحكم يتنرفز بشدة ليستعيد بعدها "الكارت" الأصفر ويشهره مجددا في وجه المهاجم، مما يعني خروجه بالبطاقة الحمراء، لتبقى هذه الحادثة من أطرف الحوادث التي حصلت مع الحكام. وآخر يطرد نفسه من كثرة الاحتجاجات وإذا كان الحكم يتصرف بعقلانية كبيرة حفاظا على الهدوء والسير الحسن للمباراة، فإنه في بعض الأحيان يفقد أعصابه إذا كانت الظروف المحيطة بالمباراة لا تساعد على ذلك، وهو مع حصل مع أحد الحكام في البطولة الانجليزية للهواة منذ موسمين، حيث بدت المباراة منذ بدايتها بأنها لن تكتمل في أحسن الأحوال بسبب التدخلات الخشنة من عناصر الفريقين، وهو ما أدى إلى كثرة الاحتجاجات التي أثقلت كاهل الحكم الذي بدأ يفقد صوابه مع مرور الوقت، ورغم الإنذارات الكثيرة التي وجهها إلا أن ذلك لم يشفع له من أجل تهدئة الأمور، وهو ما دفعه إلى مغادرة الملعب قبل نهاية المباراة، حيث رفع البطاقة الحمراء في وجهه وطرد نفسه من الملعب أمام دهشة اللاعبين والجمهور الحاضر في الملعب، وهي الحالة الوحيدة التي شهدت طرد الحكم لنفسه. بوساكا متهم بالتبول على أرض الملعب أثناء المباراة من اغرب ما وقع للحكام كان بطله الحكم الدولي المعروف السويسري ماسيمو بوساكا الذي سبق له وأن أدار العديد من المباريات في كاس العالم 2006، كما أنه قاد بامتياز نهائي كاس رابطة الأبطال في نسختها الأخيرة بين نادي مانشستر وبرشلونة، حيث ثبت تبوله على ارض الملعب (أكرمكم الله) في المباراة التي جمعت الغرافة والخور ضمن البطولة القطرية الممتازة، حيث تحدث اللاعب داغانو إلى التلفزيون القطري مؤكدا الحادثة، كما أظهرت الفيديوهات التي نشرت عبر اليوتوب صحتها، غير أن الاتحاد القطري برأ الحكم من فعلته لعدم توفر الدليل القاطع الذي يدين هذا الاتهام، لكن اعتراف بوساكا مؤخرا لصحيفة " لوفيغارو" بأنه فعلا قام بذلك نظرا لمعاناته من مشاكل صحية كبيرة جعل الاتحاد القطري في وضع حرج وهو الذي قام بمعاقبة اللاعب بدل الحكم. يوقف مباراة من أجل التحدث في الهاتف النقال طرائف الحكام لا تنتهي عبر ملاعب العالم، لكنها تختلف من شخص إلى آخر ومن حالة إلى أخرى، غير أن ما جرى بمدينة دراما اليونانية يمكننا تصنيفه في خانة "الطريف جدا"، فقد وقعت في إحدى مباريات القسم الممتاز حادثة غريبة، كان بطلها حكم المباراة الذي لم يتوان عن توقيف المباراة ليخرج هاتفه المحمول ويرد على مكالمة خارجية، والغريب في الأمر أن المكالمة استغرقت أكثر من ستة دقائق وسط دهشة اللاعبين والجماهير التي حضرت المباراة، ليأمر بعدها باستئناف اللعب كان شيئا لم يحدث، ليصرح عقب نهاية اللقاء أنه فعل ذلك احتجاجا على تعرض زميل له إلى الضرب على أيدي مشجعين متعصبين، وواصل الحكم تصرفاته الغريبة عندما قام بإهداء البطاقة الصفراء والحمراء إلى صديقين له، بينما أعطى الصفارة إلى أحد المشجعين الذين كان يجلس بالقرب من الملعب. يتعرض إلى الضرب من طرف شيخ بسبب كثرة أخطائه ومن أطرف ما وقع للحكام أيضا هو ما جرى على ملعب بنفيكا في اللقاء الكبير ومواجهة الديربي بين عملاقي الكرة البرتغالية بين بورتو وبنفيكا، حيث كان الحكم المساعد خارج النص بسبب كثرة إعلانه عن التسلسلات الوهمية التي أثارت حفيظة المشجعين وغضبهم مما جعلهم ينعتونه بشتى أنواع الشتائم والألفاظ القبيحة، لكن شيخا طاعنا في السن كان الأكثر جرأة بين هؤلاء حيث لم يتمالك نفسه واستغل غياب الأمن من البوابة التي أمامه ليدخل إلى الملعب وينهال ضربا على الحكم، ثم يخرج في هدوء كأن شيئا لم يحدث، أمام صدمة الحكم الذي رفض مواصلة المباراة ودهشة الجمهور، ليتم فيما بعد اعتقال هذا الشيخ. الحكم الإسباني الذي تحول إلى مهرب للمخدرات شر البلية ما يضحك هو أحسن مثل ينطبق على الحكم الإسباني السابق إدواردو بيريز أزكييردو الذي تقاعد بنهاية موسم 2002/2003، الحكم الذي صال وجال في مختلف الملاعب الإسبانية والأوربية تحول في وقت قصير من حاكم إلى محكوم عليه بعد أن ثبت تورطه في قضية تهريب لكمية معتبرة من مادة الكوكايين، حيث تم إلقاء القبض عليه مؤخرا وتحويله إلى السجن بتهمة تزعم عصابة تهريب للمخدرات بمدينة بيلباو داخل إقليم الباسك، الحكم السابق الذي سبق وأن أدار العديد من مباريات الليغا تم اعتقاله في مطار باراخاس، حيث وبعد جهد جهيد من أعضاء وحدة مكافحة المخدرات تبين أن المعني يترأس عصابة تنشط في بوليفيا أين تقتني كميات هائلة من مادة الكوكايين، ليتم ترويجها فيما بعد داخل الأراضي الإسبانية عبر وسائل مختلفة.