صلاة التراويح "سُنة" لا ينبغي تركها ودليل ذلك حديث عائشة رضي الله عنها (المتفق عليه)، واللفظ لمسلم: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد ذات ليلة فصلى بصلاته أناس ثم صلى في القابلة فكثر الناس، ثم اجتمعوا من الثالثة أو الرابعة فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أصبح قال: "قد رأيتُ الذي صنعتم فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكم"، حيث علل النبي صلى الله عليه وسلم تأخره عنها بخوف فرضيتها على هذه الأمة. أما عدد ركعاتها فأفضله ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يحافظ عليه، وهي إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة، وقد ثبت في (صحيح البخاري) أن عائشة رضي الله عنها سُئلت كيف كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان؟ فقالت: "ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة"، فهذا العدد هو أفضل ما تصلى به التراويح، أو ثلاث عشرة ركعة كما يدل عليه حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى من الليل ثلاث عشرة ركعة. ولكن لو صلاها الإنسان ثلاث وعشرين ركعة فإنه لا ينكر عليه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحدد صلاة الليل بعدد معين، بل سُئل كما في (صحيح البخاري) عن ابن عمر رضي الله عنهما عن صلاة الليل ما ترى فيها؟ فقال: "صلاة الليل مثنى، مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى واحدة فأوترت له ما صلى"، فبين النبي صلى الله عليه وسلم أنها مثنى مثنى، ولم يحدد العدد، ولو كان العدد واجباً بشيء معين لبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فلا ينكر على من صلاها ثلاث وعشرين ركعة. ولكن الذي ينكر ما يفعله بعض الأئمة -هدانا الله وإياهم- من السرعة العظيمة في الركوع، والقيام بعد الركوع، والسجود، والجلسة بين السجدتين، والتشهد، فإن بعض الأئمة يسرعون في هذه الأركان إسراعاً عظيماً يمنع كثيراً من المصلين خلفهم من القيام بواجب الطمأنينة، فضلاً عن القيام بالمستحب، وقد ذكر أهل العلم أنه يُكره للإمام أن يسرع سرعة تمنع بعض المأمومين، من فعل ما يسن، فكيف بمن أسرع سرعة تمنع بعض المأمومين أو أكثرهم من فعل ما يجب؟! وهذه لا شك أنها مُحرمة، وأنها خلاف أداء الأمانة التي أؤتمن الإمام عليها. فإنه لو لم يكن إماماً لقلنا لا حرج أن تصلي صلاة تقتصر فيها على الواجب ولكن إذا كنت إماماً فإنه يجب عليك أن تراعي المأمومين، وأن تصلي فيهم أفضل صلاة، تمكنهم من مراعاة فعل الواجب والمستحب فيها، وأرجو أن يفهم إخواني الأئمة أنه ليس المقصود سرد عدد الركعات، وإنما المقصود التطوع لله بفعل هذه العبادة، والخشوع فيها وأدائها على وجه الطمأنينة، وإن ركعتين يطمئن الإنسان فيها خير من عشرين لا يطمئن فيها، بل قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للذي لم يطمئن في صلاته: "ارجع فصل فإنك لم تصل".