قد يعتقد كثيرون أن المهمة في ملعب مصطفى تشاكر بالبليدة ستكون سهلة، وأن تدارك الهدف الوحيد الذي تخلف به منتخبنا في "واڤادوڤو" سيكون أسهل للوصول إلى "مونديال" البرازيل كذلك، بل بالعكس... فإن المهمة لن تكون كذلك، إن واصل البوسني "وحيد حليلوزيتش" اعتماده دوما على العناصر نفسها أو إن كرر ما فعله في مباراة الذهاب أمام بوركينافاسو عندما دفع بتشكيلة لم تبل البلاء الحسنولو أنها وصلت إلى مرمى المنافس في مناسبتين. لأن البوسني يومها، وبشهادة أهل الإختصاص، فرّط في أوراق مربحة كان بإمكانها أن تجعل الجزائر تعود غانمة إلى الديار بالنقاط الثلاث، ووظف أخرى خاسرة لم تقدم الكثير خلال اللقاء وكانت بمثابة الحلقة الأضعف في المباراة على الإطلاق. وهو "السيناريو" الذي نأمل ألا يتكرر في مباراة العودة بعقر الديار لتفادي أي مفاجأة غير سارة من منافس يجيد اللعب بعيدا عن معاقله، ويجيد التفاوض في ملاعب مضيفيه. لحسن، ڤديورة، غلام، جابو وبراهيمي أوراق مربحة كان لا بد من تواجدها وبلفوضيل أيضا كثيرة هي الأوراق المربحة التي فرّط فيها "حليلوزيتش" أمام بوركينافاسو. ومن حسن حظنا أن فارق الخسارة غير المستحقة التي مني بها منتخبنا لم يتعد الهدف الواحد. ومن حسن حظنا أيضا أن المنافس لم يكن من طينة "الفيلة" الإيفوارية ولا "برازيلي إفريقيا" منتخب غانا، بل كان منافسا متواضعا وصل مرمانا بأخطاء فردية من لاعبينا وأخر من حكام منحازين له. ولكم أن تتصوروا كيف يكون شكل منتخبنا لو أن البوسني استفاد من البداية من لحسن وڤديورة في وسط الميدان الدفاعي، وكيف يكون شكل الأداء الهجومي في المرحلة الثانية لو أنه استنجد بمن أجبرهم على المكوث في الإحتياط كبراهيمي وجابو، واستنجد بعودية ولم يقص بلفوضيل من حساباته، أكيد أن منتخبنا كان سيعود غانما بزاد اللقاء كاملا إلى عقر الديار. مجاني في المحور أفضل ومهدي مصطفى يثير الشفقة والظاهر أن البوسني لم يحسبها جيّدا في مباراة بوركينافاسو، لأن لاعبا كمجاني، وعلى تعوّده من حين لآخر على اللعب في وسط الميدان الدفاعي، إلا أن تواجده في محور الدفاع إلى جانب بوڤرة كان يبدو أفضل وأكثر أمانا لدفاع منتخبنا، لأن مدافع "أولمبياكوس" اليوناني غالبا ما تألق وأدى مباريات كبيرة في المحور منذ أن بات أساسيا في تعداد "حليلوزيتش". ومقابل تفريطه في ورقة مربحة بمحور الدفاع وتوظيفها في وسط الميدان، وظف البوسني ورقة خاسرة على الجهة اليمنى من الدفاع، وتتعلق هذه الورقة بمهدي مصطفى الذي بات تواجده في دفاع "الخضر" لا يسمن ولا يغني من جوع. بل أنه بات عبئا ثقيلا على هذا الدفاع. وكان البوسني قال في مهدي مصطفي يوما ما: "هو لاعب لا يتمتع بفنيات كبيرة لكني أنام مطمئنا لتواجده في الدفاع"، وهو كلام يناقض ما يقوم به مهدي مصطفى على الميدان، لأنه كان ظلا لنفسه في لقاء بوركينافاسو، فلا جهته اليمنى التي أتت منها تقريبا كل أهداف المنافس كانت آمنة، ولا تلك الجهة هجوميا أتت منها توزيعات وهجمات خطيرة لمهاجمينا. مصباح صاحب الخبرة صحيح لكن غلام صاحب الخفة ولا حرج إن وجهنا الإنتقاد للجهة اليسرى من الدفاع أيضا، وهي الجهة التي يشغلها مصباح الذي يعترف الجميع بدوره على الميدان. ويقر الجميع أيضا بأن خبرة مصباح تفيد كثيرا "الخضر" في مثل هذه المواعيد المهمة، غير أن هذه الجهة باتت في حاجة إلى حيوية غابت عنها منذ اعتزال ندير بلحاج. ولاعب مثل غلام يبدو قادرا على تأدية هذا الدور وهو الذي لم تمنح له الفرصة مع "حليلوزيتش" سوى نادرا. يبدة أعطى للمنتخب لكنه كان حاضرا غائبا على الميدان ولا يختلف إثنان في أن حسان يبدة كان هو أيضا إحدى أضعف حلقات منتخبنا في لقاء بوركينافاسو. فهذا اللاعب العائد من إصابة خطيرة أثبت أنه بعيد كل البعد عن المستوى الذي عهدناه منه سابقا قبل أن يصاب. ودون زج العواطف والعودة للوراء والتأكيد على أنه قدم لمنتخبنا وساعده على وصوله إلى "مونديال 2010"، فإن توظيف لحسن وڤديورة إلى جانب تايدر في وسط الميدان كان أفضل من توظيف يبدة ومجاني إلى جانب وسط ميدان إنتر ميلان. لأن لحسن وڤديورة أفضل لياقة من يبدة في الوقت الراهن، وكان بوسعهما أن يقطعا كل شيء عن لاعبي بوركينافاسو في الوسط. وكان سوء تقدير البوسني لهذه النقطة، إحدى أكبر الهفوات التي ارتكبها في المباراة. هجوميا...ما كان البوسني ليخسر شيئا لو دفع ببراهيمي وعودية أما هجوميا وإن كان البوسني قد وظف أفضل ثلاثة عناصر بحوزته هم الهدافون الثلاثة الأوائل سوداني، سليماني وفغولي، إلا أن هجوم منتخبنا كان في حاجة إلى نفس جديد في المرحلة الثانية. لأن سوداني، مثلا، أنهكه التعب والدفع حينها ببراهيمي أو جابو كان أفضل، لا سيما وأن الظهير الأيمن لبوركينافاسو كوفي كان ضعيفا جدّا ورواقه الأيمن كان من السهل اختراقه. وحتى سليماني أنهكه التعب في آخر أنفاس اللقاء والدفع بعودية القوي بدنيا كان سيقلب المباراة رأسا على عقب لصالح منتخبنا. غير أن البوسني، ومثلما لم يحسبها جيدا في خياراته الأساسية، لم يحسبها جيدا أيضا في تغييراته ففضل أن يغلق اللعب بالدفع بڤديورة ولحسن وتخوّف من المغامرة هجوميا. أخطاء من الضروري تفاديها في لقاء العودة لتفادي أي مفاجأة غير سارة وعلى البوسني أن يعيد حساباته من الآن تحسبا لمباراة العودة التي ستكون الجزائر مسرحا لها بعد شهر من الآن، لأن مصير الجزائر في التواجد بالمونديال لثاني مرة على التوالي ورابع مرة ككل مرتبط ب "90 دقيقة" التي تنتظره على ملعب تشاكر في مباراة لا بد أن يوظف فيها "حليلوزيتش" أفضل ما لديه من عناصر. مباراة عليه أن يظهر فيها دهاءه التكتيكي الذي لطالما تحدثنا عنه منذ قدومه، وذلك باختيار تركيبة مثلى من حارس المرمى إلى آخر عنصر، وأفضل خطة تكتيكية، مع القيام بالتغييرات المناسبة وفي الوقت المناسب أيضا، وعدم التفريط في أوراق مربحة قادرة على خلق الفارق في أي لحظة في صورة براهيمي، جابو، عودية وحتى بلفوضيل الذي من الضروري استدعاؤه لاحقا.