كلف أمس الرئيس بوتفليقة، الوزير الأول السابق، عبد المالك سلال، بتشكيل حكومة جديدة خلفا للوزير الأول بالنيابة، يوسف يوسفي، الذي تولى هذا المنصب قبل الانتخابات الرئاسية، بعدما عين سلال على رأس مديرية الحملة الانتخابية للمرشح عبد العزيز بوتفليقة وجاء في بيان لرئاسة الجمهورية، مباشرة بعد أداء الرئيس لليمين الدستورية: "طبقا لأحكام المادة 77 الفقرة 5 من الدستور، أنهى رئيس الجمهورية مهام الوزير الأول بالنيابة التي كانيتولاها السيد يوسف يوسفي"، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الرسمية. وينتظر أن يشرع سلال في مشاورات مع الأحزاب السياسية التي دعمت ترشح بوتفليقة لعهدة رابعة، وهي حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وحزب الحركة الشعبية التي يقودها وزير الصناعة وترقية الاستثمار، عمارة بن يونس، ورئيس حزب تجمع أمل الجزائر، وزير النقل عمار غول، من أجل تشكيل الحكومة الجديدة. وبهذا يكون عبد المالك سلال قد كلف للمرة الثالثة بقيادة الجهاز التنفيذي، وهي مهمة لم تسند في عهد الرئيس بوتفليقة إلا إلى شخصية واحدة، ممثلة في الأمين العام السابق للتجمع الوطني الديمقراطي، أحمد أويحيى، المعيّن قبل أسابيع وزير دولة رئيسا للديوان برئاسة الجمهورية. ويرى متابعون أن إعادة تكليف عبد المالك سلال، لقيادة الجهاز التنفيذي، إنما يكرس حرص صناع القرار على إرساء مبدإ التوازن الجهوي في تولي المسؤوليات في هرم الدولة، إذيعتبر سلال ابن الجهة الشرقية باعتباره من مواليد قسنطينة، فضلا عن جذوره الممتدة إلى منطقة القبائل، ما يوسع من دائرة تمثيله، فيما ينتظر أن تكشف تشكيلة الحكومة المرتقبة،ما إذا كان هذا المبدأ قد تم مراعاته في اختيار أسماء الوزراء. ويعتبر تكليف سلال تكريما له على الجهود التي بذلها على رأس الدولة في وقت جد حساس، إثر تعرض الرئيس بوتفليقة لأزمة صحية، أبعدته عن البلاد لما يقارب الثلاثة أشهر قضاها يعالج بمستشفى فال دو غراس العسكري الباريسي، قبل أن يقضي فترة نقاهة طويلة قاربت السنة، وهي فترة بدا فيها سلال وكأنه القائم بشؤون الدولة. ويرى متابعون أن "زلات" سلال خلال تنشيطه للحملة، لم تؤثر في مكانته في ميزان بوتفليقة، فيما يرى آخرون، أن خصوصية سلال التكنوقراطية، ودرجة القبول التي يُحظى بها لدى "صناع القرار"، حافظت على أسهمه كرجل مرحلة لا بدّ منه. وإلى جانب تسييره لمهامه كوزير أول، ظهر سلال ك "خليفة" للرئيس بوتفليقة في إدارة شؤون الدولة، حيث ناب عنه داخليا وخارجيا بتمثيله في عديد المهمات الرسمية والمناسبات الدولية. كما خلف سلال، لأول مرة، بالنسبة إلى سابقيه على رأس الحكومات، نيابة رئيس الجمهورية في زيارات التفقد والتفتيش التي دأب بوتفليقة على القيام بها شخصيا قبل تعرض للوعكة الصحية، سنة تقريبا عن موعد الرئاسيات الأخيرة، وهي المهمة التيدفعت بمراقبين إلى الاعتقاد بأن سلال كان خليفة محتملا للرئيس بوتفليقة، في حال قرر عدم الترشح لعهدة رابعة. ولأول مرة، يتكفل مدير حملة انتخابية، ووزير أول، بإدارة الحملة الانتخابية لصالح الرئيس المعاد انتخابه، ما اضطره إلى مغادرة منصبه الرسمي لأكثر من شهر، قبل أن يجدد أمس الرئيس الثقة في مدير حملته الانتخابية، فهل سيحافظ سلال على أبرز الوزراء، أم أن المرحلة تقتضي تغييرا للكثير من الوجوه، خاصة في ظل تنامي مطالب المعارضة بحتمية إشراكها في أيّ تغيير أو إصلاحات؟
أيّ تغيير سيوقعه بوتفليقة على الجهاز التنفيذي؟ ملفات خطيرة تنتظر حكومة سلال الثالثة انتهت معركة الانتخابات الرئاسية لصالح بوتفيلقة، رغم تسجيل نسبة كبيرة للمقاطعة،وانتهت معها خطوة أداء اليمين الدستورية بالطريقة التي شاهدها الجميع، والتي أعطت إذانا بانطلاق عداد العهدة الرابعة، يبقى أمام الرئيس بوتفليقة ملفات كثيرة لا تقل أهمية والعديد من الوعود التي أطلقها ممثلوه خلال الحملة الانتخابية تنتظر التجسيد على أرض الواقع خلال الخمس سنوات المقبلة. تتجه أنظار الجزائريين نحو تشكيل الحكومة الجديدة بعد تجديد الثقة في سلال، حيث يتساءل كثيرون عما إذا كان الرئيس سيفي بوعد تسليم المشعل للشباب، من خلال "ترحيل"الوجوه القديمة خاصة تلك التي عمرت لأكثر من عقد في الحكومة، وأصبح بعضها محل سخط واستياء شعبي، في وقت يطالب الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عمار سعداني بحق الآفلان في تشكيل الحكومة بحكم الأغلبية العددية التي يتمتع بها في البرلمان بغرفتيه، أم أن بوتفليقة سيجدد الثقة في نفس الوجوه التي صنعت المشهد ويؤجل بذلك تغيير الواجهة إلى أجل غير مسمى؟ وتشكل "الإصلاحات" السياسية التي أعلن عنها الرئيس بوتفليقة في حفل أداء اليمين الدستورية، وقبله مدير حملته الانتخابية عبد المالك سلال، وفي مقدمتها الدستور"التوافقي" من بين الرهانات الأساسية التي يعول عليها بوتفيلقة خلال العهدة الرئاسية الحالية، والذي وعد من خلاله بتجسيد مبدإ الفصل بين السلطات، وضمان حرية الإعلام وحق الممارسة السياسية. أما بالنسبة إلى إمكانية استحداث منصب نائب للرئيس فتبقى قائمة في ظل الوضع الصحي لبوتفليقة برأي مراقبين. ولا يقل الرهان الاقتصادي أهمية خلال الخمس سنوات المقبلة ضمن إطار الاستمرارية التي وعد بها بوتفليقة رفقة ممثليه خلال الحملة، أي مواصلة تجسيد المشاريع الكبرى فيمجال التنمية، والحديث عن تحريك الآلة الاقتصادية، والتي ترتبط أيضا بالاهتمام بالمشاكل الكثيرة التي يعاني منها السواد الأعظم من الجزائريين خاصة في مجالات التشغيل والسكن،حيث وعد سلال بالقضاء على أزمة السكن نهائيا مع مطلع 2019، كما وعد بصيغة جديدة لسكن لكل طالب جامعي يتخرج من الجامعة، إضافة إلى نظام تشغيل جديديسمح لهم بالتوظيف مباشرة، مع تطوير آليات التشغيل "كناك" و"أنساج"، مع الوعد"الأكبر" المتمثل في إلغاء المادة 87 مكرر من قانون العمل، ولكن ذلك لن يكون سهلا فيظل التراجع المستمر لأسعار النفط وزحف الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية التي قد تصل آثارها إلى الجزائر آجلا أم عاجلا. ومن بين الملفات أيضا مواصلة "مكافحة الفساد"، هذا الملف الذي أصبح من أكبر التحدّيات بعد أن اتخذ صبغة العالمية، خاصة بالنسبة إلى قضايا كسوناطراك 2 وكذا الخليفة الذي تم تسليمه من طرف بريطانيا.علاوة على مواصلة محاربة كافّة أشكال البيروقراطية والرّشوة.
سعداني: سلال باق و20 وزيرا سيشملهم التعديل الحكومي أفاد الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عمار سعداني، بأن عبد المالك سلال باق على رأس الحكومة، معلنا عن موافقة الأفلان على هذا القرار الذي اتخذه الرئيس، موضحا بأن التغيير الحكومي سيشمل حوالي 20 حقيبة وزارية، ملمحا إلى أن الحزب العتيد سيكون له نصيب هام في الحكومة المقبلة، مقللا من مساعي قياديين في الأفلان الذين يطمحون إلى إعادة الأمين العام السابق عبد العزيز بلخادم إلى الواجهة، مكتفيا بالقول بأن الطموح من حق الجميع، غير ان أشغال الدورة المقبلة للجنة المركزية ستكون عادية جدا.