الحمدلله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد والصلاة والسلام على خير من قرأ القرآن وركع وسجد و أصحابهم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين جميعنا أهل آمال وطموحات ورغبات وأمنيات نسعى لتحقيقها بكل وسيلة ممكنة وبكل الطرق المتوفرة ,فمن منا لا يرغب في مسكن مريح واسع الأطراف ! ومن منا لا يرغب في وظيفة مرموقة بدخل طيب تكفيه مؤنة الحياة ! ومن منا لا يرغب في حياة هادئة رقيقة المشعر والمسكن والأهل ! ومن منا لا يرغب في السفر وزيادة الرزق وبركته والشهادات العليا ! قال قتادة - رحمه الله - : \" إن القرآن يدلكم على دائكم و دوائكم أما داؤكم فالذنوب و أما دواؤكم فالاستغفار و قال علي - رضي الله عنه - : \" العجب ممن يهلك و معه النجاة قيل : و ما هي ؟ قال الاستغفار \" . و كان - رضي الله عنه - يقول ما ألهم الله - سبحانه و تعالى - عبداً الاستغفار و هو يريد أن يعذبه \" . و يروى عن لقمان - عليه السلام - أنه قال لابنه : \" يا بني إن لله ساعات لا يرد فيها سائلاً فأكثر من الاستغفار \" . و عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : \" طوبى لمن وجد في صحيفته استغفاراً كثيراً \" و قال أبو المنهال : \" ما جاور عبد في قبره من جارٍ أحب من الاستغفار \" . و كان الحسن البصري يقول : \" أكثروا من الاستغفار في بيوتكم , وعلى موائدكم و في طرقكم و في أسواقكم و في مجالسكم فإنكم لا تدرون متى تنزل المغفرة ؟ \" و قال ابن تيمية - رحمه الله - : \" إنه ليقف خاطري في المسألة التي تشكل عليّ فاستغفر الله ألف مرة حتى ينشرح الصدر و ينحل إشكال ما أشكل , و قد أكون في السوق أو المسجد أو المدرسة لا يمنعني ذلك من الذكر و الاستغفار إلى أن أنال مطلوبي \" إخواني وأخواتي إن للاستغفار أثار عديدة لا حصر لها ففيها استجابة لأمر ربكم عزوجل: ( فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ ) و قوله تعالى : ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ ) وهو سبب لجلب الرزق وبركته (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ) يقول القرطبي – رحمة الله تعالى - : \" في الآيات دليل على أن الاستغفار يُستنزل به الرزق و الأمطار , و يقول الحافظ ابن كثير رحمة الله – في تفسيره :\" أي إذا تبتم إلى الله و استغفرتموه و أطعتموه كثر الرزق عليكم و أسقاكم من بركات السماء و أخرج لكم من بركات الأرض , و أنبت لكم الزرع , و أدر لكم الضرع و جعل لكم جنات فيها أنواع الأنهار و خللها بالأنهار الجارية بينها \" . وهو سبب في جلب المتاع الحسن (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً) والمتاع الحسن كلمة عامة لكل متاع طيب مبارك في الدنيا من سعة في المال ورغد العيش وحلاوته واستقرار البال والحال . والاستغفار سبب في دفع العذاب والعكس صحيح فالله عزوجل ربط سعادة الفرد بالاستغفار (\"وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) والاستغفار سبب في تفريج الهم والضيق في الحديث الصحيح : ( من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب ). وذكر العلماء فضائل عدة لملازمة الاستغفار : 1 – أنه سبب لمغفرة الذنوب: ( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراًا ) [نوح:10]. 2 – الإمداد بالأموال والبنين ( وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ) [نوح:12]. 3 – دخول الجنات ( وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ ) [نوح:12]. 4 – زيادة القوة بكل معانيها ( وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ ) [هود:52]. 5 – دفع البلاء ( وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) [الأنفال:33]. 6 – وهو سبب لإيتاء كل ذي فضل فضله ( وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ) [هود:3]. 7 – العباد أحوج ما يكونون إلى الاستغفار، لأنهم يخطئون بالليل والنهار، فاذا استغفروا الله غفر الله لهم. 8 – الاستغفار سبب لنزول الرحمة ( لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) [النمل:46]. 9 – وهو كفارة للمجلس. 10 – وهو تأسٍ بالنبي ؛ لأنه كان يستغفر الله في المجلس الواحد سبعين مرة، وفي رواية: مائة مرة. ومن اللطائف كان بعض المعاصرين عقيماً لا يولد له وقد عجز الأطباء عن علاجه وبارت الأدوية فيه فسأل أحد العلماء فقال: عليكم بكثرة الاستغفار صباح مساء فإن الله قال عن المستغفرين {وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ}[نوح :12]. فأكثر هذا الرجل من الاستغفار وداوم عليهن فرزقه الله الذرية الصالحة.