ما لم يتمكن البرتغالي جوزي مورينيو من الحصول عليه طوال ثلاثة مواسم قضاها على رأس القيادة الفنية لنادي ريال مدريد الإسباني، حققه الإيطالي كارلو أنشيلوتي المدرب الحالي للفريق الملكي في عام واحد ليرسل سلفه إلى غياهب النسيان ... وكان مورينيو شاهدا على الانجاز التاريخي الذي حققه فريقه السابق على ملعب النور في لشبونة بعد أن فاز في مباراة الحلم على جاره أتلتيكو مدريد 4/1، ليتوج بلقب بطولة دوري أبطال أوروبا، والتي فشل في تحقيقها المدير الفني البرتغالي طوال ثلاثة أعوام متتالية مع زعيم القارة الأوروبية. وتمكن أنشيلوتي في الموسم الأول له مع ريال مدريد من الفوز بلقب بطولة دوري أبطال أوروبا للمرة العاشرة في تاريخ النادي الملكي والأولى له خلال الاثني عشر عاما الأخيرة، بعد أن اعتاد على الخروج من الدور قبل النهائي للبطولة تحت قيادة مورينيو في الأعوام الماضية. ولا يستطيع أحد أن ينكر الانجاز التاريخي الذي حققه أنشيلوتي في البطولة الأوروبية الأشهر، حيث توج بلقبها خمس مرات بواقع مرتين كلاعب وثلاث مرات أخرى كمدرب. ويعتبر التتويج الأخير هو الأغلى في تاريخ المدير الفني الإيطالي نظرا لطول الفترة التي غاب فيها ريال مدريد عن منصات التتويج في هذه البطولة، ليأتي أنشيلوتي ويقتنص اللقب في هدوء بعيدا عن الصخب الذي أحدثه مورينيو في الثلاث سنوات الأخيرة. ويعد ما حدث أثناء المؤتمر الصحفي عقب المباراة مثال جلي على ما أصبح عليه أنشيلوتي اليوم داخل ريال مدريد، فبينما كان يتحدث المدير الفني لوسائل الإعلام مكتسيا بملامح جامدة اندفع بعض لاعبي الفريق إلى قاعة المؤتمر ينشدون الأغنية الأشهر لعاشقي النادي المدريدي "كيف لا أحبك". وتجاوب أنشيلوتي مع غناء لاعبيه بنقر الطاولة التي كان يجلس عليها أثناء المؤتمر بشكل إيقاعي، وهو ما اعتبره البعض الخروج الأول للمدرب الإيطالي عن النص منذ أن تولى قيادة الفريق الملكي. بعد ذلك، اصطحب اللاعبون مدربهم للاحتفال بسكب مشروب الشامبانيا عليه، إلا أنه حاول الدفاع عن نفسه بكل الطرق بما فيها التلويح بالاستقالة، فما كان من مدافع الفريق بيبي إلا أن ينهال عليه بوابل من القبلات. وعاد أنشيلوتي بعد هذا الفاصل الاحتفالي إلى طبيعته الجادة مرة أخرى كأن شيئا من هذا لم يحدث، وعلق على الاحتفال قائلا: "هذا كان خارج البرنامج". وحملت القبلات التي أعطاها بيبي لمدربه الإيطالي مغزي رمزي، حيث كان المدافع البرتغالي الذي غاب عن النهائي الأوروبي من أكثر اللاعبين تعرضا لانتقادات مورينيو اللاذعة وقراراته العاصفة. فقد كان بيبي من ضحايا المدير الفني البرتغالي بجانب قائمة من اللاعبين الأخرين أمثال ايكر كاسياس وسيرجيو راموس وكريستيانو رونالدو. واستعاد بيبي رغبته في الاستمرار ضمن صفوف ريال مدريد بفضل كارلو أنشيلوتي، بعد أن أنهى الموسم الأفضل له في مشواره الاحترافي. وامتدت يد أنشيلوتي بالمعونة أيضا للأرجنتيني أنخيل دي ماريا، الذي أبدى اعتراضه بطريقة غير لائقة على تغيره في أحد المباريات، وهو ما دفع عدد غير قليل من مشجعي النادي إلى المطالبة ببيع اللاعب. إلا أن أنشيلوتي أخمد الجدل الدائر حول اللاعب في صمت، وقام بمساندته وبإعطائه مزيد من الثقة بنفسه ليحجز مكانا أساسيا في تشكيل فريقه وينهي الموسم الحالي بالشكل الأروع بعد أن تصدر المشهد كأفضل لاعب في نهائي لشبونة. وقال الفرنسي كريم بن زيمة نجم هجوم ريال مدريد بعد انتهاء مباراة فريقه أمام أتلتيكو مدريد: "أنشيلوتي أعاد لنا الهدوء، فهو لا يمارس علينا أي ضغوط". وتعتبر تصريحات بن زيمة مبهمة إلا إذا وضعت في إطار الإشارة إلى فترة مورينيو ومقارنتها بالفترة الحالية تحت قيادة أنشيلوتي. وقضى الانتصار الذي حققه ريال مدريد بفضل هدف راموس على كل احتمالات رحيل أنشيلوتي، الذي حتى لو عقد النية على مغادرة الفريق سيظل صاحب اللقب الأوروبي العاشر، الذي فشل مورينيو في تحقيقه.