بعد تأكيد وزير الخارجية حضورها الاحتفالية استنكرت الأسرة الثورية ترسيم قرار مشاركة الجزائر في احتفالات تحرير فرنسا، الذي أكده أمس الأول وزير الخارجية رمطان لعمامرة، واعتبرت الأمر غير منطقي، ذلك أن فرنسا مازالت تصر على رفض الاعتراف بجرائمها والاعتذار عنها، كما أن مشاركة الجزائريين في تحرير هذه الأخيرة لم يكن بإرادتهم، واصفة الأمر بالإهانة تارة والخيانة تارة أخرى، في وقت اعتبرت جبهة التحرير الوطني المشاركة أمرا يدخل في إطار تحسين العلاقات الثنائية بين البلدين ودرءا للأخطار المحيطة بالجزائر التي تسعى لتعزيز علاقاتها على الصعيد الدولي. سعيد عبادو: "هل نشارك فرنسا احتفالاتها لأننا شاركنا في تحريرها بالغصب" اعتبر الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين السعيد عبادو، مشاركة الجزائر في احتفالات فرنسا المخلدة لتحريرها من الاحتلال النازي، أمرا غير مقبول لا من الناحية الموضوعية ولا من حيث المنطق، وقال أن موقف المنظمة من المشاركة ثابت وهو الرفض، لأن مشاركة الجزائريين في تحرير فرنسا لم يكن بإرادتهم، بل كان بالغصب، كون الجزائر كانت مستعمرة، وعلق "الجزائريون احتفلوا في الثامن ماي بانتصار الحلفاء، وما كان من فرنسا سوى مقابلتهم بقتل 45 ألف شهيد"، وعاد عبادو إلى ضحايا الحرب التحريرية ورفض فرنسا الاعتراف بجرائمها أو حتى الاعتذار في وقت حصلت هي على اعتذار ألمانيا قبل أن يتساءل "هل المواطن الفرنسي والنظام الفرنسي أقل قيمة من الجزائريين.. وهل نشارك في الاحتفالات، لأننا شاركنا في تحرير فرنسا بالغصب"؟.
تواتي: "المشاركة في احتفالات تحرير فرنسا خيانة" وصف الأمين العام الأسبق لتنسيقية أبناء الشهداء مشاركة الجزائر في احتفالات تحرير فرنسا بالخيانة، وقال أن الجزائر لم تحصل على اعتذار فرنسا على جرائمها مثلما حصلت عليه فرنسا من ألمانيا، متسائلا عن سبب إقحام الجيش الوطني الشعبي فيما اسماه "المهزلة"، وكذا "المنفعة" لمن تعود فيها للأفراد، أم "للجماعة الحاكمة"، قبل أن يضيف "نحن لا نرى بأن المواطن الجزائري أقل قيمة من المواطن الفرنسي.. هناك خيانة معنوية وتاريخية ونحن نرفض هذه المعاملات".
بن بعيبش: "المشاركة إهانة والأخطر منها تجميد قانون تجريم الاستعمار" قال الطاهر بن بعيبش، الأمين العام السابق للمنظمة الوطنية لأنباء الشهداء، أنه كان على الجزائر عدم المشاركة في احتفالات ذكرى تحرير فرنسا في ال14 جويلية الجاري، ذلك أن هذه الاحتفالات تتعلق بالذاكرة "والذاكرة مازالت عالقة بين الجزائروفرنسا"، وأشار أن الأمر أسوأ، كون المشاركين هم أفراد من الجيش الوطني الشعبي، وبمشاركة رسمية وليست بروتوكولية على غرار السنوات السابقة. وقارن بن بعيبش بين المشاركة وقانون تجريم الاستعمار، حيث اعتبرها أقل خطورة من تجميد قانون تجريم الاستعمار.
قسنطيني: "المشاركة ستذكر متطرفي فرنسا بأنهم استقلوا بفضل الجزائر" وبعيدا عن الرفض، شذ رئيس اللجنة الوطنية لترقية وحماية حقوق الإنسان، فاروق قسنطيني، عن القاعدة، حيث يعتقد أن الجزائر من حقها المشاركة في احتفالات تحرير فرنسا، لأنها شاركت في تحريرها، وأشار إلى أن متطرفين فرنسيين احتجوا على مشاركة الجزائر من قبيل مارين لوبان وجماعتها "وهؤلاء ما يخوفوناش"، ويرى قسنطيني بأن مشاركة الجزائر تعني تذكير فرنسا والمتطرفين بأنهم ينعمون بالاستقلال بفضل الجزائر وأن الجزائر ضحت بالكثير من أجل فرنسا، وهذه الأخيرة لديها واجبات تجاه الشعب الجزائري، وأضاف بأن قرار المشاركة هو قرار سيد "نشارك عندما نرغب ولا نشارك أيضا برغبتنا، ومشاركتنا لها معنى ولسنا ديكورا".
الأفلان: "الأمر يدخل في إطار تحسين العلاقات الثنائية ودرء الأخطار عن الجزائر" وقاسمت جبهة التحرير الوطني قسنطيني موقفه، حيث اعتبرت مشاركة الجزائر في احتفالات تحرير فرنسا أمرا يدخل في إطار تطور العلاقات الجزائرية الفرنسية، وقال عضو المكتب السياسي المكلف بالإعلام ب"الأفلان" صعود الحزب الاشتراكي الفرنسي ساهم في تحسين العلاقات الجزائرية الفرنسية، حيث عرفت العلاقات الثنائية خطوات إيجابية من قبيل اعتراف فرنسا بالمجازر التي ارتكبتها في 17 أكتوبر 1961، والاتفاق بخصوص قضية مالي، واستطرد "لا نقول أننا وصلنا إلى علاقات متينة، ولكنها سائرة نحو التحسن بخطوات ثابتة وحذرة"، وأضاف بأن الجزائر في هذا الظرف تسعى لإقامة علاقات على المستوى الدولي تقيها من الأخطار التي تحيط بها ومن ذلك العلاقات مع فرنسا، "ثم أن مشاركة الجزائر هي في يوم وطني وليس أمرا يخص الثورة التحريرية أو الشهداء"، وأشار بالمقابل أن ذلك لا يعني التوقف عن مطالبة فرنسا الاعتراف بجرائمها.