اندلاع الاشتباكات في شمال مالي يرهن نجاحها يبدو أن هناك أطرافا لا تريد للمبادرة الجزائرية التي تبحث عن حل الأزمة المالية الوصول إلى هدفها، فقد اندلعت أمس الجمعة اشتباكات عنيفة بين الحركة الوطنية لتحرير أزواد والحركة العربية الأزوادية بمنطقة "انفيف" الواقعة على بعد 120 كيلومتر جنوب غرب مدينة كيدال شمال شرقي مالي. ولم يمر إلا يوم واحد على دعوة الجزائر دول الساحل للاجتماع الأربعاء المقبل بالعاصمة، من أجل بحث الحلول المناسبة للخروج من الأزمة المالية، حتى عاد الوضع الأمني إلى نقطة الصفر، باندلاع مواجهات دموية في إقليم الأزواد بين مختلف الفرقاء، في معطى يؤشر على وجود إرادة هدفها وضع العصا في عجلة أي مبادرة تطلقها الجزائر من أجل إرساء مصالحة في هذا البلد الجريح.
وفي هذا الصدد، نقل موقع "صحراء ميديا" الموريتاني عن كبير دبلوماسيي الحركة الوطنيةلتحرير أزواد موسى آغ السعيد، قوله إن ائتلافا مكونا من جماعة التوحيد والجهاد في غربإفريقيا ومليشيات تابعة للجيش المالي وعناصر من الجيش المالي، هاجموا نقطة تابعةللحركة الوطنية لتحرير أزواد والحركة العربية الازوادية في حدود الساعة الخامسة ونصفمن فجر الجمعة. وكانت الجزائر قد دعت على لسان وزير خارجيتها رمطان لعمامرة، دول منطقة الساحل إلىعقد اجتماع الأربعاء المقبل 16 جويلية الجاري، في العاصمة حول الأزمة في مالي، وقالإنه "سيتم إفساح المجال أمام الماليين كي يتحدثوا مباشرة مع بعضهم البعض واقتراحالحلول التي ستساعدهم"، وهي الدعوة التي جاءت في أعقاب لقاء لعمامرة برئيس جمهوريةبوركينا فاسو، بليز كومباوري. من جهتها، تحدثت وكالة الأنباء المالية عن تحركات للعديد من أنصار الجماعات المسلحة فيشمال مالي، واعتبرت هذه الخطوة خرقا للاتفاق الأمني الموقع بين الحكومة المالية وبقيةفرقاء الأزمة في 24 ماي 2014، برعاية موريتانيا والاتحاد الإفريقي. كما جاءت هذه الاشتباكات في أعقاب وساطة قامت بها أطراف محلية تارقية وعربية، ممثلةفي الشيخ انتالا آغ الطاهر زعيم قبائل ايفوغاس الطوارقية، والشيخ بابا ولد سيدي المختارشيخ قبيلة كنتة، اللذان نجحا في إقناع الحركة الوطنية لتحرير أزواد والحركة العربية (جناحولد سيدي محمد)، بوقف إطلاق النار، علما أن المجلس الأعلى لوحدة أزواد والحركةالعربية الأزوادية كانا قد وقعا اتفاقية أمنية في الجزائر. ومن شأن انتكاسة الوضع الأمني مجددا في شمال مالي، والتي تأتي قبل أقل من أسبوع عنالموعد الذي حددته الجزائر لقمّة الإخوة الفرقاء، أن تضع مصير القمة على المحك، بمايؤكد وجود إرادة تقف وراءها جهة ما، لا تريد للجزائر أن تساهم في حل الأزمة الماليةبالرغم من أنها أكبر الدول المطلة على منطقة الساحل وأقواها. وبالعودة إلى المبادرات السابقة التي انخرطت في حل الأزمة المالية، نجد أن هناك طرفينبارزين يصر كل منهما على البقاء في واجهة الأزمة المالية، وهما الجزائر وبوركينا فاسوالتي تشكل واجهة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا. ومعلوم أن جيوش هذهالمجموعة كانت تحت إمرة الجيش الفرنسي في الحرب على شمال مالي، ما يعني أن هذهالمجموعة تعتبر رهينة للقرار الفرنسي، الذي لا يستبعد أن يكون وراء محاولات إفشالالمبادرات الجزائرية المتكررة.