نشرت : المصدر موقع ديننا الاثنين 08 يونيو 2015 11:18 والصلاة والسلام على صاحبِ القلب العظيم ، صاحبٍ القلب التقي النقي. يا مبعثَ الأنوارِ يانبعَ الهدى يامعدنِ الخيراتِ والبركات يدكُ الحرير ووجهك القمرُ الذي أحيا الوجوهَ بهالةِ الطلعات لك في القلوبِ محبةٌ ومكانةٌ أوفت على الهامات جعلَ الإلهُ بجنة المأوى غداً لقياك حظي في كريمِ حياةِ أما بعد.. فيا أيها الكرام .. كل واحدٍ فينا يمتلك في صدره قطعةً صغيرةَ الحجم ، ولكنها عظيمةَ القدر، تلك المضغة هي محطُ نظرِ الربِ جلَّ في علاه . إنه القلب.. ذلك الشيء الصغير العظيم، القلب الذي تفاوت الناسُ فيه تفاوتاً كبيراً . فهذا قلبهُ ممتلئ أنواراً وإيماناً وحباً لله ولرسوله وللمؤمنين، وهذا قلبٌ مريضٌ بالشهوات والسيئات، وذاك قلبٌ ميتٌ قد ختم الله عليه . اليوم سنتجول أيها الكرام في محطاتٍ لصلاح القلوب ، لعلنا بعدها نتذوق نعمةَ الطمأنينةَ والسعادة . معاشر المسلمين: إن من أسباب صلاح القلب " أن يمتلئ القلبُ إخلاصاً لله تعالى ". شيء جميل، أن يرى الله في قلبك الصدق وليس الرياء ولا الكذب، من وجد الله فماذا فقد ومن فقد الله فماذا وجد . (( قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ))[الزمر:11] . ومن أسبابِ صلاحِ القلب : أن تتأمل في سرعةِ الحياةِ وزوالِ أحبابك منها، حينها يزهدُ قلبك في متاع الحياة . وانظر لمن حوى الدنيا بأجمعها هل راحَ منها بغيرِ القطنِ والكفنِ كم هم الأشخاص الذين تعرفهم ، أين هم الآن ؟ غادروا الحياة بلا رجعة . فيا ترى متى تعتبر بقصةِ الراحلين ؟ يا صاحبَ القلب القاسي ، متى يلينُ قلبك لذكرِ الله .. يامن عمرَ قلبهُ بالشهوات متى تفيق من غفلتك وتعتبر بالراحلين . ومن أسبابِ صلاحِ القلب : مجالسةُ الصالحين الذين ينتقون أطايبَ الكلمات كما يُنتقى أطايب الثمر . جليسك الصالح تنبعثُ منه روائحَ الإيمان ويرسلُ لقلبك آثار الطاعة والإحسان . وربنا يأمر نبيه صلى الله عليه وسلم ((وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ))[الكهف:28]. أيها الأحبة : إن القلوبَ تأنس برؤية الصالحين فكيف بالجلوس معهم ؟. فيا من يريد لقلبهِ الصلاحَ والفلاح ، اجلس مع من تزدادَ برؤيته إيماناً . أخي.. فلا تجلس إلى أهلِ الدنايا فإن خلائقَ السفهاءِ تعدي معاشر المسلمين: ومن أسبابِ صلاحِ القلب : زيارة القبور.. منازلنا التي سوف نسكنها شئنا أم أبينا . زر المقبرة لترى أن الناس فيها على حدٍ سواء، الرجالُ والنساءُ والصغارُ والكبار، كلهم تحت التراب . فيا فوز من كان قبرهُ روضةً من رياض الجنان، وياخسارةَ من وجد النيران تحيطُ به في قبره . ياعبد الله! تذكر ذلك لعل قلبك أن يخشع ويطمئن، لعل قلبك أن يرتقي عن الحسد والحقد، يا من يريد قلباً خاشعاً عليك بتدبر القرآن ((وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ))[الإسراء:82]. القرآن شفاءٌ لحزنك ، صلاحٌ لقلبك ، رحمةً لحياتك.. اجلس مع القرآن في كل يوم ولو لحظات ليتغذى قلبك بكلام الرحمن ((وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا ))[الشورى:52] . ومن أسباب صلاح القلوب : الدعاءُ بصلاح القلب: قال جل وعز: ((وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ))[البقرة:186]. عجيبٌ حال بعضنا يدعو ربه بحوائج الدنيا ولا يدعو ربه بأن يرزقهُ اللهُ قلباً سليماً خاشعاً مطمئناً . أيها الفضلاء: إن قلوبَنا بيدِ الله وهو المتصرفُ فيها، فما أجمل أن نُلح على الله بأن يصلحَ قلوبنا ويطهرها ويزكيها . وهذا نبينا صلى الله عليه وسلم يقول : اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها . ومالي غيرَ بابِ الله بابٌ ولامولىً سواهُ ولاحبيبُ كريمٌ منعمٌ برٌ لطيفٌ جميلُ الستر للداعي مجيب ومن أسبابِ صلاحِ القلوب : زيارة المرضى . أي والله إن زيارةَ المريض تجعلُ قلبك يرق وتزولُ عنه آثارَ الكبرِ والخيلاء،المرضى يعيشون في حالةٍ صحيةٍ حرجة ، فهذا في العناية المركزة من شهور . وهذا في إعاقةٍ دائمة بسبب حادث، وهذا في كسور وآخر فيه جروح. أما أنت فتتقلب في العافية، ألا تحمد الله على العافية ؟ لماذا لا تشكر ربك على العافية وتلتزم بالأوامر التي أمرك الله بها، إن النعم تدوم بالشكر ، أو ما سمعتَ بقولِ الربِ تبارك وتعالى: (( لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ))[إبراهيم:7]. ومن أسبابِ صلاح القلوب : الاقترابُ من الأيتامِ والمساكين: إن كنتَ تريدُ صلاحاً لقلبك فتعال إلى بيوت الفقراء ، وامسح على رأس اليتيم . إن القلبَ يلين حينما يشاهدُ أولئك المساكين ، وتزول عنه وحشته . لقد كان مجلسُ نبينا صلى الله عليه وسلم مليئاً بالمحتاجين ، وكان يعيش بروحه مع همومهم وأحزانهم . إن الراحمون يرحمهم الرحمن ، ويلطف بهم ويتولاهم برحمت، يا من يريد صلاحاً لقلبه ، ابتعد عن الذنوب، هي والله دمارُ القلوب .. رأيتُ الذنوبَ تميتُ القلوب وقد يورثُ الذل إدمانها وتركُ الذنوبِ حياةُ القلوب وخيرٌ لنفسك عصيانها إن اللذات تفنى ، ولكن تبقى الحسرات والآلام في قلبك المسكين، يا من يريدُ صلاحاً لقلبه عليك بغض البصرِ عن الحرام . إن العين التي تتجول في صور النساء عبر القنوات والمقاطع المحرمة في الجوالات سوفَ تقعُ أسيرةً في سجنِ الهوى . يا من يطلقُ بصرهُ هنا وهناك ، إن النظرات تجلبُ الحسرات وتوقع في قلبك الجراح . إن العين تزرع في القلبِ الشهوة ، وبعدها تتوالى الأحزان . وكنتَ متى أرسلتَ طرفك رائداً لقلبك يوماً أتعبتك المناظر رأيتَ الذي لاكلهُ أنت قادرٌ عليه ولا عن بعضه أنت صابر إن حفظ البصر خيرٌ لقلبك ((قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ ))[النور:30]. قال الرسول الصلاة والسلام : ياعلي لاتتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليست لك الثانية . ومن أسبابِ صلاحِ القلوب : الإكثارُ من ذكر الله . أيها الكرام ، ذكرُ الله دواء القلوب وراحة للنفوس ((أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ))[الرعد:28]. ذكرُ الله يعالج الحزن الذي يدور في قلبك، ذكرُ الله يسكب في روحك السرور . (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ))[الأحزاب:41] (( وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ))[الأحزاب:42] لقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه . فيا عبدالله عود لسانك الذكر لعل قلبك أن يهدأ ولعل روحك أن تسكن ولعل السعادة أن تحيط بك . ومن أسباب رقة القلب وصلاحه : كثرة الصلاة . عجيبةٌ هذه الصلاة ، هي راحة المؤمن " أرحنا بها يا بلال ". إن صلاحَ قلبك مرتبطٌ بسجودكَ بين يدي الله . وأقول لأولئك المبتعدون عن الصلاة المقصرون فيها ، ارحموا قلوبكم من القسوة التي تحيط بها . يكفي.. إن قلوبكم مظلمةٌ فتعالوا إلى نور الصلاة، إن الصلاةَ بابٌ كبيرٍ لانشراح للصدر . اللهم ارزقنا قلوبنا تُحبك وتشتاقُ إليك وتستعد للقاءك . الحمد لله .. معاشر المسلمين: واعلموا أن من أسباب صلاح القلوب : تذكر الوقوف بين يدي الله تعالى: ((وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ))[البقرة:281]. وما أعظمهُ يوم ، وما أشدَ غفلتنا عنه ((اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ))[الأنبياء:1]. عباد الله! إن المؤمن يجب أن لايغفل عن استشعاره ليوم اللقاء مع الله والوقوف بين يديه . (( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ ))[الصافات:24] (( فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ))[الحجر:92] (( عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ))[الحجر:93] . فماذا أعددنا لذلك اليوم؟! . أين قلوبنا القاسية عن لحظة الوقوف والحساب الشديد بين يدي الله تعالى . يا تارك الصلوات ماشعورك وأنت واقف بين يدي الله . يا من يسهر على الحرام ماذا تقول لربك إذا سألك عن تفاصيل أعمالك يوم القيامة . يامن يلعب بالأموال في المحرمات هنا وهناك ، هل أعددت جواباً للسؤال بين يدي الله . يامن عق والديه وقطع الصلة بأرحامه ، ياترى ماهو عذرك هناك وأنت واقف بين يدي ربك ." لاتعتذروا اليوم إنما تجزون ماكنتم تعملون ". اللهم احفظ بلادنا وبلاد المسلمين من الشرور، اللهم رد كيد الكائدين في نحورهم . اللهم وفق ولي أمرنا لمافيه صلاح الإسلام والمسلمين . اللهم رحماك بعباد المسلمين في كل مكان ، اللهم انصرهم واحفظهم وارزقهم واكشف عنهم كل كرب وبلاءٍ نزل بهم يارحمن يارحيم . اللهم انصر إخواننا المرابطين والمجاهدين ضد الحوثيين . سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .