صحيح أنّ منتخبنا الوطني حقّق الأهم في لقاء ليبيا وخطى خطوة عملاقة نحو “كان 2013"، وصحيح أيضا أنّ مثل هذه المباريات الحاسمة التي تتطلب اللعب ذهابا وإيابا لا يهم فيها الأداء بقدر ما تهمّ النتيجة، إلا أن منتخبنا أدّى ثاني أسوأ مباراة له مع الناخب الجديد وحيد حليلوزيتش بعد مباراة مالي... ، فالفوز الذي تحقق سهرة يوم الأحد الماضي كان بدون إقناع رغم أهميته حيث ظهر اللاعبون بوجه شاحب جدا لاسيما في المرحلة الثانية التي كانت مرحلة للنسيان لولا أن سوداني دخل وأنقذ الموقف في آخر لحظة بهدف ثمين أنسانا التسعين دقيقة التي لم يخلق فيها منتخبنا فرصا حقيقية للتهديف. بداية جيدة وتراجع غير مفهوم أكسب الليبيين ثقة أكبر وبدأ منتخبنا المباراة بشكل جيد وفرض ضغطا رهيبا على المنافس من الجهتين اليمنى واليسرى عبر فغولي وقادير أو في العمق ناحية سليماني الذي حتى وإن عانى كثيرا من العزلة في الهجوم إلا أنه كان يتحرك كثيرا وأقلق مدافعي المنتخب الليبي، لكن منتخبنا تراجع فيما بعد لأسباب مجهولة فغابت الدقة في التمرير وظهر عليه التشتت في التركيز فوق الميدان الأمر الذي منح الثقة للمنتخب الليبي الذي بادر بهجماته المعاكسة الخطيرة نحو مرمى مبولحي، فبدأ بالتسديد من بعيد ثم التوغل ثم إلى خلق فرص حقيقية التقى مبولحي في واحدة منها بالحظ، إلى أن كسب المنافس ثقة أكبر جعلته يؤدي شوطا ثانيا أفضل من منتخبنا وجعلته قادرا على مباغتتنا في أي لحظة بسبب تراجع لاعبي منتخبنا الوطني وعدم قدرتهم على إنهاء أي هجمة بشكل صحيح. شوط ثانٍ ضعيف جدّا ومنتخبنا يفتقد لصانع ألعاب وإذا كان الأداء الذي قدّمه منتخبنا في المرحلة الأولى كان متوسطا بما أنه بدأ جيدا قبل أن يتراجع، فإن الشوط الثاني كان كارثيا وكان ينبئ إما بالخسارة لو غامر الليبيون أكثر أو اكتفائنا بالتعادل وتأجيل الحسم في ورقة التأهل إلى مباراة العودة بأرض الوطن، والدليل على ذلك أن زملاء سليماني لم يخلقوا أي فرصة حقيقية للتهديف ولم يهددوا مرمى حارس ليبيا سوى نادرا، إلى أن فعلها سوداني في وقت قاتل بهدف أنقذ “الخضر" من التعادل. اللعب بثلاثة مسترجعين جعلنا نعجز عن بناء الهجمات وكنا قبل المباراة قد قلنا إنّ الخطة التي سيلعب بها وحيد حليلوزيتش هذه المرة غير مفهومة ويسعى من خلالها إلى العودة بالتعادل فقط بما أنه وظّف ثلاثة مسترجعين في وسط الميدان هم مصطفى، لحسن وڤديورة، وليته تراجع عندما حوّل مهدي مصطفى إلى الجهة اليمنى بعد خروج كادامورو بل أنه أقحم تجّار في المنصب نفسه رغم النزعة الهجومية التي يتمتع بها هذا اللاعب، وقد تسبّب اللعب بثلاثة مسترجعين في عجز منتخبنا عن بناء الهجمات بشكل جيد فافتقد سليماني إلى لاعب يزوّده بالكرات التي يبحث عنها، وهو أمر سيجبر البوسني على مراجعة أوراقه مستقبلا لاسيما أنّ منتخبنا سيكون مقبلا على مواجهة منتخبات كبيرة في “الكان" وعلى مواجهات صعبة للغاية أمام البينين ومالي في السباق نحو مونديال 2014. لحسن الحظ أنّ منتخب ليبيا لم يؤمن بقدراته ولحسن الحظّ أنّ منتخب ليبيا لم يؤمن بقدراته وإمكاناته لأنّه رغم اضطراب تحضيراته ومحدودية مستوى بعض لاعبيه إلاّ أنّه وقف النّد للنّد أمام لاعبينا، بل كان قاب قوسين أو أدنى من تحقيق المفاجأة لو آمن بقدراته وإمكاناته وجازف في الهجوم أكثر ولو أنّ لاعبيه تخلوا عن عصبيتهم وأسلوب استفزازهم للاعبينا والسّقوط في كلّ مرة بدون سبب. النقطة الإيجابية اكتشاف بلكالام في المحور حديثنا عن السلبيات في لقاء ليبيا لا يعني أنه لم تكن هناك إيجابيات، بل بالعكس كانت هناك إيجابيات أبرزها اكتشاف بلكالام في محور دفاع المنتخب الوطني، حيث بدّد صخرة دفاع شبيبة القبائل المخاوف بأدائه الذي كان جيدا في أول خرجة رسمية له مع المنتخب الوطني وشكّل ثنائيا قويا مع مجاني، فرغم بعض الهفوات من حين لآخر في الدفاع إلا أن بلكالام كان رائعا وحائط الصد الذي كانت الكرات العالية للاعبي المنتخب الليبي تقطع عليه، ويمكن القول إنّ مباراة ليبيا عرفت ميلاد مدافع محوري قوي سيكون له شأن كبير في المستقبل، وهو المنصب الذي سيتعزز ويصبح أكثر قوة بعودة حليش لأجواء المنافسة حتى يكون لدينا على الأقل ثلاثة مدافعين محوريين بإمكان المدرب البوسني الاعتماد على اثنين منهم في كل مرة بدون خوف مثلما كان يحدث في السابق القريب. ... وعدم تلقي أي هدف هذه المرة ومن بين النقاط الإيجابية نجاح دفاعنا في الحفاظ على الشباك نظيفة إذ أنّ هفوات مباراة مالي لم تتكرر بدليل أن مدافعينا قاموا بدورهم على أكمل وجه، ولو أنّ مرور الزوي جانبا وعدم ثقة زملائه في إمكاناتهم جعل المهمة الدفاعية سهلة بعض الشيء. ضمان التأهل إلى جنوب إفريقيا بنسبة كبيرة ويبقى ضمان التأهل بنسبة كبيرة إلى جنوب إفريقيا أكبر إنجاز حققه منتخبنا سهرة الأحد الماضي، فبغض النظر عن أدائه الشاحب وضعفه هجوميا وعدم قدرته على خلق فرص عديدة للتهديف وعدم سيطرته على المنتخب الليبي لا سيما في الشوط الثاني، إلا أنّه خطى من وراء هذا الفوز خطوة عملاقة نحو التأهل إلى “كان 2013"، في انتظار التأكيد في لقاء العودة على ملعبنا وأرضنا وأمام جماهيرنا التي ستحضر بقوة لكي تحتفل مع حليلوزيتش وأبنائه بالعودة للمشاركة في نهائيات كأس إفريقيا بعد الغياب عن دورة الغابون وغينيا الاستوائية 2012.