إذا كان البوسني وحيد حليلوزيتش قد أبدى تأثره من الخسارة أمام تونس بطريقته الخاصة عندما رفض تناول وجبة العشاء مع لاعبيه عقب العودة إلى الفندق، فإنّ الرجل الأول على رأس "الفاف" محمد روراوة وحتى إن تأثر للخسارة.. إلا أنّه رفض أن يغيب عن الأنظار حتى لا ينعكس غيابه سلبا على المجموعة، إذ توجّه إلى الفندق عقب نهاية اللقاء واجتمع بلاعبيه على مائدة العشاء، حيث ألقى عليهم خطابا مؤثرا حثهم فيه على عدم رمي المنشف، وضرورة رفع التحدي في لقاءي الطوغو وكوت ديفوار في الجولتين المتبقيتين من دور المجموعات. "انسوا لقاء تونس وفكّروا في لقاءي الطّوغو وكوت ديفوار" وقد فضّل روراوة الحكمة على أي تصرّف آخر وأدرك أن غيابه عن الأنظار قد ينعكس سلبا على معنويات لاعبيه مع انطلاق المنافسة، ففضل أن يلتقي بهم ومخاطبتهم لدى اجتماعه بهم، وقال لهم: "انسوا لقاء تونس والخسارة التي منينا بها وعليكم ألا تفشلوا، نحن في بداية المنافسة ومازالت هناك مباراتين في انتظاركم، فكروا في لقاءي الطوغو وكوت ديفوار وارفعوا التحدي ولا تفشلوا، وبإذن الله سيكون التأهل من نصيبنا". "علينا ألاّ نفشل، وبالشّجاعة والتّضحيات منكم لابدّ أن نحقّق الأهداف المسطّرة" وواصل الرجل الأول على رأس الكرة الجزائرية خطابه التحفيزي للاعبيه: "علينا ألا نفشل، فلا شيء لعب في هذه المجموعة حتى الآن ونحن في بداية المنافسة فقط، وعلينا أن نتحلى بالإرادة والشجاعة في مباراتي الطوغو وكوت ديفوار، علينا أن نضحي كي نحقق الأهداف التي سطرناها معا واقتنعنا جميعا بضرورة تجسيدها على أرض الواقع، ونذهب بعيدا في هذه المنافسة التي نحن فيها". خطابه يدلّ على أنّه يرفض الخروج من الدّور الأوّل وإن كان روراوة من خلال هذا الخطاب قد سعى إلى تحفيز لاعبيه على رفع التحدي في المباراتين المتبقيتين، عوض أن يزيد الطين بلة بصمت كان من شأنه ينعكس سلبا على معنويات لاعبيه، إلا أنه مرر من خلال خطابه هذا رسالة مشفّرة للجميع، مفادها أنه يرفض الخروج من الدور الأول، وذلك عندما ركز على ضرورة الذهاب بعيدا في هذه المنافسة مثلما اقتنع الجميع بضرورة تحقيقة سواء بالنسبة للمدرب أم للاعبين، وعندما ألحّ على ضرورة التحلي بالشجاعة والإرادة، ومن حق الرجل أن ينتهج الأسلوب الذي يريده في الحديث للجميع، ومن حقّه أيضا أن يصر على ضرورة رمي اللاعبين بثقلهم لتحقيق الأهداف المنشودة، بما أن الإتحادية وفرت لهذا الجيل الجديد من اللاعبين ما لم تستفد منه أجيال سابقة أعطت الكثير للكرة الجزائرية والمنتخب ككل. لم يهضم الخسارة لأنّه كان يعتبر الفوز ضروريّا أمام تونس حتى وإن فضل روراوة أن يكون خطابه هادئا ودبلوماسيا موظفا فيه لغة التحفيز والتشجيع، إلا أن هذا لا يعني أن خسارة تونس لم تؤثر فيه، فالذين رأوه عندما سجل المساكني هدف الفوز القاتل لتونس في اللحظات الأخيرة أكدوا لنا أن الرجل كاد يغادر المنصة الشرفية مباشرة بعد ذلك الهدف، وأنه لم يهضم الخسارة بتاتا لأنه كان يعتبر الفوز على تونس ضروري ولا نقاش فيه، قبل أن يصدم- مثلما صدمنا جميعا في نهاية المطاف- بهدف مباغت. غادر إلى جوهانسبورغ بعدما وضع الكرة في مرمى الجميع وبعدما وضع الكرة في مرمى لاعبيه ومرمى البوسني بطريقة غير مباشرة، غادر روراوة نحو جوهانسبورغ أين تنتظره ارتباطات مهنية، على أن يعود يوم المباراة المقبلة أو ليلتها، ونقصد مباراة الطوغو التي ستكون بمثابة الفرصة الأخيرة لأشبال حليلوزيتش إن أرادوا تجنيب الجزائر مهزلة جديدة قد تعيدنا إلى نقطة البداية.