كان من الصعب علينا في البداية الظفر بحوار حصري مع الدولي الجزائري مهدي لحسن بعد اللقاء الودي الذي أجراه فريقه راسينغ سانتاندير أمام نظيره “آف سي سانكت بولي“ الألماني (يمثل حي سانت بولي في مدينة هامبورغ وسيلعب في الدرجة الأولى بألمانيا) في ملعب “ميلارنتور ستاديون“، ومع نهاية اللقاء تمكنا من “اصطياد” لحسن في حظيرة السيارات الخاصة بالملعب أين كانت حافلة النادي الإسباني في الانتظار، وعلى الرغم من أنه كان في عجالة من أمره إلا أنه لم يرفض الإجابة عن أسئلتنا. في البداية، نريد أن نشكرك على قبولك إجراء هذا الحوار الحصري مرة أخرى مع جريدتنا والثقة التي تضعها فينا... أنا تحت تصرفكم لكن يجب عليكم أن تسرعوا حتى لا تفوتني حافلة الفريق. (في نهاية المطاف كان لديه كل الوقت وأفادنا بهذا الحوار المطوّل). نريد أن نعرف في البداية ما السبب الحقيقي وراء عدم مشاركتك مع ناديك في المباريات الودية؟ صراحة، ليس الإرهاق الذي يعيقني عن المشاركة، لم أشارك لأنني مصاب وأنا أتدرب بمفردي وأداعب الكرة رويدا رويدا وأنتظر الضوء الأخضر من الطاقم الفني حتى أندمج مع المجموعة. في هذا الإطار أفيدك أن هناك احتمالا كبيرا ألا ألتحق بالمنتخب الوطني في لقاء الغابون وسيتضح ذلك على أقصى تقدير هذا الأحد (الحوار أجري أمس). إذن مشاركتك في مباراة الغابون غير مؤكدة نعم، وعلى ما أعتقد فحتى مسيرو النادي لا يريدون أن أجازف بالمشاركة أمام الغابون وأنا الذي لم أشارك في أي دقيقة مع الراسينغ في التحضيرات، فهذا يشكل خطورة على صحتي بعض الشيء حسبهم، وعليه فأنا أنتظر آخر حصة تدريبية لنا في ألمانيا والمقررة صبيحة الغد حتى أحدد نهائيا إمكانية مشاركتي من عدمها أمام الغابون، ومساء غد سنجري لقاء وديا آخر أمام “نادي كييل“ قبل العودة إلى سانتاندير. تحدثت منذ قليل عن إصابة، من ماذا تعاني بالضبط؟ أنا أعاني من إصابتي القديمة نفسها، وهي التي على ما يبدو تأخذ وقتا طويلا لكي أشفى منها نهائيا، وفي الوقت الراهن لا أزال مصابا في العضلة المقربة وأشعر دائما بالآلام، وأذكركم بأن هذه الإصابة تلازمني منذ شهر مارس الماضي، وحتى في المونديال شاركت وأنا مصاب. ما هو سبب عدم شفاء إصابتك نهائيا وأنت الذي استفدت من ثلاثة أسابيع راحة بعد انقضاء المونديال؟ في البداية كان مقررا أن أجري علمية جراحية لكن مسيري النادي لم يريدوا ذلك، ولحد الآن أرى أنهم محقون لأنه مع العلاج المكثف سيكون باستطاعتي التعافي وأنا الذي أشعر بتحسن من يوم إلى آخر. مع العودة قليلا إلى الخلف، كيف تقيّم الآن مشاركة المنتخب الوطني في المونديال الأخير، مع العلم أنك لم تقم بأي تعليق في هذا الصدد؟ يجب علينا أن نندم على بعض الأمور فلا يخفى على الجميع أنه كانت لدينا حظوظ وفيرة للمرور إلى الدور الثاني لكننا لم نؤمن كثيرا في إمكاناتنا، صراحة كنا قادرين على الذهاب إلى الدور ثمن النهائي على الأقل، لكننا رغم الخروج من الدور الأول لم نمنح صورة سيئة عن الجزائر وهذا ما يحسب لنا في هذا المونديال. ألا تعتقد أن الخسارة الأولى أمام سلوفينيا هي التي وضعتكم المنتخب الأضعف في المجموعة؟ نعم ولا يجب إخفاء هذا الأمر لأنه حقيقة، لأن الهزيمة التي تلقيناها أمام سلوفينيا أخلطت لنا كل الحسابات، فقبل كل شيء الجميع قادر على ارتكاب الأخطاء ومن بينهم أنا، ولكن لا يجب افتعال المشاكل وتضخيم الأمور أكثر من حجمها، والمشكل لا يكمن هنا بالذات، وعلى العموم لو تمكنا من تحقيق الفوز في تلك المباراة أو حتى تحقيق التعادل أمام سلوفينيا فإن بقية مشوارنا كان سيكون مغايرا في جنوب إفريقيا. كيف جرت معك الأمور في الفترة الطويلة التي قضيتها مع اللاعبين والتي قاربت الشهرين؟ رائعة والحمد لله، فلقد سارت الأمور معي على أحسن ما يرام، فيما يتعلق بالتحضيرات التي قمنا بها في سويسرا وألمانيا وحتى الأيام التي قضيناها في جنوب إفريقيا، وصراحة كانت تجربة مميزة. إذن لم تندم على اختيارك اللعب للمنتخب الوطني بالتأكيد لم أندم على اختياري، وكل شيء كان رائعا بالنسبة لي وليس لدي ما أندم عليه في القرار الذي اتخذته، وصدقني الآن لدي رغبة كبيرة في العودة إلى المنتخب وملاقاة بقية رفاقي والطاقمين الفني والإداري بطبيعة الحال. قبل أسابيع قليلة من انطلاق “المونديال” وفي تصريح لك ل”الهداف” قلت إنكم متضامنون مع ما عاشه منصوري وتأسفتم لما بدر من المشجّعين في اللقاء الودي أمام الإمارات العربية المتحدة، ليجد نفسه في مقاعد البدلاء دون لعب أيّ دقيقة في “المونديال”، كيف تشعر حيال ذلك؟ بصراحة، تأسفت كثيرا لما عاشه منصوري، وقلت دائما إن بقاءه في مقاعد البدلاء كان صعبا جدا عليه وقد مرّ بأوقات عصيبة وقتها، بل لا يستحق أن يبقى في كرسي الاحتياط نظرا لما قدّمه وما كشف عنه من إمكانات. اعتقد أن منصوري لا يستحق ما حدث معه، كنت أحب أن يشاركنا في هذا الحدث الرياضي الكبير وأن يلعب قليلا على الأقل، وللأسف ذلك لم يحدث. هل تحدّثت معه في هذا الموضوع؟ نعم، لقد تحدّثنا بكل صراحة، ويجب أن نقول الحقيقة، يزيد ساعدني كثيرا، فمن اليوم الذي التحقت فيه بقي إلى جانبي وكان يدعمني ويرفع معنوياتي، شكرته على ما فعله معي وأجدّد تشكّراتي له. أكيد في الوضعية التي كان يعيشها صعب جدا أن نتصوّرها أو نتحدث عنها نحن لأننا لم نكن في وضعيته نفسها، ورغم أنني أنا من أخذت مكانه إلا أنه كان دائما يشجّعني ويقف إلى جانبي، ولا أعتقد أن لاعبين مثله كانوا يقومون بنفس الشيء معي. أتيت على القول بأنه أخذ مكانك، هل تعتقد أنك أنت من دفعته للجلوس على كرسي الاحتياط؟ يمكنني قول ذلك، لأنه قبل التحاقي بالمنتخب كان هو من يشغل المنصب، وهذا ما أثر فيّ حينما رأيته مُبعدا عن المنتخب، وعلى اعتبار أنه مضى عليه 10 سنوات وهو يحارب مع المنتخب الوطني. وما يجعل اللاعب يكبر أكثر ويعلو نجمه هي مشاركة في كأس العالم، ولكن هذا ما لم يحدث وهو شيء صعب جدا تجرّعه. من هو اللاعب الذي شعرت معه بالارتياح من البداية؟ لا يوجد لاعب بوجه خاص، بل شعرت بالارتياح مع الجميع، مع القليل من التفضيل مع زياني، بوڤرة، عنتر يحيى، جبور ويبدة.. وهذا ما يجعلني أقول إنها كانت تجربة جيدة بالنسبة لي، تجعلني أتذكرها طويلا . المدرب سعدان مدّد بقاءه على رأس المنتخب لعامين إضافيين، ما تعليقك على هذا الموضوع؟ ليس لدي رأي أقوله في هذا الشأن، ليس لديّ أي مشكل مع المدرب وكل الأمور تسير معه على أفضل وجه، ومادام قد جدّد فيه المسيّرون في “الفاف” ثقتهم به فهذا أمر جيّد. هل التشكيلة التي يملكها المنتخب باستطاعتها التأهل إلى نهائيات كأس العالم 2014؟ نعم، لا بد من اعتبار المنتخب الحالي على أنه شاب وقادر على الذهاب بعيدا، وباستطاعته المشاركة من جديد في كأس العالم القادمة. فحينما نرى اللاعبين الشبان الذين شاركوا في الدورة الأخيرة من كأس العالم، وما يمكن أن يتدعم به المنتخب مستقبلا، يمكننا أن نكون متفائلين طبعا، وعلينا أن نستغل الظروف التي نحن عليها حاليا لنتقدم في طريقة لعبنا ونكسب منتخبا قويا وكبيرا في السنوات القادمة. بلغنا أنك كنت تريد الرحيل عن “راسينغ”، ولكن لحدّ الآن لا يوجد أي جديد، ما الذي حدث؟ قراري اتخذته وهو أنني فضّلت البقاء مع “الرّاسينغ”، كنت على علم بأن النادي كان يريد بيعي للأندية التي تريد خدماتي، ولكن الكلمة الأخيرة كانت تعود لي، وعلى هذا الأساس أقول إن هناك احتمالا كبيرا لبقائي. حسب ما لدينا من معلومات، “ديبورتيفو لاكورون” اهتم بخدماتك لا، لم أتلق أيّ عرض رسمي لحدّ الساعة. بماذا تفسّر فشل اللاعبين الجزائريين في شدّ انتباه أندية أوروبية كبيرة والفوز بعقد كبير رغم مشاركتهم في كأس العالم؟ انتظر.. لا ننس أن حتى الجزائر لم تكن صورتها كبيرة وقوية في “المونديال”، لقد جمعنا نقطة صغيرة جدا في جميع المباريات الثلاث، في حين أرى أن هناك لاعبين جيّدين جدا كانوا اكتشاف “المونديال” لكنهم لم يكونوا محظوظين.. أعتقد أن الأزمة المالية التي تؤثر على معظم الأندية الأوروبية جعلها تجد صعوبات كبيرة في صرف أموال طائلة على الاستقدامات، بل الأندية لا تريد صرف ما يقارب 4 أو 5 ملايين أورو على لاعب، لأن الأمور اليوم تغيّرت كثيرا عما كانت عليه في السابق. كما يجب ألا يفقد لاعبونا الأمل لأنه ما يزال هناك شهر قبل إغلاق سوق الانتقالات في أوروبا، لذلك لا أريد من زملائي أن يقلقوا خاصة من لديهم الرغبة في تغيير أنديتهم. “راسينغ سانتاندر“ بدأ بشكل سيّء للغاية مبارياته الودية حيث لعبتم ثلاث مباريات ولم تسجلوا أي انتصار، ألا تخشى أن يلحقكم الأسوأ في بطولة الموسم الجديد؟ يمكن أن نشعر بالقلق، ففي العام الماضي حافظنا بصعوبة كبيرة على البقاء في بطولة “الليغا”، ونحن اليوم نرى السيناريو نفسه والأمور تسير في الاتجاه نفسه، وكما قلتم لعب النادي في الوقت الحالي ثلاث مباريات ودية في ألمانيا وانهزم في جميعها. الأسوأ هو أن الأمور ليست بالإيجابية في النادي، والأكيد لن نستفيد منها الكثير. كلمة أخيرة للجمهور الجزائري؟ أشكر من كل قلبي الجميع، حتى وإن وجّهت لي انتقادات في وقت ما بالنظر إلى خياراتي، فالجمهور الجزائري يبقى في قلبي وفخري واعتزازي بوقفتهم معنا أكيد كبيرة، فلقد احتضننا وجعلنا نعيش أجواء رائعة. الصورة الجميلة لمباراتنا الودية الأولى أمام “صربيا” في ملعب 5 جويلية لا أزال أتذكرها ولا يمكنني أن أنساها مهما حييت. وكل ما أتمناه حاليا هو العودة إلى الجزائر وأعيش لحظات جميلة وسط أصدقائي وزملائي. متى ستزور الجزائر؟ كان عليّ أن أزورها قبل المباراة القادمة التي تنتظرني مع المنتخب أمام الغابون، ولكن حاليا مع الإصابة التي أشتكي منها لا أعتقد أن رغبتي ستتجسّد وأزور الجزائر.