ليلى أعراب "تلميذ مجتهد بامتياز، مواظب على عمله، نتائجه جيدة، من أصل طيب وحسن الأخلاق والسلوك"، هي بعض الملاحظات المدونة على كشف النقاط الخاص بالفصل الدراسي الثالث للطالب "ب/ جمال" الذي يدرس بالقسم النهائي في ثانوية "أم الناس" بالعاصمة، والذي اجتاز شهادة البكالوريا ذات عام 2012، وهو ينتظر على نار فرحة مجهوده الدراسي المتواصل طيلة سنوات، ليقتل "جمال" مع حلم البكالوريا، قبل يومين من صدور النتائج، بساطور على مستوى القلب، والسبب شجار تافه. ينتظر أن تفتح محكمة الجنايات لمجلس قضاء الجزائر في دورتها الحالية ملف القتل العمدي مع سبق الإصرار والترصد الذي تعرض له الطالب "ب/ جمال" من طرف أخوين يقطنان نفس الحي ببلدية سيدي امحمد بالعاصمة، أحدهما قاصر لم يتعد سن 18 سنة، يتواجدان حاليا بالمؤسسة العقابية، في انتظار ما ستسفر عنه المحاكمة. "أنت حمار" العبارة التي أجّجت الشجار يستخلص من الوثائق التي تحوز "الحوار" على نسخة منها، أن خلفية الشجار الذي حدث بين الطالب والأخوين المتهمين في قضية الحال يعود إلى معاكسة أحدهما لأخت "جمال" يوما قبل وفاته، حينما كانت تقوم بنشر الغسيل في شرفة منزلهم المتواجد بالطابق الأول لبناية بحي سيدي امحمد بالعاصمة، فردت عليه بعبارة "انت حمار"، قبل أن يقوم بشتمها ثانية وضربها بعلبة عصير فارغة، ومثلما ذكر في المحاضر التي بحوزتنا فهي ليست المرة الأولى التي يقوم أحد المتهمين بشتم هذه الفتاة ومعاكستها أمام الملأ، مما دفعها بأخيها الأصغر إلى التدخل لإنهاء الموضوع. وتشير المحاضر التي بحوزتنا إلى شجار حدث يوما قبل واقعة القتل بين جمال والمتهمين في قضية الحال، واستنادا إلى تصريحات أخت الضحية في محاضر الضبطية القضائية فإن المتهم متعود على سبها وشتهما، وأنها يوما قبل الوقائع كانت غاضبة من تصرفات المتهم، فأخبرت أخاها بالأمر، قبل ان يخرج ويتشاجر مع المتهمين وكان شجارا عاديا انتهى بتدخل أبناء الحي لتفرقة الطرفين. وذكرت أخت الضحية أنها كانت عرضة لإهانة مستمرة من طرف المتهمين، ولولا ذلك لما اقدم اخوها على الشجار معهما قبل يوم الواقعة، كما ذكر والده الذي كان غائبا يوم الحادثة انه تلقى اتصالا هاتفيا من عائلته بوقوع شجار بين ابنه وأحد المتهمين، بسبب معاكسة ابنته، غير ان الشجار تم تفريقه، لكن انتشرت شائعات على نحو واسع تفيد بأن المتهمين توعدا بقتل ابنه في اليوم الموالي لرد الاعتبار. طعنة سكين غادرة تودي بحياته وتنهي مسيرة آحلامه ويبدو واضحا من خلال الوثائق أن الأخوين ترصدا ل "جمال" في ورشة تابعة لشركة أجنبية بالجزائر، فتوجهت أم الضحية إلى عائلتهما لتهدئة الأمور، بينما توجه والده رفقة أخيه الأصغر إلى هذه الورشة للحديث مع الأخوين، وخلال ما درا بينهما من مناقشات تعرض الوالد إلى استفزازات وقام أحدهما بإمساكه من ثيابه محاولا الاعتداء عليه، وأشهر في وجهه سكينا لم يصبه به، في حين كان الآخر حاملا ساطورا بيده، حاول الاعتداء بها على والدته بعدما خرجت من المنزل العائلي للمتهمين، ليتدخل جمال الذي سمع بالواقعة من طرف ابناء الحي، وتوجه إليه ضربة قاتلة على مستوى الصدر، سقط على إثرها متأثرا بجراحه بين يدي ولده. وتقدم أخ جمال الأصغر إلى مصالح الأمن الحضري الرابع مصطفى باشا للتبليغ عن تعرض أخيه إلى طعنة سكين على مستوى القلب، نقل على اثرها إلى المستشفى، فانتقلت مصالح الضبطية القضائية إلى هناك ليتم إخبارهم أن الحالة الصحية للضحية خطيرة جدا، قبل أن يتم إخطارهم في اليوم الموالي أن "جمال" توفي متأثرا بجراحه، وأن السبب جرح على مستوى القلب. وبعد قرابة أربعين دقيقة من ذلك توجه المتهم البالغ حاملا بيده سكينا خاصا بالقصابة ملطخا بالدماء رفقة عامل بالورشة التي جرت فيها حادثة القتل، اقنعه بضرورة تسليم نفسه بين يدي العدالة، قبل ان يلتحق به أخوه القاصر، ليأخذ الحق مجراه. التحقيقات القضائية تحيل المتهمين إلى محكمة الجنايات وتبين من الوثائق أن قاضي التحقيق لدى محكمة سيدي امحمد فصل بين المتهم القاصر الذي صدر بحقه أمر إحالة إلى قسم الأحداث في محكمة مقر المجلس الفاصلة في جنايات الاحداث بتهمة المشاركة في القتل العمدي مع سبق الاصرار والترصد، في حين أمر بإرسال مستندات القضية إلى النائب العام بخصوص المتهم البالغ المتابع بجناية القتل العمدي مع سبق الاصرار الترصد. كما كشف الملف وإجراءات التحقيق وجود دلائل كافية على ارتكاب المتهمين للأفعال المنسوبة إليهما في قضية الحال، والمتمثلة في إزهاق روح الضحية "ب/ جمال" البالغ من العمر 21 سنة، مع توفر ركني الترصد والإصرار على القتل، لاسيما الاعتراف الصريح للمتهم على أنه قام فعلا بطعن الضحية المتوفاة، وأن هذه الطعنة كانت السبب في وفاة الضحية، حسب تقرير الطبيب الشرعي، وبشهادة الشهود المتواجدين بساحة الجريمة يوم الوقائع، مما تعين إصدار أمر بالقبض الجسدي عليه ليحاكم وفقا للقانون أمام محكمة جنايات العاصمة.