في المهجر عند محاكاة الوطن، قلمي لا يخط إلا الألم و أكتب لغة لا يفك طلاسمها إلا الحنين، أبجديتها شوق و مفرداتها أنين و مدادها دمع العين. كلما مالت النجوم إلى الأفول وزادت حلكة ليل الغربة يتمثل لي و جه أمي في صفحة سماء المهجر الكئيب لييذكرني بأن وراء بريق الأمصار و الأوطان يوجد وراء الأفق هناك بين كثبان الرمل وزرقة البحر وطن مسلوب، يبقى وطني مهما الذي حصل و صار …! وطني بيكيت فيه بكاء الغائب على الكادحين و المعدومين ذات شتاء، عندما أذن صاحب البيادة آذان صلاة الإبادة فهرول رلى معبد الدمار صحفي تحوم حول استقلاليته الظنون و مثقف مصيره في يد شبح مرهون لحماية جمهورية الجنون فكان في انتظارهم إمام مجنون لعقد قران عنف الدولة بالغباء مشحون و عنف الجماعات يحركه كبت مكنون … إنه عرس الفتنة الملعون ! إنه يوم مشؤوم نصب فيه تمثال ذو وجهين قطعت أحجاره بآلة الظلم و الاستذصال و نحت بسكين التطرّف و الإرهاب الذي قطع الأوصال، من يومها أمارس حق البكاء على وطن باعه تجار الخراب في سوق الجملة للدماء الرخيصة و الأرواح التي لا تساوي حفنة تراب. و طني ذلك الشبح الذي يعكر سكون ليلي بآهات الأشباح، تلك الفئة المغيبة من المواطنين التي لا عنوان لها سوى أمل أم يحرقها طول الانتظار و هي تنظر لصورة ابنها اصفرت من الغبار! و طني سؤال لم أجد له جوابا، وطني يرزح تحت وطأة الذئاب فتحول إلى مسلخ كبير تنحر فيه القيم و تقام فيه طقوس سلخ الكرامة و تكسر فيه الهمم و طني صرخة ألم ! أنا المفتون به أسمعها من وراء البحار و من فوق القمم … سيقال عني مجنون يسمع الصراخ و الأنين حيث الراحة و السكون، وطني صرخة مظلوم و طني دمعة محروم، و طني بلاد جيل مهزوم…. في غربتي ألبس جبة رجل مقهور ثار على واقع كله ظلم وجور و هو يهذي"وتبقى مآساتنا صامدة" ! هكذا أحاكي وطني في غربتي حيث تعلمت أن أكون إنسانا يعيش ليحيا أخاه الإنسان، و طني صرخة ألم.