عزيزي القارئ..أرسلتُ الأسبوع الماضي مقالا كتبتُه لك منذ ثماني سنوات، كنت وقتها شابّا وكان ابن بوزيد وزيرا والسيد الرئيس رئيسا، ورغم أنه مقال قديم ركيك إلاّ أنّه كان محفوظا في شروط سلامة صحية وتاريخ انتهاء صلاحيته مازال بعيدا، فأرجوك إذا حدث لك أي تسمّم بسببه أن لا تبلغ السلطات فأنا لا أملك المال الكافي لحملة إشهارية أبيّض بها سمعتي مثل كاشير بلاط. ولقد انتقلنا من زمن غسيل الأموال إلى زمن غسيل السّمعة فكل من يريد أن يبني مجدا سياسيا يتبع العامة ويرصدهم ضد من يخالفه، فالجميع الآن ضد التعليم بالدارجة حتى أولئك الذين يدرس أبناؤهم في الخارج، والكلّ ضد الكاشير حتى أولئك الذين لم يقربوا وجبة باردة منذ محضر تنصيبهم، فنحن الآن دولة تملك من القوانين المجمّدة ما إن أنزل للأسواق لأغنانا عن استهلاك الكاشير في الصيف والكسكسي في الشتاء ولسان العصفور في رمضان. وعلى ذكر العصافير عندي عصفور أبيض يهدّد بالإضراب عن الزقزقة مع الدخول الاجتماعي اعتراضا على التعليم بالدارجة ويقول إن أصحابه من علماء التطور قالوا له إنّ أصله كان ديناصورا، لكن حجم جسمه تقلّص بسبب نوعية الغذاء لكن حجم مخه مازال هو هو إلا أنه لا يصدّقهم، ويقول إنّ عقله انكمش بسبب إصلاحات التعليم ويؤكد أن العصر الجليدي الذي قضى على أجداده لعبة أطفال أمام الفساد الذي نعيشه هذه الأيام. وتؤكد الإحصائيات أنّ من يستهلك اللّحوم المجمّدة والقوانين المجمّدة واحد وأن من ينتجها ويستوردها واحد، فلماذا نهتمّ باللغة التي سنتركها للأجيال القادمة فلنتركهم خُرسا لا يتكلمون، على الأقل يساعدهم هذا في التسول والخزينة فارغة.. نصيحتي لك حاول أن تغسل سمعتك جيدا ثلاث مرات يوميا أو حاول أن تغير نمط معيشتك وتتحول من ديناصور إلى طائر قبل أن يبدأ عصر الجليد.