الأمل في كل الدنيا فسحة تسع الجميع إلا عندنا هو طائرة بلا طيار لا يركبها، أحد وفي كل الدنيا العدل مفتاح المساواة وأساس الملك إلا عندنا هو مفتاح الشقة وأساس الزواج، ووجود الشرطة في كل الدنيا يستوجب الشعور بالأمان إلا عندنا هو يستوجب تحذير القادمين من الاتجاه الآخر، وكل الدنيا ترى أنك تفطر القلب حزنا إلا عند الحكومة فأنت تفطر حليبا مدعما بالخبز.. وهذا في حد ذاته إنجاز وعلى قدر أهل الحكم تأتي الإنجازات. عزيزي القارئ كلنا يزعم أنه يسعى لازدهار الوطن ولرخاء المواطن بينما كلنا لا نسعى إلا للثريد الاعفر وبغلات معاوية الشهب.. فكلنا أسف وسخر من إنجاز الحكومة العظيم للبطاقة البيومترية بدلا للبطاقة "الزربية" في 5 سنوات والاحتفاء بها ب 5 وزراء ولم ينتبه أحد لأخطر ما في هذا الإنجاز وهنا لا اقصد القضاء على الخصوصية وسهولة حصر الممتنعين عن التصويت أو المضربين أو أصحاب أي قضية، وسهولة تشكيل قوائم سوداء تعمم آليا على الحواجز الأمنية أو على هيأت توزيع السكنات الاجتماعية أو الوظائف العمومية.. بل أقصد قطع رزق الكثيرين ممن يشتعلون بتغليف البطاقات القديمة على الأرصفة وإلحاقهم بجدران البطالة الأزلية. وكلما قمنا بخطوة بسيطة سبقتنا لها كل الأمم سميناها إنجازا.. ليس لضعف في الإرادة أو لعجز في الهمة لا سمح الله.. ولكن على ما يبدو عندنا شك في مشروعية نقود البترول ولا نتصور أنها دراهم حلال لذلك كلما أنشأنا منها أشلاء مشروع قلنا عليه إن جاز بينما الإنجاز الوحيد عندنا هو الوطن إن جاز عليه شيء إنما تجوز عليه الرحمة. جميعنا نعرف أن الحراشي كان يقصد السل، القمل، التيفويد والكوليرا لما غنى يا الرايح تروح تعيا وتولي.. فالمشاكل عندنا أصبحت معقدة لدرجة استحال معها إيجاد رأس الخيط والحل لن يكون بالمحاولات اليائسة لتتبعه فكل من حاولوا حل العقدة الغوردية (وهي عقدة أسطورية لا رأس لها) فشلوا حتى جاء الاسكندر الأكبر فخرج عن المألوف والحلول النمطية وكفى بقطعها بضربة من سيفه، لذلك اعتقد أن تقديم حلول واهية وهمية وتضخيم أي نفس من أنفاس الجسد المحتضر لن يغير من واقع حالته الصحية، إذا لم نبدأ بمصارحة بعض وتحجيم واقعنا وطرح وتنفيذ أفكار حقيقية وجريئة جذرية وقاطعة ونهائية.