وسيلة بن بشي، قلم ووجه إعلامي، بدأت مشوارها المهني من الصحافة المكتوبة عبر أسبوعية"الخبر" التجربة التي أكسبتها قاعدة صلبة، قبل أن يستهويها العمل بالمجال السمعي البصري، حيث التحقت في البداية بقناة "كاي بي سي" قبل أن تنتقل إلى "دزاير نيوز" كمقدمة نشرات أخبار. وفي هذا اللقاء الذي جمعها ب"الحوار" تحدثت وسيلة عن أحلامها وطموحاتها في مهنة المتاعب. حاورتها: سامية حميش ما هي أهم محطات مشوارك الإعلامي؟ ■ المحطة الأولى من مشواري الإعلامي بدأت من الصحافة المكتوبة، حيث تنقلت بين العديد من العناوين الإعلامية، عملت في جريدة" الأحداث" وبعدها انتقلت إلى" وقت الجزائر" ومنها إلى أسبوعية "الخبر"، ليستهويني بعدها العمل في مجال السمعي البصري، حيث قدمت برنامج صباحيات بالتلفزيون الجزائري، لأنتقل بعده إلى قناة الخبر "كاي بي سي" التي عملت فيها لمدة سنة، ومحطتي الأخيرة هي قناة" دزاير نيوز" التي أعمل بها كمذيعة أخبار إلى جانب تقديم برنامج يسمى "مساء الصحافة". كيف تقيم وسيلة اليوم مشوارها الإعلامي؟ ■ أعتقد أن تجربتي في عالم الإعلام تجربة ثرية سواء في الصحافة المكتوبة أوالقطاع السمعي البصري، وأشعر أنني محظوظة في التنقل بين المجالين الذين علماني الكثير، فبفضل عملي بالصحافة المكتوبة كونت قاعدة صلبة وسليمة وحظيت بتكوين قوي جدا. فمن المعروف أن الكتابة تكوّن الصحفي، وتسمح له بالتميز بقلمه وتجعله معتمدا على نفسه، بينما يعتمد المجال السمعي البصري على الصورة ويكون الصحفي به جزء من العمل الذي يشارك في إعداده الكثيرين، وتجربتي فيه مميزة أيضا لأنها تجربة فتية في الجزائر ووجودي فيها قدم لي إضافة. هل أثر التطور التكنولوجي على أداء الصحفيين سلبا اليوم برأيك؟ ■ على الرغم من التدفق الكبير للمواقع الإلكترونية، أجدني مرتاحة أكثر عند قراءة الصحيفة الورقية التي قيل في شأنها الكثير، واعتبر البعض أن الطبعات الورقية ستختفي يوما ما في ظل التطور التكنولوجي الكبير الذي يشهده العالم، إلا أن الصحافة المكتوبة لا تزال قائمة وصامدة وبقوة، حتى أن الفضائيات تعتمد على ما تنشره وتقدمه الصحافة المكتوبة، كما أن الصحف الورقية تجاوزت هذا المشكل باعتمادها على المواقع الالكترونية الخاصة بها والتي تغذيها بالمعلومات باستمرار، وبالتالي لا تزال الصحافة المكتوبة قائمة إلى يومنا وينتظر القراء ما تقدمه. هل تؤمنين بالتخصص في مجال معين من مجالات الإعلام؟ ■ أنا أؤمن بالصحفي الذي يقدم في كل الأقسام ويتقن كل المجالات، لكن التخصص أمر مهم جدا، وفي الجزائر نعاني من نقص في تخصص الإعلاميين ولم نصل بعد إلى نضج في الصحافة المتخصصة، ربما يعود ذلك للظروف التي وجدت فيها الصحافة الجزائرية، حيث لا نجد التخصص إلا في العناوين مثلا صحفي متخصص في الاقتصاد، التاريخ أوالفنون، لكن حقيقة في وسائل الإعلام الجزائرية يجد الصحفي نفسه مضطرا للعمل في كل التخصصات والأقسام. ما هي طموحاتك وآفاقك المستقبلية؟ ■ طموحي الوحيد هو أن نصل بالجزائر إلى إعلام موضوعي يقدم خدمة عمومية، وآفاقي المستقبلية قد تختلف عن الكثير من الإعلاميين، فطموح العديد من الصحفيين العاملين في مجال الصحافة المكتوبة هو الالتحاق بالمجال السمعي البصري ويجتهدون لبلوغ ذلك، إلا أنني أختلف في ذلك معهم، فعلى الرغم من عملي في مجال السمعي البصري أبقى محبة وعاشقة للكتابة التي أعبر فيها عن نفسي، وعندما أجد بعض الوقت لا أتردد في الكتابة، لكن الكتابة في مجالنا تتوقف في زوايا معينة، وعليه أتمنى فعلا العودة إلى الصحافة المكتوبة التي تعبر عني، وأشعر أن المجال السمعي البصري استهلكني ووتيرة العمل به تستنزفني وتمتص جل وقتي. هل تعرضت وسيلة إلى ضغوطات أو محاكمات خلال مشوارك الإعلامي؟ ■ لم يصل معي الأمر للتعرض إلى ضغوطات أو محاكمات، ويمكن القول أنني تعرضت إلى حساسيات معينة، وذلك خلال عملي بأسبوعية" الخبر"، أين كنا نكتب مقالات عن التاريخ والثورة الجزائرية، ومع العلم أن التاريخ ملغم وعند البحث ومحاولة فهم قضايا تخص الثورة نقع في انزلاقات، وبمجرد الكتابة عن شهادات معينة نفاجئ باعتراض عائلة الطرف الآخر عن الواقعة، مؤكدين أن ما كتب لا يعبر عن الحقيقة كاملة، وبالتالي نتعرض إلى تهديد بالمحاكمة، وعدم وصولي إلى المحاكمات يعود ربما لكوني لم أعمل بالقسم المحلي أو الوطني اللذين يتناولان قضايا حساسة تخص الفساد وغيرها، وتعرض الصحفي إلى المسائلة القانونية يكون أحيانا بسبب خطأ بدر منه، فبالتطرق إلى قضية معينة فيها طرفين لابد من التواصل مع الطرفين والاستماع إليهما، وإنما أحيانا يتعمد الصحفي الكتابة دون سماع الطرف الثاني ما يعرضه للمشاكل. ما رأيك في دسترة المادة 41 مكرر التي تلغي عقوبة حبس الصحفي؟ ■ أتمنى أن يكون قانون عضوي دقيق يحمي الصحفي بالجزائر، ويحدد كل ما يتعلق به من مهام ومسؤوليات وحقوق، لأن الصحفي هو أضعف حلقة فهو معرض للضغوطات وللمتابعة القضائية، وأعتقد أنه إذا فتحنا تحقيق عن وضعية الصحفي في الجزائر سواء فيما يخص وضعيته الاجتماعية أو حرية التعبير نجده الحلقة الأضعف في هذا المجال، ولما نتحدث عن سلطة الضبط لا ننتظر منها فقط المراقبة وتقديم الإنذارات فحسب، بل ننتظر أن تحمي الصحفي، فهناك حالات للعديد من الصحفيين الذين عانوا وماتوا منسيين على الرغم من أنهم قدموا الكثير للإعلام وعلى رأسهم الصحفي طاهر جاووت الذي سميت عليه دار الصحافة، فقد قتل خلال العشرية السوداء، أما عن رفع التجريم عن العمل الصحفي وعدم سجن الصحفي فإنه يعتبر خطوة ويحمي الصحفي بشكل ما، لكنه لا يكفي لأن النوايا وحدها لن تجعل الصحافة الجزائرية تتقدم، حتى تقدم بدورها الأحسن والأجود. كما أن الوضعية الاجتماعية لأغلب الصحفيين سيئة، وهو ما يبرر تنقلهم بين مختلف المؤسسات الإعلامية بحثا عن الاستقرار، فحتى لو كانت التنقلات تزيد من تجربة الصحفي وخبرته إلا أنني غير سعيدة بها، فأمنيتي كانت أن أستقر في مؤسسة واحدة أبني فيها اسمي وأثري فيها المؤسسة وأكون جزء منها. هل تفكرين في إعداد برامج إعلامية جديدة شكلا ومضمونا؟ ■ طموح أي إعلامي هو البحث عن مغامرات جديدة تسمح له باكتساب خبرات جديدة في المجال، وعن سؤالك فإني أبحث دائما عن إعداد برامج جديدة من خلال وضع اللبنة الأولى في إعداد البطاقة الفنية والتشاور مع أهل الاختصاص، ولكني أعتقد في نفس الوقت بأن برنامج "مساء الصحافة" الذي أعده وأقدمه لا يزال في مهده وأسعى دائما في كل حلقة إلى تطوير المستوى من جميع الجوانب، وبعدها سيأتي التفكير في برامج جديدة تسمح لي بتقديم الإضافة المطلوبة في المؤسسة. من هو قدوتك الإعلامية؟ ■ أعتز بكثير من الصحافيين خاصة الذين تحدوا الصعاب بالقلم وأتحدث عن فترة العشرية السوداء، وأعتقد بأن الصحافة الجزائرية تزخر بكثير من أوفياء الكلمة الصادقة ممن وضعوا الأسس الصلبة لإعلام حقيقي، وبخصوص الأسماء بذاتها فإني أؤكد لك فخورة بما قدمه الكثير من الإعلاميين الجزائريين من الجنسين، خاصة في الصحافة المكتوبة. هل قدمت للصحافة أكثر مما أخذت أم العكس؟ ■ الصحافة أعطتني الكثير وأعطيتها القليل، ولست من الأشخاص الذين لا يعترفون بجميل المهنة التي يمارسونها، وأحاول دائما تعلم الكثير من هذه المهنة لاسيما ونحن اليوم في مجتمع اتصالي تتحكم فيه المعلومات بالدرجة الأولى، ولكن هذا لا يمنعني من الإشارة ثانية للصعوبات التي يجدها ممارسو هذا القطاع خاصة من الجانب الاجتماعي. ………………………………………………………………………………………. نوافذ ■ التاريخ ملغم وبمجرد الخوض في قضايا الثورة نقع في انزلاقات وشهادات متضاربة. ■ أعتز بالصحافيين الذين تحدوا الصعاب بالقلم خلال العشرية السوداء.