أخيرا ..وبعد وبعد 71 سنة بالتمام والكمال يحقق أولمبي المدية حلم أزيد من مليون نسمة مجموع سكان ولاية المدية ببلدياتها ،64 حلم تحول الحلم إلى حقيقة في موسم استثنائي لم يتكهن أشد المتفائلين بتحقيقه بداية الموسم، خاصة وأن الفريق غادره 24 لاعبا، حلم تحقق بفضل إيمان اللاعبين الشبان بإمكانياتهم فحققوا ما عجز عنه غيرهم، ولعل مقابلة يوم الجمعة ستبقي استثنائية، والأروع في كل هذا كله هو أن الفريق حقق الصعود قبل ثلاث جولات من نهاية البطولة بفعل مدرب محنك طالب الكثير بتمثال له وثلة من اللاعبين الذين قاتلوا لأجل الفريق الذي سيكون مع الكبار . * المدية لا تنام * تعيش شوارع ولاية المدية وإلى غاية كتابة هذه الأسطر فرحة هستيرية بعد الصعود التاريخي الذي حققه أبناء الأولمبي إلى الرابطة المحترفة الأولى، ففضلا عن تزيين شوارع المدينة منذ يوم أمس، بألوان الفريق، عرف الملعب بمناسبة اللقاء الذي جمع الأولمبي مع ضيفه شبيبة سكيكدة، حضورا جماهيريا كبيرا لا نظير له طيلة مسار 71 سنة من عمر الأولمبي، وانتظر أنصار البلوز الدقيقة 71 والتي تمثل عدد سنوات تواجد الفريق على الخارطة الكروية ليرسّموا أجمل اللوحات في المدرجات، حيث تزينت المدرجات بإشعال الألعاب النارية وصدحت حناجر المشجعين بأجمل الأغاني الممجدة لإنجاز الأولمبي، ومباشرة بعد إطلاق صافرة الحكم معلنة عن نهاية المباراة الأخيرة للموسم، انطلقت مواكب السيارات وجموع المشجعين لتجوب طرقات وشوارع المدينة، لتتواصل بذلك الليالي البيضاء عبر أرجاء ولاية المدية التي كتب فريقها الأول اسمه في سجل تاريخ الكرة الجزائرية. العدالة الإلهية تنصف "المدانة" صبر أنصار اللونين الأزرق والبرتقالي كثيرا على فريق الأولمبي الذي ضيع الصعود في ابثلاث مواسم الأخيرة في الجولات الأخيرة بفعل الكولسة التي ظلمت عشاق الأولمبي، غير أن هذا العام كان استثنائيا ولم يكن أشد المتفائلين يتصور صعود الأولمبي خاصة مع الانطلاقة السيئة التي عرفها، لكنه في الأخير ضمن الصعود قبل ثلاث جولات، حيث يقول أنصار الفريق ل "الحوار"، إن العدالة الربانية أنصفتهم هذا العام "وكفانا 71 سنة من الانتظار ،فاليوم الحمد الله تحقق الحلم، وها نحن نعيش أفضل اللحظات". بكاء الفرحة ل "البلوز" الكثير من عشاق الأولمبي لم يتمالكوا أنفسهم في اللقاء الأخير، حيث ذرفوا دموع الفرحة وهم يرون فريقهم الموسم القادم مع الكبار، حيث أن الكثير أجهش بالبكاء مع إعلان صافرة النهاية وترسيم الصعود، ولم يتمالكوا أنفسهم في صورة معبرة تفاعل معها الكل، والكل أدرك بأن الفريق أحق بالصعود من غيره بفعل المشوار الإيجابي الذي قطعه من البداية حتى النهاية. الأولمبي أقدم فريق في القسم الثاني لم يدرك الكثير من محبي اللون الأزرق والبرتقالي أن فريق المدية يعد أقدم فريق على المستوي الوطني في القسم الثاني، هذا القسم الذي بقي لصيقا به طوال عقود بل الكثير تكهن بعدم صعود الفريق إلى حظيرة الكبار نهائيا، بل منهم من طالب بتغيير التسمية لأن الاولمبي مستحيل أن يصعد، لكن الحلم اليوم تحقق والأولمبي مع الكبار سليماني وبوقلقال على كل لسان سليماني أو مورينيو المدية، صاحب القبعات المتعددة، بات محبوب المدانة الأول بعد أن حقق حلمهم. سليماني الذي عرف كيف يعيد الفريق إلى السكة بحنكته جعل الكثير من عشاق الأولمبي يطالبون بتشييد تمثال له رفقة الرئيس الشاب محفوظ بوقلقال، الذي دخل التاريخ من بابه الواسع، ولم يعرف المستحيل رغم نقص التمويل، لكنه تمكن بحنكته وذكائه دخول التاريخ وكتب اسمه بأحرف من ذهب فحقق ما عجز عنه غيره. إعداد رابح سعيدي * تصريحات * محفوظ بوقلقال أكد رئيس الأولمبي محفوظ بوقلقال، أن فريق استحق الصعود للرابطة الأولى، حيث تحدث عن المجهودات الكبيرة المبذولة هذا الموسم شاكرا كل من ساهم في هذا الإنجاز التاريخي سواء لاعبين أو مسيرين أو طاقم فني وإداري وكذا الجماهير، الذين وجه لهم بوقلقال تحية خاصة ، وكانت بالفعل اللاعب رقم 12 . * سيد أحمد سليماني تحدث مدرب فريق أولمبي المدية، بعد اللقاء عن لقاء فريقه بالقول، إن تشكيلته أدت لقاء في القمة واستحقت نقطة التعادل، داعيا الأنصار إلى الحضور بقوة في لقاء شبيبة سكيكدة من أجل الاحتفال رفقة اللاعبين. وأضاف سليماني قائلا: سنكافح بقوة من أجل أن نكون أبطالا لأننا نستحق ذلك، وأهنئ جماهير وسلطات ولاية المدية بهذا الصعود التاريخي. * الحارس نسيم أوسرير وجه نسيم أوسرير، الحارس المخضرم، كل الشكر للبلوز الذين بفضلهم، يقول، تحقق الحلم. نسيم أوسرير الذي كان أشد المؤمنين بصعود الفريق منذ البداية وعرف بحنكته وخبرته كيف يزرع الثقة في نفوس اللاعبين، صرح بأن هذا الصعود مهدى إلى كل من يشجع الأولمبي داخل الولاية وخارجها ولكل من ساهم في هذا الصعود التاريخي. * حامية محمد الأمين .. هداف الفريق.. وهدية من السماء يعتبر متتبعو بطولة الرابطة المحترفة الثانية لكرة القدم، لاعب وهداف أولمبي المدية، محمد الأمين حامية، أحد أبرز الاكتشافات في الموسم الكروي الحالي عامة وبطولة الرابطة الثانية على وجه الخصوص، وهذا بعد أن قدم نفسه بشكل جيد في المرحلة الثانية من الموسم، بعد أن انتقل من شبيبة سكيكدة إلى أولمبي المدية في الميركاتو الشتوي، من هداف بطولة قسم الهواة وسط إلى هداف الرابطة المحترفة الثانية، ولمن لا يعرف النجم الأول في فريق أولمبي المدية الوقت الحالي، فإن محمد الأمين حامية، كان لاعبا في صفوف شباب الدار البيضاء الموسم الماضي، أين تألق بشكل لافت للإنتباه، حيث احتل صدارة هدافي القسم الثاني هواة منطقة الوسط مع فريقه الذي لم يكن بالفريق القادر على اللعب للصعود إلى الرابطة المحترفة الثانية، وهو الأمر الذي لم يؤثر على اللاعب الشاب في التوهج وإثبات ذاته مع فريقه. * فشل مع سكيكدة والأولمبي أعاد له التوهج بعد تألقه الكبير في الموسم الماضي مع ناديه شباب الدار البيضاء، سعت العديد من أندية الرابطة الثانية للتعاقد مع المهاجم العاصمي الذي وقع أخير لفريق شبيبة سكيكدة عقدا يقضي بموجبه حمل ألوان الأسود والأبيض، حيث أمل اللاعب في أن يكون الفريق السكيكدي بوابته للالتحاق بفريق كبير في بطولة الرابطة المحترفة الأولى لكرة القدم، غير أن آمال اللاعب ذهبت سدى بعد أن عرفت تجربته مع فريق مدينة الفراولة فشلا كبيرا بما أنه لم يدخل في مخططات المدربين السابقين للنادي علي مشيش وخاصة عبد الكريم بيرة، الذي لم يجعل اللاعب قطعة أساسية في الفريق، وانتهت مرحلة الذهاب ولم يسجل مهاجم "جياسماس" إلا هدفين في مرمى كل من شباب عين فكرون في الجولة الخامسة، عندما فازت تشكيلة مشيش بثلاثة أهداف لهدفين، وأمام أمل بوسعادة في الجولة السابعة عندما فاز رفقاء سنيقرة بهدفين لهدف واحد. 6 جانفي 2016 الأولمبي يعلن تعاقده مع حامية، وسليماني وراء الصفقة، حيث بعد نهاية مرحلة الذهاب للبطولة، أعلن المدرب عبد الكريم بيرة، صراحة قبل تربص الفريق السكيكدي الذي أجراه بمركز الباز في سطيف عن تسريحه للمهاجم السابق لشباب الدار البيضاء، حيث كان على اللاعب حامية أن يجد فريقا يحتضنه ليبعث مشواره الكروي، وهنا اتصل به مدرب فريق أولمبي المدية، سيد احمد سليماني، ليتم التعاقد معه من طرف مجلس إدارة الأولمبي يوم 6 جانفي، ليصبح بذلك لاعبا في صفوف الفريق اللمداني. * 10أهداف .. تألق لافت وبلقرفي الضحية ومباشرة بعد التحاقه بالأولمبي لم ينتظر حامية كثيرا ليصبح الخيار الأول للمدرب سيد احمد سليماني، في الخط الأمامي، حيث سجل ثنائية في المباراة الثانية في مرحلة العودة، وبعدها أصبح الخيار الأول للمدرب سليماني مقابل جلوس نجم الأولمبي في مرحلة الذهاب وصاحب الخبرة الكبيرة وليد بلقرفي على مقاعد البدلاء، ليكون ضحية تألق حامية الذي فرض نفسه نجما للأولمبي بعشرة أهداف حاسمة، فبعيدا عن ثنائية أرزيو المذكورة سجل اللاعب هدفا أمام مولودية سعيدة وثنائية أمام جمعية الخروب، منها هدف غال في الدقيقة الأخيرة، وهدف أمام شبيبة بجاية، وآخر الأسبوع الماضي أمام اتحاد الشاوية .
* سيكون محط أنظار أندية النخبة .. أبرز تحدي لإدارة بوقلقال بعد التألق الكبير للمهاجم حامية مع أولمبي المدية سيكون الإحتفاظ به لموسم آخر على الأقل وسط الإهتمام الكبير الذي أبدته العديد من أندية النخبة بغية التعاقد معه خاصة مع أزمة المهاجمين التي تعرفها البطولة الوطنية، وهو ما يفسر تواجد عدة لاعبين أجانب في المراكز الأول لهدافي البطولة، أبرزهم المهاجم الليبي زعبية، حيث أن تعاقد أندية الرابطة الأولى مع اللاعبين المتألقين في الرابطة الثانية، أصبح تقليدا كبيرا بالنظر أيضا لتقارب مستوى الرابطتين الأولى والثانية، وأبرز مثال على ذلك هو التحاق المهاجم مرزوقي بمولودية العاصمة من سريع غيليزان في الصيف الفارط، بما أنه كان هدافا للرابطة الثانية، وعلى هذا سيكون مجلس إدارة أولمبي المدية بقيادة محفوظ بوقلقال أمام تحد كبير عنوانه إقناع حامية بالبقاء في صفوف الأولمبي الموسم القادم، وهو الأمر الذي لن يكون سهلا بالنظر لما قدمناه من معطيات، وسيكون الأمر مادة دسمة بعد نهاية البطولة في الوسط الكروي المداني. * هذه هي أسرار صعود الأولمبي .. حقق فريق أولمبي المدية، نسخة موسم 2015 /2016، صعودا تاريخيا إلى الرابطة المحترفة الأولى بعد أن فشل الفريق في تحقيق هذا الهدف لمدة 71 سنة من الوجود، رغم اقترابه كثيرا من ذلك في الكثير من المرات آخرها الموسمين الماضيين، لكنه يضيّع الهدف في الرمق الأخير من الموسم. وبالعودة للموسم الحالي، ومن خلال استقرائنا لمشوار الفريق منذ أوت الماضي، وقفنا على خمسة عوامل رئيسية ساهمت بشكل كبير في تحقيق الهدف المنشود من قبل آلاف الأنصار.
* جمهور من ذهب جسد مقولة "الرياضة أخلاق" العامل الأول الذي اعتبره الكثير من المتتبعين أساسيا هو جمهور الأولمبي الذي قدم كل ما يمكن تقديمه من أجل الفريق بصفة خاصة والرياضة بصفة عامة، حيث لعب أنصار الأولمبي دورا هاما ورئيسيا في تحقيق الصعود من خلال التشجيع الدائم والمتواصل للاعبين طيلة أطوار المباريات، إضافة إلى لفت أنظار متتبعي الرابطة المحترفة الثانية ببعض المبادرات التي جعلت الوسط الكروي الجزائري يتفاعل إيجابا مع كل ما قدمه أنصار الأولمبي من كرم الضيافة للمنافسين إلى التشجيع المثالي والتيفوهات الهادفة، وغير ذلك من الأشياء الجميلة التي قدمها الفريق هذا الموسم. * الروح الكبيرة للاعبي الفريق عامل آخر مهم كان سببا في إنهاء الموسم الكروي 2015 /2016 بنجاح يمتثل في اللحمة الكبيرة والروح العالية التي تميز بها تعداد الأولمبي هذا الموسم، وساعد في ذلك عدم تواجد لاعبين ذوي أسماء كبيرة ضمن التعداد ما عدا ربما أوسرير وزيان شريف، وهو الأمر الذي جعل هؤلاء الشباب يسعون إلى إثبات ذاتهم وتفجير طاقاتهم في فريق مثل أولمبي المدية بغية بلوغ القمة الكروية، حيث أصبح كل من حامية وبانوح وعدادي وغيرهم بمثابة نجوم للرابطة الثانية هذا الموسم، وهو ما سيفتح لهم أبواب النجومية والشهرة بعد أن كانوا لاعبين مغمورين قبل بداية الموسم، حيث استفاد الأولمبي كثيرا من هذا الحافز الفردي لكل لاعب من أجل تحقيق الهدف الجماعي وهو الصعود للرابطة الأولى. * شخصية المدرب سليماني شخصية المدرب سيد أحمد سليماني وفلسفة العمل التي جاء بها من العوامل المهمة أيضا في هندسة صعود هذا الموسم، فمدرب الفريق كان له دور هام ليس فقط في الجوانب التكتيكية، بل الأهم من ذلك تمكنه من خلق جسر تواصل بينه وبين اللاعبين وتجسيد الثقة المتبادلة بينه وبين أشباله، وظهر هذا جليا في العامل النفسي للاعبين فوق أرضية الميدان، حيث ظهر لاعبو الفريق بشخصية قوية جدا في فترات صعبة وحرجة طيلة الموسم، وهو ما يؤكد العمل الكبير الذي قام به سليماني أو لنقل النقلة النوعية التي أتى بها من خلال فلسفة عمل معينة كان لها الأثر الواضح على الآداء الفني للاعبين فوق أرضية الميدان طيلة 26 مباراة لعبها لحد اللحظة. * التغطية الإعلامية لمباريات الأولمبي كما يعد عامل الإعلام من أبرز العوامل التي كتبت تاريخ الأولمبي هذا الموسم، ويمكن أن نقسم هذا العامل في تأثيره إلى ثلاث نقاط أساسية، حيث تتجسد النقطة الأولى في دور الإعلام فيما يخص الكولسة والأمور التي لا علاقة لها بالرياضة ولعبة كرة القدم والتي تواجدت بكثرة في ملاعبنا، حيث أن امتلاك قناة تلفزيونية خاصة لحقوق بث الرابطة الثانية ونقل المباريات على المباشر كل أسبوع خفف من هذه الظاهرة ما دام أن الأضواء مسلطة على كل صغيرة وكبيرة وفي كل الملاعب، كما أن الانفتاح الإعلامي لعب دورا هاما في في المستويات المقدمة من قبل اللاعبين مادام أن الكل يتابع ويقيم أداء أي لاعب، فضلا عن المناجرة ووكلاء اللاعبين ودورهم في ربط الاتصالات ونقل الأسماء المميزة من الفرق المغمورة إلى الفرق القوية في البطولة، وبالإضافة لهذا يمكن القول أن الأولمبي استفاد كثير من الضجة الإعلامية التي أحدثتها مباراة ملعب الإخوة براكني في البليدة بعد الأحداث المؤسفة التي عرفتها، وهي المباراة التي جعلت الجماهير الجزائرية تتعاطف مع الأولمبي هذا الموسم، خاصة بعد ردود الأفعال المميزة التي قامت بها جماهير الأولمبي باستقبالها الرائع للفرق المنافسة في المدية. * الحظ كان بجانب الفريق وبالإضافة لكل ما ذكر، يبقى التوفيق أحد أهم الأسباب في صناعة أي إنجاز في الرياضة عموما ولعبة كرة القدم بشكل خاص، حيث كان الأولمبي في عديد المرات على مقربة من الخروج بنتائج سلبية في ملعب إمام الياس لولا التوفيق الذي حالف مهاجميه خاصة في لقاءات اتحاد الشاوية واتحاد حجوط وجمعية الخروب، أين قلب الأولمبي النتيجة في آخر دقائق تلك المباريات، وهو الأمر الذي جعل أبناء "التيطري" يحافظون على جل نقاط ملعب إمام الياس، فاستحق هذا العامل أن يكون ضمن أهم خمسة عوامل في الصعود التاريخي للأولمبي.