خاطب رئيس جمعية العلماء المسلمين عبد الرزاق قسوم، وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط بكثير من الحزم، حينما اعتبر أن المساس بالثوابت الوطينة في إصلاحات الجيل الثاني التي أطلقتها يعد خطا أحمر لا يمكن التلاعب أو المساس به، مشددا ان الجمعية ستبقى من بين حماتها و المدافعين الشرسين عنها، موضحا ان الجمعية أي مسؤول من أجل شخصه و لا تعاديه من اجل ذلك ولكن الحكم هو الوفاء للثوابت الوطنية". ونشر الدكتور عبد الرزاق قسوم، أمس، تسجيلا مصورا حول لقاء وفد جمعية العلماء المسلمين الجزائريين مع وزيرة التربية نورية بن غبريط وإطارات الوزارة حول إصلاحات الجيل الثاني، قال فيه إن: "هذا اللقاء الذي دام ساعتين و نصف أو زيادة كان لقاء متميزا بمجموعة من الخصائص، أولها أن الجمعية عملت على المكاشفة و المصارحة على المواقف التي تحس بها أو يحس بها أبناء الجمعية أولا و نبض المجتمع الجزائري عبر القطر الوطني بوجه عام، لذلك فإن هذا اللقاء ساده في بعض الأحيان نوع من الحدة و أحيانا نوع من الهدوءر و لكن بكثير من المكاشفة لما نحسه حول الثوابت الوطنية التي نؤمن بها و نبقى مدافعين عنها و نحميها على كل الأصعدة". وقال الدكتور قسوم، انه و الوفد المرافق له، وضع عدة ملاحظات على طاولة الوزيرة، في مقدمتها: "أن الجمعية في طبيعتها جمعية إصلاحية بأتم و أشمل معنى لكلمة الاصلاح، بمعنى انها تقوم بإصلاح الانسان وإصلاح المجتمع، وبالتالي فالجمعية لا يمكن ان تكون إلا مع الإصلاح، و اين كان فإن الجمعية ستكون معه" لكن يقول ما هو فحوى الإصلاح الذي تقبل به و تنادي به ليرد قائلا: هو الإصلاح الذي ينطلق من واقع الوطن وواقع الأمة و"يصب في خدمة بناء المستقبل السعيد لأبنائنا و بناتنا و بناء جيل جديد يكون مؤمنا بوطنه و انتمائه و ثوابته ووحدته".
* إصلاحات وزارة التربية سادها الغموض و الكتمان وأوضح قسوم للوزيرة أن الإصلاحات التي تنادي بها وزارة التربية الوطنية تمت و سادها نوع من الغموض و الكتمان، متسائلا عن السبب الرئيس لإطلاقها بهذه الطريقة: "لحد الآن لا نعلم ما هي هذه الإصلاحات بالنسبة للعهد الساب،ق و ما هي مضامين هذه الإصلاحات و ما هي مقاصدها، نحن نؤمن بحسن النية و نفترضها في الجميع، لكن يجب أن يصاحب هذا نوع من التوضيح من الأطراف التي قدمت هذا الإصلاح، و ما هي المنطلقات التى اعتمدوا عليها، و هو ما لم نحصل عليه". وتساءلت جمعية العلماء في كتب الوزيرة بن غبريط عن الأخطاء التي صاحبت الإصلاحات التي بدأت تحديدا منذ مجيئها: "متمثلة في المطالبة و المناداة باستخدام العامية بدل الفصحى" يقول قسوم ما معناه إخراجنا من الوسع إلى الضيق، الأمر الذي لا يمكن أن نسمح به، زد على ذلك الفضائح التي صاحبت امتحان البكالوريا التي هزت المجتمع و جعلته يتساءل كيف يمكن ان يسمح بهذا، ضف الى ذلك المكانة التي تحتلها المواد التي تحمل الثوابت الوطنية من اللغة العربية، التربية الاسلامية، التاريخ، من حيث الحجم الساعي، و من حيث المعامل في الامتحانات، و من حيث حضورها في الامتحانات الرسمية".
* الذين يهاجمونني ينطلقون من فرضية خاطئة و قال قسوم إن الوزيرة: "قدمت لنا على أن المجموعة التي حضرت الاجتماع ممثلة في مستشاريها الخاصين و المفتشين العامين على أنها تمثل لجنة إعداد المناهج التربوية، وقدمت إجابات حول تساؤلاتهم قائلة: "الذين يهاجمونني ينطلقون من فرضية خاطئة، وسببها الجهل" مشددة أن مجموعة الباحثين المختصين في الإصلاحات كلهم من أبناء الوطن، مفندة أنها استعانت بخبراء أجانب، رغم أن قسوم اعتبر أن ذلك لا يعد حرجا شريطة أن تكون كفأة و تتمتع بالعمل الجمعوي الصحيح، داعية الى الاستعانة بدول امتازت بالتقدم الواضح في التربية كاليابان، فيما دعت الوزيرة بن غبريط جمعية العلماء المسلمين الجزائريين إلى مطالعة كل كتب الجيل الثاني و التدقيق في محتواها، مبدية استعدادها للتعاون مع الجمعية في كل ما يكون في مصلحة الجيل الجديد، لترد الجمعية بالقول: "سننكب في العمل على ذلك، لكن كيف نعلل الأخطاء التي وقعت في الكتب مثل ما حدث في كتاب الجغرافيا للسنة الأولى متوسط". وثمنت رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ما سماه المبادرة التي قامت بها وزيرة التربية بدعوتها للجمعية للتحاور، معتبرا أنه يطالب ان "يبقى تقليدا و سنة حسنة في المستقبل تنفتح فيه الوزيرة على كل فعاليات المجتمع المدني لتحقيق الحقائق و توضيح ما هو غامض و كل ما يمكن أن يكون غاب عن عقول الناس و عقول المسؤولين"، داعيا الجميع الى العمل على تحقيق الثوابت الوطنية، مشددا ان الجمعية ستبقى من بين حماتها كونها المبدأ الذي أسست من أجله، مضيفا: "الجمعية لا تصادق أحدا من أجل شخصيته و لا تعاديه من اجل ذلك، ولكن الحكم بيننا هو الوفاء للثوابت الوطنية".
حنون على خطى أويحيى: "الإسلاميون وراء حملة التشويش على بن غبريط" أما زعيمة حزب العمال لويزة حنون فهاجمت التيار الإسلامي بأنه الذي يقف وراء حملة التشويش التي استهدفت إصلاحات وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط لتطهير المدرسة الجزائرية من الصراعات الإيديولوجية، مؤكدة في نفس الوقت أن ما تقوم به الوزيرة المستهدفة من إصلاحات هي في الأصل تعود لرئيس الجمهورية في المقام الأول و لا لمعسكر أجنبي كما يدعي هذا التيار في اتهامه لبن غبريط أنها تخدم الكيان الإسرائيلي و الفرنسي. وتأسفت حنون من تشكيك هذه الأطراف التي وصفتهم "بأنصار الظلومات" من أصل و فصل بن غبريط، لتقول في هذا الشأن "إن بن غبريط امرأة جزائرية من النخاع، وهي لن تتراجع عن مشروعها على الرغم من أنها تدرك الرهان". وقالت المتحدثة إن بن غبريط لا تسعى إلى توطيد علاقات مع إسرائيل أو فرنسا بالقدر الذي تسعى إلى إخراج المدرسة الجزائرية من التعفن الذي تدعمه هذه الأطراف في إشارة واضحة منها دون الذكر إلى رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري الذي تربطه روابط وطيدة مع قطر و العربية السعودية وتركيا التي تحاول ضرب الجزائر في الصميم من خلال المدرسة. وأكدت في هذا الصدد في كلمتها خلال ترأسها لأشغال الدورة الشهرية العادية للمكتب السياسي، أمس بمقر حزبها بالجزائر العاصمة، أن تشكيلتها الحزبية تدعم و تؤيد بكل ما لديه من قوة إصلاحات بن غبريط التي هي على "صواب". ورافعت لويزة أيضا لموقف وزير السياحة عبد الوهاب نوري وكذا لوزيرالتجارة بختي بلعايب على التوالي اللذين حسبها قد تمكنا من تجاوز مركب النقص الذي تتخبط فيه الحكومة بعد أن فجرا للعلن قضايا الفساد التي ما تزال تنخر المال العام، دون أن تتحرك العدالة لتحريك دعوى عمومية لمقاضاة مرتكبيها، ما يثبت صحة تواطؤ مسؤولين كبار من ذوي المال و النفوذ في دواليب السلطة في قضايا الفساد التي مست كل القطاعات و المستويات التي تسيطر عليها مافيا تعمل تحت غطاء مشروع. واعتبرت حنون أن تنامي فضائح نهب المال العام و الفساد يعود بالدرجة الأول إلى غياب إرادة سياسية و الإصلاح السياسي الحقيقي الذي يمهد لبناء دولة القانون حيث تكون العدالة مستقلة عن باقي السلطات الفعالة في البلاد دون اقصاء الإرادة الشعبية التي هي مصدر الشرعية المطلقة، منتقدة في نفس الوقت ازدواجية الخطابات التي تعتمد عليه الحكومة و تتغنى بها أمام الهيئات الدولية في مجال الديمقراطية و الحريات التي لا تعكس الواقع قط بالنظر إلى التضييق الممارس على الحريات الفردية و العامة، لا سيما على الأحزاب السياسية المعارضة و وسائل الإعلام، و ذلك عن طريق توظيف آلة العدالة التي تسيطر عليها في ظل انسداد قنوات الحوار و التفاوض مع كل الفاعلين في المشهد السياسي الوطني. وفي الشق الاقتصادي، وصفت حنون المشروع التمهيدي لقانون المالية 2017 ب "قانون حرب" و أنه يتضمن المزيد من التقشف ضد الأغلبية، أي أنه إعلان حرب حقيقي على جيوب الوطنيين من الطبقة الهشة، موضحة ان هذا القانون الذي بدأ الجدل عليه قبل عرضه على الغرفتين البرلمانيتين يحمل في طياته نية رفع يد الدولة في دعم المواد الاستهلاكية، كما انه سيوجه بعجلة الاقتصاد إلى الانكماش و الركود في الإنتاج. وأضافت المتحدثة على أن ما جاء في بنود هذا المشروع التمهيدي سيكون لصالح الأقلية المفترسة من ذوي المال الوسخ للسيطرة على الاقتصاد الوطني بعد استنزاف ما تبقى في الخزينة العمومية، محذرة من تداعيات هذا المشروع المدروس بشكل مدقق للاستمرار في عملية نهب المال العام من الأثرياء الجدد بتواطؤ مسؤولين في مختلف المستويات. ودعت حنون في كلمتها المطولة رئيس الجمهورية بصفته القاضي الاول للبلاد التدخل العاجل لإعادة النظر في مسودة فانون المالية 2017 الذي قد ينجر منه ما لا يحمد عقباه، لا سيما وأنه سيمس أغلبية المجتمع الجزائري. نورالدين علواش / مناس جمال