معمر حبار كتاب "الرعاية النبوية للشؤون الدنيوية" للأستاذ عبد الله نجيب سالم، المكتبة العصرية، صيدا، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى 1426 ه – 2005، من 159 صفحة. قرأته وأنا في الطائرة متجها إلى المغرب في شهر ماي 1437 ه -2016، وفي الإياب وأنا عائد إلى أرض الوطن الجزائر. ومن يومها لم أقم بعرضه. ومن حسن الحظ أني دونت على هامش الكتاب الملاحظات التي استرعت انتباه القارىء المتتبع، فعدت إليها اليوم، ونقلتها بسهولة ويسر، وهي التي بين يدي القارىء الكريم الآن، في انتظار أن يعود القارىء مرة ثانية للكتاب الذي جاء بالجديد في المعلومات الدقيقة، والمميزة التي لم تذكر في كتب السيرة الأخرى، ومنها .. تحالف اليهود مع كفار قريش حين بدأ التعامل مع الربا يخف ويتركه المسلمون، لأن الربا مصدر رزق اليهود. بدأت قيمة التجارة تظهر لدى المسلمين بعد غزوة خيبر حين استولى المسلمون على زروع وتجارة اليهود، وأمر سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود بأن يبقوا على حالهم ويتركوا المسلمين يشاركوهم التجارة، بعدما كانوا يسيطرون على عالم التجارة عبر الربا. ركّز سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا على قوافل قريش في غزواته وسراياه وبعض القبائل التي أظهرت له العداء، مايدل على أهمية الطرق التجارية والقوافل من أهمية. أحد الملوك حارب سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن رسول الله أغلق أبواب التجارة في وجهه، فتضررت تجارته ونفوذه، مايدل على أهمية السيطرة على طرق التجارة . إشراف سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه على البحث عن سوق للمسلمين ، بل عاين بنفسه عدّة أسواق حتى اختار لهم سوقا، لكي لا يكون المسلم تحت سيطرة اليهود المسيطرين على سوق التجارة وسوق والذهب والفضة مايدل على أهمية الجانب الاقتصادي والتجاري في بناء الدولة والمجتمع، والرؤية المستقبلية الواقعية لسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذه المعلومة الدقيقة الجديدة، تدفع القارىء يتساءل ويقول .. لماذا علماء السيرة النبوية وكتب السيرة تتحدث بإسهاب شديد عن بناء المسجد حين هاجر سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم للمدينة، ولا يتطرقون إلى البحث الحثيث عن السوق والسعي لبنائه وإقامته من طرف سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟. خاض سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم 3 حروب متتالية ضد الملك الذي قتل الرسول الذي بعثه، ما يدل على حرمة السفير والدولة التي بعثته، ويستحق من أجله ومن أجل حرمته حربا بأكملها. حين بعث سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه إلى النجاشي، كان كما يقول صاحب الكتاب يتعامل مع دولة على أنه دولة. رغم حياة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم المبنية على الجهاد، والسهر، والأعمال الشاقة، والفقر، والجوع، والسفر المتعب، وما تعرض له من قساوة الحياة والأعداء، والمكائد التي تعرض لها، إلا أنه كان يخصص وقتا للعب، والفرح، والبسمة، والتزين. وهذا من عظيم خصاله وفضائله. القول أن سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم رعى الغنم لكي يرعى الناس، قول مبالغ فيه، بدليل أننا نستورد أغنام أستراليا ودول أخرى في الأضحية والحج ومناسبات دينية ووطنية، وأستراليا أفضل من العرب من ناحية حسن التسيير. ليس الغرض رعاية الغنم بذاته، إنما الغرض هو الاهتمام بالعمل من ناحية، وتربية الحيوانات، والاكتفاء الذاتي فيما يخص اللحوم ومشتقاتها، والصناعات المعتمدة عليها. ولسنا مطالبون بمعرفة الحكمة من رعي سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم للغنم، لكن مطالبون بالاكتفاء الذاتي، والتحكم في مايؤدي إليه ويعززه ويقويه في كل المجالات.