أ/ زين الدين بن مدخن كنت والفاهم ننصت باهتمام للسيد وزير الفلاحة في نشرة الأخبار الرئيسة على القناة التلفزيونية الثالثة وهو يشرح خطط الوزارة للتصدي لمعضلة أراضي العرش والأراضي الفلاحية المملوكة في الشيوع، وتحدث بإسهاب عن منشور وزاري ينتظر إمضاءه حسبه من قبل وزراء القطاعات المعنية لاسيما الفلاحة والداخلية والمالية لتوضيح آليات معالجة هذه الإشكالية. هنا قلت معترضا في غيض هذا خطأ يا سيدي الوزير. قال: الفاهم وما وجه اعتراضك؟ قلت: عندما يتعلق الأمر بمسؤولين في أعلى هرم السلطة عليهم أن يحترموا عقول المواطنين ولا يستخفوا بها، وهذه المرة الثانية التي يكرر فيها السيد وزير الفلاحة الخطأ نفسه، الأولى على أمواج القناة الإذاعية الأولى والثانية على التلفاز. إن القول بأنه بصدد إعداد منشور وزاري يمضيه وزراء القطاعات المعنية قول خطأ. لأن المنشور يمضيه وزير القطاع فقط موجه بشكل حصري لمرؤوسيه على مستوى دائرته الوزارية بغرض توضيح آليات تطبيق نص تنظيمي أو شرح ما التبس منه، وأظن الوزير كان يقصد قرارا وزاريا مشتركا، واللوم لا يقع على شخصه فقط بل العتب الكبير على مستشاريه الذين لم يكلفوا أنفسهم عناء متابعة تصريحات الوزير ولفت انتباهه إلى هكذا أخطاء قد لا يعيرها العامة أهمية، لكنها جسيمة بحكم المنصب والصفة، فالوزير مسؤول عما يصرح به وواجبه تحري الدقة والضبط في استخدام المصطلحات. إذ الآفة التي ابتلينا بها في الجزائر أن لا أحد يسأل عما يصرح به ولا يؤاخذ بالأخطاء التي يرتكب. قاطعني الفاهم على عادته وما الضرر في ذلك، مرسوم، قرار، منشور، تعليمة ياخي كل كيف كيف؟ قلت يا الفاهم الصمت أحرى بأمثالك. الأمم تبنى على العلم وليست مؤسسات الدولة سوق يقول فيها من شاء ما شاء على الهواء. الجمهورية تؤسس على المؤسسات والمؤسسات تحكمها النصوص واحترام النصوص والحرص على الالتزام بها والإذعان لأحكامها، قوام استقرار الدولة ونجاحها، أم أن ندوس النصوص ونقفز على المؤسسات ونتشدق بعد ذلك بأننا بصدد بناء دولة القانون فهذا لعمرك في القياس غريب.