غاص في عمق المجتمع الجزائري محاولا إزاحة الستار عن كثير من القضايا التي يجهل المواطن الجزائري حقيقتها، اختار ميدان التحقيق الصحفي والربورتاجات لإبراز مواهبه رغم قلة الصحفيين العاملين في هذا التخصص وصعوبة المهمة وقلة الزاد، رفع الصحفي عبد القادر خربوش، راية الاستمرارية عاليا ليتنقل من رقان في عمق الصحراء الجزائرية إلى غرداية إلى ساحة المواجهة في ليبيا ويتوغل في عمق أوروبا، ليتتبع آثار الهجمات الإرهابية التي ضربت باريس والجاليات المسلمة هناك.. تحقيقات بحثت عن رأس الخيط وكسبت ثقة المشاهد الجزائري. الصحفي المحقق عبد القادر خربوش لم يخف صعوبة المهمة لكنه اعتبر أن كسب رهان التميز يكون بالعمل المتقن والتكوين المستمر. *كيف كانت الانطلاقة الأولى للصحفي عبد القادر خربوش في عالم الإعلام؟ -انطلاقتي كانت سنة 2009 وكنت وقتها طالبا في الجامعة، حيث تعرفت على الأستاذة نادية شرابي، وزيرة الثقافة السابقة، والتي كان لها الفضل في دخولي عالم الإنتاج التلفزيوني عبر برنامج موجه للأطفال "ساهلة ماهلة" كانت تنتجه مؤسسة "بروكوم" الدولية، و كان يبث في التلفزيون الجزائري.. التحقت بفريق الإنتاج الذي كانت تقوده نادية شرابي كصحفي محرر ثم كاتب للسيناريو والحوار فمخرج للبرنامج إلى غاية 2013 بعد قيامي بدورات تدريبية في المجال على يد مخرج فرنسي والمخرج الجزائري سيد علي مازيف.. وقبل ذلك أي في 2010 بعد تخرجي من الجامعة التحقت بقسم الإنتاج بالتلفزيون الجزائري أيضا وعملت ضمن طاقم برنامج " الحقيبة البيضاء" لمعدته ومخرجته السيدة فريدة دهينة التي منحتني ثقتها واحتضنتني من خلال تكليفي بإعداد ربورتاجات ميدانية عبر كامل التراب الوطني، وكنت أشتغل في المؤسستين في آن واحد، أي "التلفزيون الجزائري و بروكوم الدولية". في مطلع 2012 و مع ظهور القنوات التلفزيونية الخاصة، قررت خوض تجربة جديدة والتحقت بقناة "الشروق" أياما قليلة بعد إطلاقها وكنت ضمن طاقم صحفي شاب تحت إشراف ليلى بوزيدي، حيث عملت بقسم التحقيقات، وكنت أول معد لأول تحقيق 52د ضمن سلسلة "الشروق تحقق"، لكني سرعان ما غادرت "الشروق TV " بعد 09 أشهر عمل، لأكون ضمن الفريق الصحفي المؤسس لقناة "دزاير" منذ أكتوبر 2012 إلى يومنا هذا، حيث تركز عملي منذ البداية على الميدان من خلال تغطية مختلف الأحداث خاصة الأمنية منها، ما جعلني محل ثقة المدير العام لمجمع الوقت الجديد، محمد حاكم، و مدير الأخبار سمير عقون، اللذين ما فتئا يقدمان لي كل التسهيلات والإمكانيات لإنجاز مختلف الأعمال الصحفية التي أنجزتها وطنيا وحتى دوليا، والمتمثلة في قرابة 20 تحقيقا تلفزيونيا مطوّلا 52 دقيقة ضمن سلسلة "حقائق" و ريبورتاجات أخرى وحوارات منذ أكتوبر 2012 إلى يومنا هذا. تحصلت على جائزة "أبناء نوفمبر" المنظمة من قبل وزارتي المجاهدين والاتصال كأفضل عمل تلفزيوني عام 2014 عن تحقيقي : "رقان الإرث المسوم"، و ما خلفته التفجيرات النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية، كما تحصلت على المرتبة السابعة عربيا بتحقيقي "أطفال القصدير" ضمن مسابقة سمير قصير لحرية الصحافة في لبنان من بين أكثر من 300 عمل تلفزيوني مشارك من مختلف دول الوطن العربي. *هل ترى أن الطريق إلى الصحافة اليوم بات سهلا في ظل الانتشار الكبير لمختلف وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية؟ -نعم يمكن القول إن الطريق اليوم أصبح سهلا وسريعا بعض الشيء للوصول إلى العمل الصحفي، بحكم الانتشار الواسع لوسائل الإعلام باختلاف أشكالها "المكتوبة، الإلكترونية، المسموعة و المسموعة المرئية"، و حققت حلم الكثيرين في اقتحام عالم التلفزيون مثلا، والذي كان حكرا على المؤسسة العمومية للتلفزيون، لكن في المقابل وللأسف فقدت الصحافة بريقها ووزنها الحقيقي في الجزائر وتحولت لدى البعض إلى وسيلة للوصول إلى النجومية وتحقيق أغراض خاصة دون مراعاة لأخلاقيات المهنة ولا لنوعية المادة الصحفية المقدمة للمتلقي.
*المنافسة بين القنوات التلفزيونية الخاصة فتح المجال لبروز نوع من البرامج الاجتماعية تركز كثيرا على كسر بعض الطابوهات والغوص في أعماق المجتمع، ماهو تقييمكم لمثل هذه النوع من البرامج، وهل تعتقد أنها صالحة للبث في الجزائر؟ – قليلة هي البرامج الاجتماعية التي تهتم حقيقة بواقع المجتمع الجزائري وتعالج قضاياه بعمق وتأن حفاظا على سمعته وخصوصيته، لأن بعض البرامج وتحت شعار كسر الطابوهات كسرت حرمة المجتمع الجزائري من حيث لا تدري، وبدل أن تداوي الجرح عمّقته، لكن هذا لا ينطبق على كل البرامج، حيث توجد بعض الحصص الاجتماعية المشرّفة و لو على قلتها إلا أنها تحفظ ماء الوجه، سواء من خلال نوعية المواضيع التي تناقشها أو حتى في طريقة الطرح. *بحكم تخصصكم في الربورتاجات والتحقيقات، ماهي العراقيل التي تواجه الصحفي المحقق في الجزائر ؟ -هي نفسها العراقيل التي تواجه الصحفي الجزائري بصفة عامة، لعلّ أهمها حق الحصول على المعلومة وما نعانيه مع المؤسسات العمومية التي لا تعتمد على منظومة اتصالية حديثة ولازالت تتعامل مع الصحفي ببيروقراطية مجحفة تعرقل مهامه، والغريب أن أغلب القائمين على الاتصال بمختلف المؤسسات لا يتواصلون معنا، أما عن التحقيقات فأنا أعتقد أننا لم نصل بعد إلى مستوى التحقيق الصحفي خاصة في التلفزيونات، ودائما ما اصطلح على ما ننتج بالروبوتاجات الاستقصائية، بحكم المشاكل التي تعترضنا في الميدان والتي تصل في بعض الأحيان إلى تعرض الصحفي إلى أخطار تهدد حياته، أذكر مرة أنني تعرضت للضرب بقضيب حديدي كاد أن يسبب لي عاهة مستديمة بينما كنت أقوم بتغطية مواجهات شباب غاضبين مع الأمن بتقرت في ورقلة، كما أنني تعرضت لتهديدات أثناء وبعد تغطيتي لأحداث غرداية رغم ثناء جل سكان الولاية على الموضوعية التي التزمت بها قناة "دزاير" في تغطيتها للأحداث. *.. وهل نجح هذا الأسلوب في كسب ثقة المشاهد الجزائري؟ وما هي البرامج الأكثر تأثيرا في المشاهد الجزائري؟ -أعتقد أن التحقيقات والأعمال الميدانية أهم ما يستقطب المشاهد الجزائري، لأنها تعكس واقعه اليومي وتنقل انشغالاته العميقة أملا في تحسين أوضاعه، أما عن ثقته في الأعمال التلفزيونية التي نقوم بإنجازها، فالحكم للمشاهد وهو سيد القرار. *وكيف تقيمون التجربة اإعلامية في الجزائر اليوم؟ -لست في مقام من يقيم التجربة الإعلامية لسبب واحد وهو أنني لازلت صحفيا مبتدئا أسعى دوما لصقل إمكانياتي المهنية لتقديم أعمال ترقى لتطلعات المشاهد الجزائري الذي مازال يبحث عن برامج هادفة يستفيد منها، أما رأيي المتواضع عن التجربة الإعلامية السمعية البصرية خاصة، فهي تجربة فتية رغم أنها استقطبت المشاهد الجزائري وصرفت أنظاره عن متابعة القنوات الأجنبية خاصة فيما يتعلق بأخبار وطنه، أعتقد أن هذا الأمر يعد إيجابيا ويجب تثمينه، لكن لابد علينا جميعا أن نضاعف جهودنا لتصحيح ما يجب تصحيحه في طريقة طرحنا للمواضيع المختلفة وضرورة احترامنا لمبادئ العمل الصحفي و آدابه. *وماهي نظرتكم لمستقبل الإعلام في بلادنا؟ مستقبل الإعلام مرهون بمستقبل المؤسسات الإعلامية نفسها والتي تعاني من مشاكل مالية بسبب تداعيات الأزمة الاقتصادية في البلاد، و على الحكومة أن تدعم هذه المؤسسات لضمان ديمومتها لبناء جدار إعلامي قوي يواجه التهديدات التي تتربص بالجزائر، كما أن على مسؤولي هذه المؤسسات أن يولوا أهمية لتكوين الصحفيين لأننا نملك طاقات صحفية شابة تحتاج إلى تأطير و توجيه وأنا واحد من هؤلاء، حتى نرقى بما نقدمه للمشاهد الجزائري ونصل إلى تقديم خدمة تنويرية وفقا لقواعد المهنة من "موضوعية، مصداقية و مهنية". *ماهو تقييمكم لمستوى جريدة "الحوار؛ وما تقدمه من محتوى اليوم؟ -جريدة الحوار في نظري استطاعت أن تصل إلى القراء في فترة وجيزة ووجدت لها مكانا بين أهم الجرائد في الجزائر بالنظر إلى أهمية المواضيع التي تتناولها خاصة في منتدى الحوار، والذي عوّدنا على إثارة مواضيع ذات أهمية بالغة. أتمنى لكم كل التوفيق. حاورته : سهام حواس