دخل الصحفي حبيب الرحمن جعيط ميدان الإعلام وكله طموح في تقديم صورة أفضل للإعلام الجزائري رفقة طاقات شبانية أبانت بعد فتح قطاعي السمعي البصري عن قدرات ومواهب كبيرة، سيكون المستقبل حافلا أمامها إذا تم وضع قوانين تضبط الإعلام في الجزائر وتسمح للشباب بتقديم أفكارهم، ووضع القطاع بين أيدي المختصين بعيدا عن فوضى رؤوس الأموال، واعتبر مقدم برنامج تعقيب على قناة "بور تي في " أن الطريق لا يزال في بدايته، لكن الأمل يبقى قائما في رؤية إعلام جزائري محترف وبمعايير عالمية. *كيف كانت الانطلاقة الأولى للصحفي حبيب الرحمن جعيط في عالم الإعلام؟ السلام عليكم وشكرا لكم على هذا الاهتمام الخاص بفئة الإعلاميين وأخص بالذكر صفحة "الميديا" وكل الزملاء الصحفيين بجريدة "الحوار"، أنا خريج كلية الإعلام بولاية باتنة سنة 2013، توجهت مباشرة إلى العاصمة بعد نهاية الدراسة وتربص في الإذاعة الوطنية. كانت لي الفرصة في البداية أن ألتحق بقسم الأخبار في قناة "الأطلس" سابقا، وعملت بها إلى غاية غلقها. بعد مدة من الركون إلى الراحة بدأت مسيرة أخرى في قناة "beur tv" التي فتحت لي الأبواب، تنقلت فيها بين الربورتاجات والتحقيقات مع الحفاظ دائما على مكاني في قسم الأخبار وهذا ما يميز قناة "beur tv". في الحقيقة يترك لك المجال لصقل خبرتك في أي قسم من الأقسام التي تناسب قدراتك، ليستقر بي الوضع في قسم الإنتاج لإعداد وتقديم برنامج الطريق إلى البرلمان، بمعية الزميل رحموني محمد، والآن معد ومقدم برنامج "تعقيب"، ودائما في المجال السياسي إلى غاية الآن. *المنافسة بين القنوات التلفزيونية الخاصة فتح المجال لبروز نوع من البرامج الاجتماعية وبرامج "التولك شو"، ما هو تقييمكم لمثل هذه النوع من البرامج؟، وهل نجح هذا الأسلوب في كسب ثقة المشاهد الجزائري؟ -الصراحة المنافسة في البرامج التلفزيونية شديدة والتنوع والاختلاف من حيث الشكل والمضمون هو البارز، وأنا أرى بأنه شيء إيجابي لأنه كلما كبرت المنافسة كلما كانت النتائج جيدة في قطاع السمعي البصري، وخاصة البرامج التي بقيت حبيسة التقليد ولم تتطور وهذا لأسباب عديدة منها التأطير والتكوين في هذا المجال الذي أراه ناقصا، أما برامج "التولك شو" لم تجد مكانتها في التلفزيونات الجزائرية، هذا النوع من البرامج يتطلب صحفيا متمكنا ومتحدثا جيدا، وفيه من الخصائص ما يجلب المشاهد، لأن شخصية الصحفي وطريقة عمله تأثر على البرنامج بشكل عام وعلى المتلقي أيضا. في قناة "beur tv" كان برنامج "تولك شو" يقدمه الصحفي عبدو سمار، وكان له جمهوره ونسب مشاهدة لا بأس بها، لكنه توقف عن البث بعد موسم كامل من السنة الماضية، لكن أعتقد أن هذا النوع من البرامج ناجح بشكل كبير في التلفزيونات المشرقية التي تتبع المدرسة الأمريكية في إنتاج برامجها، وأرى أيضا أنه في بعض القنوات التونسية كانت لها تجربة ناجحة في برامج "التولك شو" وتجاوزت الجمهور التونسي لتذهب إلى أبعد من ذلك وتستقطب جمهور عربي إن صح التعبير بدل التونسي فقط، وهذا ما لم يحقق في الجزائر وأنا شخصيا أعرف العديد من الزملاء ممن يحملون أفكارا قوية لو توفرت لها الإمكانات وجسدت حقيقة ستصنع الحدث، أما الجمهور الجزائري لم يخرج من عباءة الطابوهات. كل محتوى يفتح هذا النوع من المواضيع يصنع نسب مشاهدة عالية حتى و لو كان في نشرة أخبار، لأن طبيعة المجتمع الجزائري المحافظ تجعل منه فضوليا لتتبع مواضيع مثيرة لها علاقة بالحياة العائلية والزوجية مثلا، وجمهور هذه البرامج أيضا واسع ويمس حتى الطبقة السياسية والمثقفة، لكن تبقى فرضية ثقة الجمهور في هذا النوع مقتصرة على قوة انتشاره وما دام انتشاره محدود فهذا يعني أن ثقة الجمهور فيه محدودة أيضا. *وكيف تقيّمون التجربة الإعلامية في الجزائر اليوم؟ -التجربة الإعلامية في الجزائر فتية جدا خاصة في مجال السمعي البصري، وأنتم تعلمون ذلك وتوافد رجال الأعمال على إنشاء قنوات تلفزيونية من منظور تجاري عطّل نجاحها، وكان عقبة في وجه إعلاميين يشغلون مناصب تحت وصاية أشخاص لا علاقة لهم بالإعلام والأمثلة كثيرة، ما يصنع فارقا في تقديم محتوى إعلامي هادف، ويبقى التركيز على المداخيل المالية وفقط، ما فتح الأبواب أمام كل أشكال العنف الإعلامي كما أسميه، وتكون وسائل الإعلام في محل أسلحة يتحارب بها أشخاص فيما بينهم، وجعلها وسيلة من وسائل الضغط لترتيب مصالح خاصة لأناس أو لمؤسسات و غير ذلك، كما لا يمكن أن ننفي علاقة الإعلام بالسياسة، بحيث تكون كل وسيلة تابعة لجهة معينة وإيديولوجية معينة، ما يعطل عمل الصحفي عن عمله وحتى عن أهدافه و يجعل من مستقبل الإعلام ككل في خانة المجهول، ونتمنى أن تتغير الأوضاع إلى الأحسن، لكن ما دام سوق الإشهار يوزع على أساس المصالح وهو الركيزة الأساسية والإمكانية الضرورية لوجود وسيلة إعلامية وتواصل وجودها، فقد رأينا الكثير من العناوين في الصحافة المكتوبة دفنت لمنع الإشهار عنها. *هل أنت متفائل بحرية أوسع ومنافسة أكثر نزاهة بين مختلف المنابر الإعلامية؟ – بالنسبة للحرية فهي باب طويل وعريض، والمجال غير مفتوح للتفصيل فيه بدقة، لكن أنا أعتقد أن مجال حرية التعبير في الصحافة اليوم في مستوى ضيق نوعا ما، والكثير من التصنيفات المتعلقة بهذا الموضوع وضعت الجزائر في مرتبة متأخرة نوعا ما وهذا لا يمكن نفيه، فالتعددية مثلا وهي التي يستدل بها كل من يرى بأن الصحافة حرة في الجزائر لا يمكن اعتبارها معيارا للحرية حقيقة، فالخط الافتتاحي لأي مؤسسة يعكس حظها من الحرية، والأدهى من ذلك أن في داخل أي مؤسسة إعلامية فيه مجموعة من الخطوط الحمراء التي يمنع الصحفي من تجاوزها في مواضيعه باعتبار أنها تخدم المؤسسة سواء سياسيا أو تجاريا، وهو ما يربي الصحفي على أن يؤمن بأنه دائما يوجد سقف لحريته …ولذلك ما دامت المنظومة السياسية نفسها في الجزائر، وتفكر بنفس التفكير لضمان استمراريتها ربما، أو استمرارية مصالحها وسياساتها وأشخاصها، فإنني غير متفائل ببساطة بالنسبة للنزاهة في المنافسة، فكما سبق وأن ذكرت فإن وضع وسائل الإعلام في درج الأسلحة لأشخاص ووجهات معينة يجعل منها تحترم قواعد اللعبة والالتفاف على مصالحها مثلما يفعل الجميع، وقد تجد نفسها في حرب مصالح إعلامية يفرض عليها الوقوف في صف شركائها الإستراتيجيين، وبهذا قد تحدث منافسة غير شريفة تماما مثلما حدث مؤخرا، حول قضية مصنع لصناعة السيارات، رأينا كيف تنوعت طرائق تقديم الخبر للمشاهد أو القارئ، في هذه الحالة أصبحت منافسة غير شريفة، لكن نتمنى أن يتغير كل هذا وتفكر وسائل الإعلام في ممارسة الإعلام فقط، كما أتمنى أيضا أن تهتدي المؤسسات الإعلامية إلى أن تستثمر في العنصر البشري وتخصيص ميزانيات لتدريب الصحفيين وحتى التقنيين لتقديم إنتاج ومحتوى مشرف ويحسب عليها وعلى الجزائر، وأتمنى بشدة ذلك، كما يجب على هذه المؤسسات أن تحسب حساب المتلقي من خلال المحتوى الإعلامي من مشاهد وأخبار، وحتى الترويج أو التغليط بمعلومات كاذبة لأنها المؤثر الوحيد على الرأي العام حتى في تربيته. *ما هو تقييمكم لمستوى جريدة "الحوار"، وما تقدمه من محتوى اليوم؟ جريدة "الحوار" مشكورة على ما تقدمه، فهي منبر يملك من الخصائص ما يجعله منفردا عبر صفحاته كصفحة "الميديا" أو حتى المنتديات الهادفة التي أصبحت تقليدا والزملاء مشكورين عليها، ونتمنى ل"الحوار" أن يبلغ كل أهدافه بحرية ونزاهة، كما أشرت إليه في سؤالك، لأن ثقة القارئ هي رأس مال كل عنوان، وفي الأخير أشكركم على استضافتي في صفحتكم، وأتمنى أن توفقوا في عملكم، ومزيدا من التألق والنجاح. حاورته: سهام حواس