تحملت الكثير من النساء في وقتنا الحالي أعباء الأسرة المادية أو شاركن في الحفاظ على توازن الأسرة إلى جانب الرجل خاصة مع استقلاليتها المادية التي حظيت بها وساعدتها على الاعتماد على نفسها وعدم الاحتياج للرجل أو المعيل، لكن استقلالية المرأة المادية لم تمنحها حريتها بالقدر الكافي ولم تغير نظرة المجتمع وأحكامه تجاه المرأة. ترى الأخصائية الاجتماعية الأستاذة آمال زواغي أن الاستقلال المادي للمرأة حقق لها نوعاً من الاكتفاء الذاتي، إلا أن مفهوم الاستقلال المادي بحد ذاته والذي حققته المرأة بخروجها للعمل له مقومات عديدة لا يمكن للمرأة أن تصل إليه من خلال راتب محدد، يضاف إلى ذلك ضرورة التفريق ما إذا كانت المرأة مسؤولة عن نفسها أم أنها مسؤولة ومعيلة لغيرها وبالتالي يكون عملها عاملاً مادياً مساعداً فقط؟ من هنا لابد من الإشارة إلى تداخل مفاهيم وظروف ومقومات تحد من الوصول إلى الاستقلال المادي أصلاً وبالتالي لن يكون عمل المرأة مجدياً للوصول إلى هذه الغاية ، فالمردود الذي تحصل عليه المرأة يحدد أيضا مدى استقلاليتها المادية والاجتماعية، فيكون مفهوم الاستقلال المادي في هذا السياق مفهوماً نسبياً مرتبطاً بطبيعة عملها ودرجة إيفائه لحاجاتها الشخصية والاجتماعية. ومن جهة أخرى ومن وجهة نظري -حسب المتحدثة ذاتها- لا علاقة بين استقلالية المرأة المادية وحريتها, عليها أن تعي ذاتها ومسؤوليتها وأن تدرك أن حريتها هي على قدر ما تحقق من طموحات وعلى قدر مبادرتها في إسهامات بناءة في المجتمع ثم إدراك أهمية دورها الفعال. إن هناك ارتباطا بين استقلالية المرأة المادية وحريتها, ولا يمكننا أن ننفي أن الاستقلالية تمنحها شيئاً من حريتها, إذ يكفي شعورها بعدم حاجتها للآخرين, حتى لا تكون تابعة لأحد، وفي نفس الوقت يؤهلها ذلك لأن تكون مستقلة في جوانب أخرى في حياتها اجتماعية وثقافية وفكرية، فالتحرر الاقتصادي مهم جداً بالنسبة لتطور المرأة واتجاهها نحو حريتها لأن مقدرتها الشخصية ودخلها الخاص من جهة ثانية يمنحانها احترام الذات والثقة بالنفس نحو المبادرة والإقدام في كل اتجاهات حياتها فهذا الجانب يشكل نافذة مهمة جداً, وإن كانت حرية المرأة محدودة كونها ترتبط بالمجتمع بشكل أو بآخر ما زال الرجل يتحكم في مجتمعنا ويفرض آراءه وتصوراته على المرأة. الاستقلالية المادية سلاح ذو حدين تقول الأستاذة آمال زواغي إن الاستقلالية المادية سلاحً ذو حدين، لأنها تؤثر جداً على الفتاة عند اختيار شريك حياتها، فهي لن تجد زوجا يلائم مستواها المادي بسهولة إن تأخرت في الزواج، ولن تجد من يتوافق مع مستواها الفكري أيضاً، أما في حالة المرأة المتزوجة، فالاستقلالية المادية قد تكون نعمة تشعرها بالقوة، ولا تضطرها إلى الاستمرار في زيجة فاشلة. وتضيف أن الاستقلالية المادية قد تكون نقمة إذا كانت تتقاضى راتباً أعلى فتتعامل مع زوجها بعجرفة مما يتسبب في وقوع المشاكل بينهما وقد يصل الحال إلى الطلاق. وهنا تنصح الأستاذ زواغي كل امرأة بالتحلي بذكاء الأنثى حتى ولو كانت أعلى منصباً ونفوذاً من الرجل لتشعره أنها الأضعف وهو الأقوى. فليس ضروريا أن تتعامل المرأة مع الرجل وكأنهما ندان لتثبت له أنها متساوية معه في القوة، وإنما إذا جعلته يشعر بضعفها وبحاجتها الدائمة له ، تملكه . السيدة ''ب .زبيدة'' قالت في مسألة الاستقلالية المادية للمراة: ''لا أشعر أنني مستقلة رغم وظيفتي ومرتبي وأرى أن حصولي على الراتب يحكمني في كل تصرف حياتي لأنه يتوجب عليّ ألا أبدو أني أفرض مواقفي وآرائي كوني موظفة ولا أعتقد أن المرأة حصلت على حريتها بخروجها للعمل وإن شكل جانباً مهماً في تحقيقها جزءاً من كيانها كإنسانة عليها أن تخرج للحياة, وكافة مجالات حياتنا مرتبطة ببعضها البعض فهل خروج المرأة للعمل واستقلاليتها المادية حرر مجتمعنا وغير نظرته وتعامله مع المرأة؟ فكل شيء في مكانه وإن خفت الضغوط نسبياً على المرأة المستقلة مادياً إلا أنه مطلوب منها حتى تتكيف مع محيطها أن تتنازل عن آرائها وتتحلى بالمجاملة المبالغ بها حتى لا يقال عنها مستبدة بأفكارها لأنها تشارك في إعالة أسرتها''.