من وعد بريطانيا، وخطاب المجحوم بلفور عام 1917م، إلى وعد المعتُوه المأفون ترمب 2017م قرن، لتتكامل فصول المؤامرة علي فلسطين التاريخية ومقدساتها، وبكل صراحة لم يكن يتجرأ ترمب على ما فعله من مجزرة وجريمة وتزييف تاريخي ارتكبها بحق القدس الشريف أطهر بقاع الأرض بعد مكةالمكرمة، لولا الخنوع والخيانة والتواطئ والموافقة الرسمية من بعض الملوك والزعماء العرب!؛ وكان خطاب ترمب يتضمن فقرة كاملة من خطاب بلفور، وهيرتزل الهالكين؛ ومهما اتخذوا من قرارات من بلفور إلى ترمب لن يسوي خطابهما الحبر الذي كتب به ولن يغير شيئا من القدس الشريف، وذلك لأن قرار القدس الشريف بأنها عربية إسلامية مقدسة هو قرار رباني إلهي من الله عز وجل يمثل عقيدة إسلامية وشريعة ربانية خالدة في الدنيا ما بقي الليل والنهار، فالقدس الشريف تستمد شرعيتها من الله عز وجل ومن كلام الله جل جلاله في القرآن الكريم. وباعتبار ترمب القدس عاصمة لكيان الاحتلال الصهيوني يكون قد دق المسمار الأخير في نعش مسيرة التسوية وحل الدولتين، ويبين القرار التوافق الصليبي الصهيوني الماسوني ضد الإسلام والمسلمين، وقد بين ذلك الله جل جلاله في قوله سبحانه وتعالي: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ{51} فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ {52}". إن مدينة القدس الشريف تمثل عاصمة العالم العربي والإسلامي وهي قلب فلسطين وروحها النابض، وهي متجذرة بالتاريخ والمسجد الأقصى المبارك ثاني مسجد وضعت أساساتهُ الملائكة، ونحن متصلون وملتصقون روحياً بالقدس بشكل عميق وكلي، حتى أن جدرانها قادرة على رواية كامل حكايتنا منذ فجر التاريخ، والآيات القرآنية تتكلم عن غدر اليهود وأنهم يشيعون في الأرض الفساد، بل قتلوا الأنبياء وتطاولوا علي الله رب العالمين، قال تعالي:" وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ"؛ لذلك نحن الفلسطينيين شعب الشهداء الأبرار المرابطين الأبطال شعب الجبارين المؤمنين اليوم، نحنُ حماة القدس وسندافع عنها حتى آخر رمق وآخر قطرة دم من دمنا؛ ونقول بكل بساطة، بأن القدس عاصمة فلسطين وستبقى عاصمة فلسطين، وهي أكبر من بلفور ومن ترمب ومن كل عواصم العالم، وبالرغم من اعتراف المجرم ترمب أن القدس عاصمة إسرائيل الأبدية، فهذا لن يغير شيئا لأن القدس عقدة في قلوب ونفوس المؤمنين راسخة، سجلها القرآن الكريم لتكون خالدة كخلود القرآن، وصلى النبي صل الله عليه وسلم بالقدس الشريف إماماً بالأنبياء في المسجد الأقصى المبارك، ومعهم موسي وعيسي عليهما السلام، وهي إقرار وتسليم راية الإسلام منهم ومن كل الأنبياء لنبي الرحمة والإسلام، ومن عاصمة السلام والإسلام القدس الشريف أولي القبلتين وثاني المسجدين وضع في الأرض بعد مكة بأربعين سنة، وثالث الحرمين الشريفين ومسرى النبي صل الله عليه وسلم؛ والعرب والمسلمون وشعب فلسطين قادرون معاً على التصدي لكل المؤامرات والأكاذيب التي تستهدف القدس الشريف عاصمة فلسطين الأبدية. ونحن اليوم بحاجة للدفاع عن مسرى النبي صلى الله عليه وسلم ليس بالأقوال بل بالأفعال، من خلال تفجير انتفاضة شعبية طويلة مثل انتفاضة الحجارة الأولي عام 1987م، والتي أرهقت الاحتلال؛ لتكون انتفاضة فلسطينية رسمية وشعبية وعربية وعالمية، بعنوان "القدس عاصمة العرب والمسلمين وفلسطين الأبدية"، وخاصة بعد اعتراف ترمب بالقدس عاصمة للكيان المحتل، والعمل الفوري على استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية فوراً، وتوحيد كافة القوى الفلسطينية في خندق واحد وجهة موحدة لمواجهة الاحتلال المجرم، ودعوة المجلسين المركزي والوطني للانعقاد فوراً، ومن ثم سحب اعتراف دولة فلسطين (بإسرائيل)، إعلان إلغاء اتفاقية أوسلوا وقطع كافة أشكال الاتصال مع سلطات الاحتلال وخاصة التنسيق الأمني؛ وقطع كل أشكال الاتصال والعلاقة الفلسطينية مع إدارة ترمب، ونتنياهو، والعمل علي رفع شكوى في مجلس الأمن ضد الولاياتالمتحدة لخرقها القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن فيما يتعلق بالقدس الشريف، وتفعيل كل الشكاوى وجرائم الحرب ضد دولة الاحتلال في المحكمة الدولية، وإتمام المصالحة الوطنية بكل تفاصيلها بما فيها ما يتعلق بإعادة بناء منظمة التحرير والمجلس الوطني الفلسطيني، وتأسيس وإطلاق مقاومة شعبية سلمية فلسطينية ضد الاحتلال لا تنتهي إلا بانتهاء الاحتلال، مطالبة جامعة الدول العربية والاسلامية ومنظمة التعاون الإسلامي بالالتزام بقرارات قممهم بخصوص قطع العلاقة مع إدارة ترمب لاعترافها بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال، مع العمل لحشد العالم الإسلامي كله ضد القرار الأمريكي وتهويد القدس وإطلاق مظاهرات أسبوعية ضخمة في كل جمعة ضد السفارات والقواعد العسكرية الأمريكية حول العالم، ومطالبة دول وشعوب العالم برفض القرار الأمريكي وتفعيل حملات المقاطعة الشاملة ضد الاحتلال الإسرائيلي ودولة الفصل العنصري (الابارتهايد، مع الاستعداد فلسطينياً لمعاناة وجهاد طويل سيسطر بدماء الشهداء وآهات الأسري ويكون نهايتهُ النصر والفوز بالحسنين، والحرية والكرامة والاستقلال، والانعتاق من الاحتلال الصهيوني، ومع حق شعبنا بالكفاح المسلح)، ونحن الآن نعيش الزمن الذي قال عنه رسول الله صلي الله عليه و سلم : (يوشك أن تداعى الأمم عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها )، قالوا: أو من قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟، قال: (لا، بل أنتم كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور أعدائكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن)، قيل: وما الوهن يا رسول الله؟، قال: (حب الدنيا وكراهية الموت؟). ستبقي القدس عربية فلسطينية، وهي عاصمة فلسطين الأبدية، ولن يغير اعتراف ترمب بها عاصمة لكيان الاحتلال شيئا لأنه قرار من لا يملك لمن لا يستحق، وسيبقى القدس الشريف عاصمة دولة فلسطين الأبدية عربية إسلامية، وعلى بعض الدول العربية والإسلامية إغلاق القواعد الأمريكية على أراضيها، وطرد السفراء الأمريكيين، لأن ما فعله ترمب هي بصقة وصفعة القرن في وجه السلام والأمن العالمي، وفي وجه الأممالمتحدة والشرعية الدولية، وستبقي القدسفلسطينية خالدة. الكاتب الصحفي الباحث والمفكر العربي والإسلامي الدكتور جمال عبد الناصر محمد عبد الله أبو نحل عضو الاتحاد الدولي للصحافة الإلكترونية