ستكون العلاقات الفرنسية الجزائرية أمام منعرج جديد، فبعد الطلب الذي قدمته الدولة إلى فرنسا لاسترجاع جماجم المقاومين والأرشيف الموجودة في المتاحف الفرنسية، وهو الموضوع الذي فتح الباب لعدة تأويلات لعل أبرزها إمكانية غلق ملف الذاكرة نهائيا أو تجاوزه بالنظر إلى التطور الكبير الذي عرفه فور وصول إيمانويل ماكرون إلى سدة الرئاسة في فرنسا. بالمقابل أثنت الطبقة السياسية الناشطة في الساحة الوطنية على هذه الخطوة ووصفتها بالإيجابية التي قد تفتح آفاقا أخرى مع فرنسا، لكنها اعتبرتها غير كافية من أجل تجاوز ملف الذاكرة نهائيا. وفي هذا الصدد، أفاد القيادي البارز في حركة مجتمع السلم حمس، فاروق طيفور أن الجزائر عليها أن تنهي هذا الموضوع لأنه تحول إلى ملف للابتزاز في يد السلطات الفرنسية التي أضحت تستعمل موضوع الاعتذار عن جرائمها في الجزائر كجسر من أجل الوصول إلى أهداف أخرى وتنمية مواردها المالية على حساب الجزائر، طيفور قال في حديثه ل "الحوار"، أيضا، إن الجزائر يجب أن تتفاوض على الملف من موقع قوة، وأن تربط هذا الملف بكل الملفات الأخرى حتى الاقتصادية منها، لأنها حاليا لا تملك أدوات للمقاومة من أجل فرض منطقها جيدا على الساحة، قياسا بكل المرات السابقة التي حاولت فيها استرجاع الأرشيف. في حين، قال الناطق الرسمي باسم حزب العمال رمضان تعزيبت إن الطلب الأخير الذي قدمته السلطات الجزائرية لن يغلق نهائيا ملف الذاكرة، لأن هذا الأخير أكبر من أن يعالج بطلب بسيط، بل يجب السعي أولا من اجل نزع الهيمنة الفرنسية على الجزائر، خصوصا من الجانب الاقتصادي، مضيفا بالقول يجب على الجزائر أن تسعى من أجل فرض منطقها وعدم التفاوض في الموضوع على حساب سيادتها الوطنية، من جهتها، أكدت النائبة عن التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية الارسيدي، فضة السادات في حديثها ل"الحوار" على أهمية الخطوة الأخيرة التي اتخذتها الدولة من أجل استرجاع جماجم المقاومين الموجودة في المتاحف الفرنسية، لكن الأهم حسبها هو اعتذار فرنسا عن كل الجرائم التي اقترفتها في حق الشعب الجزائري طيلة أكثر من 130 سنة، في حين، اعتبر عضو المكتب السياسي لجبهة التحرير الوطني الافلان، أحمد بومهدي، الخطوة الأخيرة بأنها حق لكل الشعب الجزائري في استرجاع أرشيف الثورة الجزائرية وكذا جماجم الشهداء، مضيفا بالقول: "إن هذا القرار يؤكد مرة أخرى على السيادة الكاملة للدولة الجزائرية". هذا وقد كان الأمين العام للأفلان جمال ولد عباس قد أكد أن رئيس الجمهورية قدم درسا للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال الزيارة التي قادته إلى الجزائر في 6 ديسمبر الفارط، وأن ماكرون فهم الدرس جيدا. ولذ اتخذت الأمور منحى آخر وقدمت الجزائر طلبا رسميا من أجل استرجاع الأرشيف، من جهته، ثمن رئيس المجموعة النيابية للتجمع الوطني الديمقراطي الارندي، بلعباس بلعباس، في اتصال هاتفي مع ل"الحوار" السعي الحثيث نحو استرجاع الجماجم والأرشيف، لأنه متعلق بذاكرة الشعب الجزائري وتاريخ 130 سنة من الاستعمار الفرنسي، مولود صياد