أجاز المشرع في قانون الأسرة الجزائري إمكانية العدول عن الخطبة وإمكانية التعويض عن الضرر المادي أو المعنوي الذي قد يصيب أحد الطرفين وجعل ذلك للسلطة التقديرية للقاضي، غير أن مسألة العدول باعتبار الخطبة وعد غير ملزم مع الإشارة إلى قانون الأسرة منح للقاضى كثير من الصلاحيات حسب سلطته التقديرية لحل كثير من منازعات شؤون الأسرة المطروحة أمامه، فالقاضى مثل ما يقول الفقيه القانونى عبد الرزاق السنهوري "….أن يجعل للقاضى من سلطان التقدير ما ييسر له أن يجعل أحكام القانون متمشية مع مقتضيات الظروف فتكون بذلك أحكام القانون أداة طيعة في يد القاضي يطور بها القانون تطويرا مستمرا ويواجه بها ما يتغير من ملابسات الأحوال". فالقاضي إذن سلطة تقديرية تخول له أن يطوع القانون طبقا لحاجة المجتمع وقضية التعويض عن الضرر عن العدول عن الخطبة هى من القضايا التى اختلف فيها الفقهاء وكانت لهم فيها آراء بين موافق لطرح التعديل وبين معارض باعتبار الخطبة مجرد مواعدة على الزواج وليست ملزمة، وهنا نشير إلى أن أحكام الشريعة السمحة في كثير من المعاملات حريصة على تأليف القلوب وجبر الخواطر وكسب القلوب قبل كسب المواقف، ومن هنا فإن المشرع الجزائرى أخذ بالاتجاه القائل بالتعويض عن الضرر المادي والمعنوي الناتج عن العدول عن الخطبة وإذا كان الضرر المادي يمكن إدراكه فإن الضرر المعنوي قضية تحتاج إلى ضبط وإلى حكمة لتكون السلطة التقديرية مراعية للظروف الخاصة بطرفي النزاع ولذلك فإن نحتاج فى رأي إلى الاستئناس بضوابط تعيننا في تقدير الضرر المعنوي وهو ما أشار إليه المرحوم الفقيه المصري السنهوري في هذا الشأن إذا جعل ضوابط لهذا التعويض عن الضرر المعنوي وهو المتمثل في قوله: -مجرد العدول لا يترتب عليه أي تعويض -العدول المصاحب له أقوال وأفعال مشينة مسيئة للطرف الآخر هو الموجب للتعويض -الأخذ بقاعدة لا ضرر ولا ضرار هاته هي الضوابط التي وضعها السنهوري للتعويض عن الضرر المعنوي، وهنا نطرح انشغالا وهو المتمثل في العدول عن الخطبة المترتب عنه ضرر معنوي متمثل في الإغواء الجنسي، فهل في ذلك ضمان أو تعويض علما أنه ضرر ناتج عن فعل محرم.