هكذا يعتقد اليابانيون، بأن صراعهم كأفراد ضد رجال من كوريا الشمالية، فإن إحتمال خسارتهم كبيرة جدا، ربما إعتقادهم هذا يسحب كذلك على رجال العالم العربي، علينا نحن بالأخص كجزائريين، لكنهم يعلمون بأنهم كجماعة إذا ما واجهوا أي جماعة أخرى، مهما تكن قوة أفرادها المورفولوجية، فإن النصر سيكون حليفهم، دون أدنى شَكٍ، لأن اليابانيين يعلمون بأن قوتهم في تنظيمهم وفِي طريقة عملهم وفِي تفكيرهم الجماعي هم متفوقون جدا!!. معظم البلدان المتطورة اليوم، المتقدمة في جميع المجالات، وعلى رأسها اليابان، استطاعت أن تبني قوتها من الداخل، من خلال طريقة تفكيرها، فَهْمِ كل فرد لدوره فيها، إحترامها للقانون المنظم لها، الحامي للفرد فيها من ظلم الجماعة، المانع من تعدي الفرد على حقوق الناس، وحدوا المفاهيم وأدركوا أهمية ضبطها بشكل جيد، التزموا بأخلاق المواطنة، جعلوا لحياتهم أهداف يحققونها، كأفراد وكجماعة، فاشتغل كل فرد بنفسه، بإبراز ذاته، بتطويرها، التخطيط لما بعد يومه، بل ولما بعد سنوات..بسبب كل هذا نجحوا وتطوروا، صنعوا وبنوا، تقدموا سنوات ضوئية عنّا في كل المجالات. أما حالنا، للناظر من بعيد أو عن قرب، لا يسر عدوا ولا صديقا، في إنحدار دائما، تراجع لا مثيل له، وكأننا لا نملك عقلا ولا إرادة، وكأننا نعيش بدون روح. شغلنا الشاغل أصبح محاربتنا لبعضنا البعض، كل جماعة ضد أخرى، كل فرد ضد آخر، الرجل ضد المرأة، والمرأة ضد الرجل، الكل يحارب الكل، بل كل واحد ضد نفسه، لا أهداف جماعية، لا إدراك لنا بمعنى المواطنة، لا ثقافة لنا، لا في طريقة استهلاكنا، لا في أكلنا ولا في شربنا ولا في ملبسنا، لا في مشينا ولا في طريقة جلوسنا، طوابير في كل مكان يعتدي فيها بَعضُنَا عن بعض، لا حريات فردية ولا إحترام لخصوصيات وقناعات كل واحد منا، اشتغلنا ببعضنا، يريد أكثرنا ولو بالقوة أن نسير على طريقة واحدة، الطريقة التي يريدون ويرغبون!!. في حادثة أخيرة، تخرج فتاة قُبيّلَ آذان المغرب لتمارس رياضة الجري، فيصفعها "أحدنا"، أن عودي إلى بيتك، فمكانك المطبخ!!. فينجر عن هذا الحادث لغطٌ، هرجٌ ومرجٌ، سبٌّ وشتمٌ وكأننا عدنا من العصر الحجري!!. إنه الإنحدار يا ناس، نحن نتراجع بسرعة قياسية، لم نعد نقدر على ضبط أمورنا، ولا على فهمها، أصبحنا نفتقد إلى الرؤية الجيدة، بل لم نعد ننظر إلى الوجهة الصحيحة، نحن نتآكل من الداخل، والتآكل علامة الفناء والزوال.