قالت العالمة السعودية الدكتور سهيلة زين العابدين حماد أن هناك من يكفّرون ويُشكّكون في عقائدها لأنها خالفتهم الرأي، وصححت تفسيراتهم الخاطئة للقرآن الكريم والأحاديث النبوية. كما دافعت الدكتورة زين العابدين عن المرأة المسلمة من خلال الحقوق التي منحها الإسلام لها و قالت أن الله أكرمها بما لم يكرمها به دين سواه؛ و أكدت أن النساء في الإسلام شقائق الرجال، وخير الناس خيرهم لأهله؛ فالمسلمة في طفولتها لها حق الرضاع، والرعاية، وإحسان التربية، وهي في ذلك الوقت قرة العين، وثمرة الفؤاد لوالديها وإخوانها. حاورتها : لمياء العالم *ترشيحك من بين 65 شخصية الأكثر تأثيرا في العالم الإسلامي في مجال حقوق الإنسان هل سيدعم موقفك من أجل الدفاع عن المرأة المسلمة؟ أنا أطالب بحقوق المرأة المسلمة ، التي أعطاها إيّاها الخالق وسلبها منها المخلوق بموجب موروثات فكرية وثقافية متمثلة في عادات وأعراف وتقاليد لا تمت للإسلام بصلة ، وترشيحي من قبل أكاديميين وأكاديميات وإعلاميات سعوديين ،ثم إن كتب الله لي الفوز بوسام التميز من بين (65) شخصية الأكثر تأثيرا في العالم الإسلامي في مجال حقوق الإنسان سيدعمني كل من الترشيح والفوز بكل تأكيد في مطلبي الرئيس والأساس ، وهو تصحيح الخطاب الإسلامي للمرأة وعنها بتنقيته من الموروثات الفكرية والثقافية المتمثلة في الأعراف والعادات والتقاليد المتعارضة مع الإسلام, وذلك بوجود قاعدة شعبية صوّتت لي وأسهمت بفوزي بالوسام . *هناك من شكك من قبل في عقيدتك لمطالبتك بتصحيح الخطاب الإسلامي للمرأة فكيف تردين على هؤلاء? للأسف الشديد هذا دأب وديدن من يدّعون أنّهم حماة الدين والعقيدة والفضيلة يكفّرون ويُشكّكون في عقائد من يخالفونهم الرأي ، فما بالك بمن تكشف مدى مخالفة الخطاب الإسلامي السائد لما جاء به القرآن الكريم والسنة الفعلية والقولية الصحيحة ، لحرمان المرأة ما منحها الخالق من حقوق ، والتعامل معها كمخلوق أدنى، وتقديس الرجل ، خاصة الزوج ،وجعله في مرتبة إلهية، رضاه على زوجه يُدخلها الجنة ، وغضبه عليها يدخلها النار ، بل مجرد قولها لزوجها " ما رأيت خيرًا منك قط " تدخل النّار ، وعجزهم عن الرد على ما أقوله واكتبه بهذا الشأن ألجأهم إلى التشكيك في عقيدتي لصرف الناس عمّا أقوله واكتبه ، فأنا لم آت بكلام من عندي، وإنّما من قاعدة قوية وثابتة مبنية على الفهم الصحيح للقرآن الكريم والسنة الفعلية والقولية الصحيحة، فللأسف الشديد الخطاب الإسلامي السائد مبني على موروثات فكرية وثقافية متمثلة في عادات وأعراف وتقاليد جاهلية لا تمت للدين بصلة،نشأوا وتربوا عليها، فلم يتوانى المفسرون عن تفسير الآيات القرآنية المتعلقة بالنساء طبقاً لنشأتهم المجتمعية ،ونظرة مجتمعهم إلى المرأة، ولم يتخلصوا من موروثهم الفكري والثقافي ، فنجد الإمام ابن كثير فسر الآية رقم (16) من سورة الزخرف : {أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُم بِالْبَنِينَ} بقوله : "كذلك جعلوا له (لله) من الأولاد أخسهما وأردأهما وهو البنات"، ونجد الزمخشري أيضًا يعتبر الإناث أخس من الذكور، فقال :" قد جمعوا في كفرة ثلاث كفرات ، وذلك أنّهم نسبوا إلى الله الولد ، ونسبوا إليه أخس النوعيْن ،وجعلوه من الملائكة الذين هم أكرم عباد الله على الله فاستخفوا بهم واحتقروهم. "[ الزمخشري : الكشاف ، 3\415.] كما نجد الإمام البيضاوي ينضم إليهما ، فيفسر قوله تعالى : ( وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثًا) كفر آخر تضمنه مقالهم شنع به عليهم ، وهو جعلهم أكمل العباد ، وأكرمهم على الله تعالى أنقصهم رأيًا ، وأخسهم صنفًا." [البيضاوي : تفسير البيضاوي ،المسمى أنوار التنزيل وأسرار التأويل ، 2\370] فالمفسرون للأسف الشديد يرون الإناث أخس من الذكور، وبموجب هذه النظرة بنوا تفسيراتهم للآيات القرآنية، والأمثلة كثيرة لا حصر لها منها تفسير الإمام ابن كثير – رحمه الله – لآية القوامة: يقول ابن منظور في لسان العرب : (الرجال قوامون على النساء) الرجال مكلَّفون بأمور النساء معْنيون بشؤونهن ." [منظور : لسان العرب ، 12\ 503 ، مادة قوم] ولكن نجد الإمام بن كثير في تفسيره لهذه الآية يقلب معنى « قوَّام « إلى قيِّم « ، فيفسِّر قوله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ الله بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضِ وَبَمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهمْ) أي الرجل قيِّم على المرأة، أي هو رئيسها وكبيرها، والحاكم عليها ومؤدبها إذا أعوجّت، فهنا قلب المعنى من قوَّام إلى قيِّم، وهناك فرق في اللغة بين معنى قوَّام، وقيم، فالقيّم في اللغة يعني السيد الآمر ، بينما القوّام أي المكلف بأمور النساء المعني بشؤونهن. وعندما نقرأ تفسير الإمام فخر الدين الرازي لآية ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها) نجده يفسر الآية من خلال هذا المنظور، وليس من خلال تكريم الخالق جل شأنه للمرأة ومساواتها بالرجل في الإنسانية والمكانة جاعلًا مقياس الأفضلية التقوى ( إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم ), يقول الإمام فخر الدين الرازي في تفسير هذه الآية : " لهذه الآية مسائل :المسألة الأول : قوله : ( خلق لكم ) دليل على أنَّ النساء خُلقن كخلق الدواب والنبات وغير ذلك من المنافع، كما قال تعالى ( خلق لكم ما في الأرض ) [ البقرة : 29] ، وهذا يقتضي أن لا تكون مخلوقة للعبادة والتكليف، فنقول خلق النساء من النعم علينا، وخلقهن لنا وتكليفهن لإتمام النعمة علينا لا لتوجيه التكليف نحوهن مثل توجيهه إلينا، وذلك من حيث النقل والحُكم والمعنى، أمّا النقل فهذا وغيره، وأمّا الحُكم فلأنّ المرأة لم تُكلّف بتكاليف كثيرة، كما كلف الرجل بها، ولأنّ المرأة ضعيفة الخلق سخيفة فشابهت الصبي لكن الصبي لم يكلف، فكان يناسب أن لا تؤهل المرأة للتكليف، لكن النعمة علينا ما كانت تتم إلاّ بتكليفهن لتخاف كل واحدة منهن العذاب فتنقاد للزوج، وتمتنع عن المًحرّم، ولولا ذلك لظهر الفساد.»، وهذا يتنافى مع عدل الله في خلقه، الذي تثبته آيات كثيرة، بل يتنافى مع الغاية العليا لخلقه الخلق التي أعلنها في قوله تعالى ( وما خلقتُ الجنَّ والإنس إلاَّ ليعبدون)، وخلقنا جميعًا من نفس واحدة ، يقول تعالى : ( خَلَقَكُمْ مِنْ نَّفْسً واحِدة ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُم مَّنَ الأنْعَامِ ثَمَاِنِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ في بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ في ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ...)[ الزمر: 6] فهل الرجال خلقوا في بطون أمهاتهم ، أمّا نحن النساء فأين خلقن إن لم نُخلق في بطون أمهاتنا ؟ ولكن غرور الرجل جعله يعتبر (خلق لكم) خاصة بالرجال ،وبنى على ذلك فهمه للآية. ثم أنّ المرأة خليفة الله في الأرض مثلها مثل الرجل ،يقول تعالى : (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ...)[ البقرة : 30] وقد جعل الله جل شأنه مقياس الأفضلية لديه هو التقوى ،و ليس الذكورة في قوله جل شأنه : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ وقد أعلنها عليه الصلاة والسلام " إنَّما النساء شقائق الرجال"، وفي قوله : " أيها الناس إنَّ ربكم واحد ، وأباكم واحد، كلكم لآدم ، وآدم من تراب ،وليس لعربي على عجمي ، ولا لعجمي على عربي ،ولا لأحمر على أبيض ، ولا لأبيض على أحمر فضل إلاَّ بالتقوى ، ألا هل بلغت ؟ ! اللهم فاشهد .ألا فيبلغ الشاهد منكم الغائب ." وأنا أدعو - من خلال جريدتكم الغراء - عقلاء الأمة وعلمائها ومثقفيها أن يُعْمِلوا عقولكم ، ويعيدوا قراءتهم للخطاب الديني السائد ، ويتثبّتوا من مدى مطابقة تفاسير بعض المفسرين للآيات القرآنية المتعلقة بالمرأة وعلاقاتها الأسرية والزوجية بمساواة الخالق جل شأنه المرأة بالرجل في الإنسانية وتحمّل أمانة الاستخلاف ،وفي التكاليف والحدود والقصاص والعقوبات وفي حق الولاية والشورى والبيعة ،ويتثبّتوا من صحة الأحاديث التي يستدل بها بعض المفسرين والتي بنى بعض الفقهاء والقضاة أحكامهم الفقهية والقضائية عليها. *هل المشاكل و الاضطهادات التي تعاني منها المرأة المسلمة اليوم سببها المفهوم الخاطئ للإسلام ؟ بلا شك ، فالإسلام برئ ممّا نسبه إليه الخطاب الإسلامي السائد ، من امتهان المرأة ، واستعلاء الرجل عليها، وحرمانها من كثير من حقوقها بموجب مفاهيم خاطئة للآيات القرآنية المتعلقة بالمرأة وعلاقاتها الأسرية والزوجية والاستدلال بأحاديث ضعيفة وموضوعة وشاذة ومفردة لحرمانها من تلك الحقوق. *هل ما يحدث اليوم في الأراضي السورية أي ما يسمى بجهاد المناكحة هدر لحق المرأة و اغتصاب لها ؟ هذه إباحة صريحة لممارسة الزنا، وإلباسه لباس الجهاد , ولابد من محاكمة صاحب هذه الفتوى ,وتطبيق حكمًا مغلظًا عليه ، لأنّه يُبيح الزنا باسم الدين والجهاد , وقد دفع ببعض المراهقات من مختلف البلاد العربية الهروب من بيوتهن وبلادهن ,والسفر إلى سوريا للترفيه عن المجاهدين بممارسة الجنس معهم . ما هذا الانحدار في استغلال الدين لإشباع رغبات الرجل؟ والذي يذهب للجهاد أيعجز عن مجاهدة نفسه وكبح شهواته ورغباته الجنسية والتحكم فيها؟ للأسف الشديد بعض الذين يتصدّرون للفتاوى ، حريصون على إرضاء رغبات الرجل الجنسية, فيُبيحون له الحرام , كإباحتهم لزواج المسيار ،وزواج الفرند ,والزواج بنية الطلاق ، وما يسمى بجهاد المناكحة، فالمرأة في نظرهم وعاء لإشباع رغبة الرجل بأية طريقة يريدونها. فنحن لم نقرأ عن جهاد المناكحة في تاريخ الفتوحات الإسلامية في العهديْن النبوي والراشدي, وما تلاهما من عهود.