* كروش:محاولات لتحييد دور الجزائر في ملف ليبيا * حملات: الجزائر لم تغفل عن ما يحدث في دول الجوار
توقع خبراء ومختصون تحدثوا ل”الحوار” عودة الدبلوماسية الجزائرية للواجهة الإقليمية والدولية للعب الدور المنوط بها، خصوصا في القضايا الإستراتيجية كالملف الليبي ودول الساحل، وهي ملفات تشكل أحد أهم التحديات الإستراتيجية في المرحلة الحالية، بالمقابل، اعتبروا أن مسألة التقارب مع الجارة المغرب مرهونة بمدى تجاوب هذه الأخيرة مع الموقف الثابت وغير المتغير للجزائر. رضا ملاح وفي هذا الخصوص يرى الخبير الأمني والمراقب الدولي السابق في بعثة الأممالمتحدة أحمد كروش، في تصريحات ل”الحوار”، أن السياسية الخارجية للجزائر ثابتة ولم تتغير، كالتمسك بحسن الجوار والمعاملة بالمثل ومساندة قضايا تصفية الاستعمار، غير أنها سجلت سقوطا حرا في الفترة الأخيرة بحكم عوامل وظروف يعرفها الجميع، إذ غاب التمثيل الجزائري الفعال على الساحة الإقليمية والدولية والمساهمة في حل النزاعات.
ملف ليبيا ..أولى التحديات للعودة إلى الواجهة الإقليمية ويوضح كروش أنه بعد انتخاب عبد المجيد تبون رئيسا للجمهورية، يعول على إعادة تنشيط العمل الدبلوماسي، خاصة أنه صرح بذلك يوم تسليم المهام عندما أكد أن الجزائر سيكون لها “صوت مسموع” في الملف الليبي ومعضلة دول الساحل، ويتابع قائلا “بدون شك الجزائر ستأخذ زمام المبادرة في الملف الليبي”، مذكرا أن أي قرار يتخذ بشأن ليبيا سينعكس على الجزائر “ملف ليبيا امتداد استراتيجي للجزائر وأمنها يؤثر على الجزائر”. ونوه كروش أن الرئيس تبون يدرك جيدا الأهمية الإستراتيجية التي يجب أن تلعبها الجزائر في ملف ليبيا، فأي خلل سيؤثر ذلك مباشرة على الجزائر، وعلى ذلك يتابع قائلا: “فأول بصمة للدبلوماسية الجزائرية يجب أن توضع في ملف ليبيا .. وفتح المجال لتصدر على الأقل المشهد الإقليمي”، كما يرى المصدر أنه يجب العودة في أقرب وقت لإثبات وجود الجزائر في ملف دول الساحل والجامعة العربية. كما يواصل متحدث “الحوار” “صحيح غيب دور الجزائر في الفترة الأخيرة، لكن حان الوقت للعودة إلى الواجهة من ملف ليبيا على اعتبار أنها دولة جارة تربطنا معها حدود بطول ألف كم وأمنها من أمن الجزائر، ومن مصلحة شعوب المنطقة أن تلعب دولها دورا بارزا في أي قرار يتخذ”، متوقعا أن تعود الجزائر بعد انتخاب رئيس للجمهورية إلى مكانتها المعتادة.
رغم المشاكل الداخلية..الجزائر لم تغفل عن ما يحدث في ليبيا من جهته يرى الخبير الأمني والعقيد المتقاعد رمضان حملات، أنه بالرغم من الظروف الداخلية التي مرت بها البلاد، إلا أن الجزائر لم تغفل عن ما يحدث في ليبيا بدليل أعيد تنصيب السفير الجزائري بطرابلس منذ شهرين تمهيدا للعب دور بارز في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء الليبيين لما تملكه الجزائر من خبرة وحنكة، مشددا “من يقول الجزائر غير قادرة على التحكم في هذا الملف فهو واهم”. وذهب حملات إلى أبعد من ذلك، عندما أوضح “توجد دول عربية وأوروبية استغلت الظروف الداخلية للجزائر وحاولت أن تنقل التفاوض حول الصراع في ليبيا إلى عواصم أوروبية، وهذا –يضيف- لا يخدم لا ليبيا ولا شعوب المنطقة، فالجزائر تملك علاقات جد متينة مع بعض الدول الكبرى كالصين وروسيا ويمكنها التسويق لمقاربة حل النزاع بعيدا عن السلاح وبما يخدم مصلحة الشعبي الليبي ودول الجوار. ويرى حملات أن من يريد تحييد دور الجزائر في ليبيا (دول عربية وأوروبية) يهدف لتوسيع رقعة الفوضى وهذا معروف أنه يخدم بعض الدول الأوروبية، بالمقابل الجزائر مجبرة على تأميم ما يقارب مسافة ألف كم تحدها مع الجارة ليبيا.
هكذا يحدث التقارب بين الجزائر والمغرب وفي تحليله للمقاربة السياسية لخطاب الرئيس الجديد لدى حديثه عن العلاقات الثنائية مع المغرب، يعود الخبير أحمد كروش ليوضح أن حدوث أي تقارب بين الدولتين مرهون بيد نظام المخزن أكثر من الجزائر، على اعتبار أن موقف الجزائر واضح وغير متقلب من قضية الصحراء الغربية التي تعد قضية تصفية آخر استعمار في إفريقيا وتحل وفق القرارات واللوائح الدولية، سواء هيئة الأممالمتحدة أو الاتحاد الإفريقي. ويتابع كروش “في تصوري الجزائر ليست لها أي مشكلة لترك نقاط الاختلاف جانبا وفتح صفحة جديد للعلاقات، بحيث يتفق الطرفان على أن ملف الصحراء يبقى مشكلة دولية، لكن على المغرب ضبط حدوده الغربية ووضع حد لمشكل تهريب المخدرات”.
سنشهد صورة جديدة للدبلوماسية في المجال الاقتصادي من جهة أخرى، يتوقع متحدث “الحوار” أن تلعب الدبلوماسية الجزائرية دورا آخر لم تعهده خلال الفترات السابقة، بعيدا عن الطقوس الموروثة سابقا، ويخص بالتحديد الجوانب المتعلقة بالدفاع عن حقوق الجزائريين في الخارج، وتفعيل عمل الممثليات والبعثات المعتمدة من حيث الترويج لصورة الجزائر والتسويق للجوانب الاقتصادية، ويضيف قائلا “الدور الحقيقي للبعثات الدبلوماسية المعتمدة تنشيط الأهداف الاقتصادية وتحسين وتعزيز صورة البلاد لجلب الاستثمارات وبناء شراكات ناجحة”. أما فيما يخص العلاقات الثنائية بين الجزائر وفرنسا التي يصفها بالمجحفة في حق الجزائر على مدى العقود الماضية، يعتقد كروش أنه بالنظر إلى المتغيرات والمعطيات الجديدة التي حملتها موجة بداية الحراك الشعبي، سنرى وجها آخر من العلاقات كانتهاء عهد الامتيازات غير المشروعة التي تحصل عليها الشركات الفرنسية بإملاءات سياسية، وتابع “الشعارات التي كانت تحمل في المسيرات الشعبية سيحسب لها ألف حساب وكلها دلالات لبناء علاقات متوازنة رابح-رابح”.