بقلم: موسى بن فردي “…أطلب منكم تكثيف الزيارات الميدانية بالخصوص إلى مناطق الظل التي كثرت فيها معاناة المواطن وَحرمانه من العيش الكريم….وَالمواطن منذ عشر سنين، ثلاث كيلومتر من مقر البلدية أو مقر الولاية، ما شافش قطرة الماء، ما شافش الكهرباء، ما شافش الطريق المعبد….” بهذه الكلمات عبر رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون عن المعاناة التي يعيشها قاطنو المناطق المعزولة في اجتماع الحكومة-الولاة يومي 16 وَ17 فيفري 2020، ثم طلب من الحضور مشاهدة فيديو عن هذه المناطق مدته خمسة وَثلاثين دقيقة، هذه المناطق التي أُطلق عليها مصطلح مناطق الظل. كما يصف الدكتور بشير مصيطفى في كتابه “نهاية الريع الأزمة وَالحل” الصادر سنة 2016 الوضعية العامة للبلاد بقوله: “تشكو بلادنا من خلل واضح في معيارية (عدالة الإقليم) حتى صارت فرص النمو وَمعها فرص التنمية متباعدة بين جهات الوطن الممتد على أكثر بقليل من 2.4 مليون كليومتر مربع، الشيء الذي دفع إلى الزحف السكاني من الريف إلى المدينة وَزاد من عطالة حاملي الشهادات، وَتَرَكُز الساكنة حول المدن الكبرى ما أدى من خلال أثر الدومينو إلى اهتزازات اجتماعية صعبة على مستوى التعليم وَالسكن وَالتشغيل وَالخدمات الصحية”. وَبطبيعة الحال فمناطق الظل الأكثر معاناة من غياب عدالة الإقليم. مناطق الظل: هذا المصطلح الذي برز إعلاميا وَبقوة في الآونة الأخيرة بعد خطاب رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في اجتماع الحكومة-الولاة، وَأصبح مصطلح سياسي وَاجتماعي واقتصادي، وَيقصد به –أي مناطق الظل- تلك المناطق المعزولة وَالنائية وَالمُهَمَّشة وَالمحرومة من التنمية. هذه المناطق التي تتميز بطبيعة موقعها الجغرافي كونها مناطق جبلية أو سَهْبِيَّة أو صحراوية أو مناطق حدودية مع الدول المجاورة أو المناطق في الحدود بين الولايات….. وَتُعتبر هذه المناطق طاردة للسكان لغياب البنى التحتية من شبكات الطرق البلدية وَالمسالك الريفية، الربط بشبكات الكهرباء الريفية وَالغاز الطبيعي، نقص أو انعدام المياه الصالحة للشرب….، وَفي الجانب التعليمي وَالصحي فعدم وجود مدارس وَمرافق صحية نهائيا أو موجودة وَلكنها مغلقة، وَفي حالة وجودها فهي غير مجهزة وَتقدم خدمات سيئة وَغير كافية، كل هذه المعطيات أدت إلى غياب عدالة الإقليم وَخلل واضح في التوازن الإقليمي. وَتطبيقا لتعليمات رئيس الجمهورية، وَفي إطار تنفيذ المخطط الإستعجالي لحكومة عبد العزيز جراد في جانبه الفلاحي وَالريفي، وَجهت الوزارات المعنية على وجه الاستعجال للمصالح المحلية بضرورة إحصاء شامل لمناطق الظل مع تحديد النقائص وَالاحتياجات وَكذا تحديد المناطق ذات الأولوية لوضع برنامج للتدخل وَتحريك عجلة التنمية بهذه المناطق، وَكذا تنظيم الوسط الريفي من خلال الآليات المناسبة لتحسين الظروف المعيشية للساكنة. وَحسب الدكتور هشام كبيش الأستاذ بجامعة بجاية، فإن الاتجاهات الحديثة في التنمية تتأسس على مقاربة التوجه نحو تنمية الأقاليم من خلال التنمية المحلية، وَحسب تصريح له للإذاعة الوطنية بتاريخ العاشر فيفري 2020، يرى الدكتور بشير مصيطفى أنه يتوجب النهوض بالقطاعات الراكدة (الفلاحة وَالسياحة) وَإدماجها في عملية النمو، وَيتوقع أن تصل مساهمة قطاع الفلاحة إلى نسبة 25 بالمئة، وَالذي لا تتعدى مساهمته حاليا نسبة 9 بالمئة، وَالذي يُعتبر قطاعا غير ناضب، وَلعل المقاربة التنموية التي تنتهجها الحكومة تندرج في هذه الاتجاهات. إن إطلاق عملية التنمية بمناطق الظل ستكون له آثار ايجابية عديدة منها جعلها أكثر جاذبية للسكان، مما يحد من النزوح الريفي نحو المدن، وَبالإمكان حتى أن يؤدي إلى الهجرة العكسية من المناطق الحضرية نحو الريف، كما أن إنشاء تجمعات ريفية بهذه المناطق، سيخفف من الضغط السكاني على المدن خصوصا الكبرى، كما أن هذه الإجراءات التنموية ستجعل مناطق الظل ذات دينامكية وَحركية في العملية الاقتصادية عموما وَالاستثمار المنزلي خصوصا. هذه الإجراءات التي من شأنها إحداث تجمعات وَنقاط حياة جديدة اجتماعية وَاقتصادية على مستوى مناطق الظل، وَتفعيل مساهمتها في الحياة الاقتصادية وَالاجتماعية للبلاد. وَيبقى السؤال المطروح، لماذا يجب علينا أن ننتظر التعليمات من أعلى مستوى سياسي في البلاد حتى تتم المبادرة لحل المشكلات العالقة؟