عين على الشاشة سيتكوم أم سلسلة فكاهية؟ بقلم: الطيب توهامي نقد القنوات والشاشات تحول إلى بضاعة رائجة على مواقع التواصل الاجتماعي، مثلما هي المعلومات الطبية سلعة رائجة في زمن كورونا، ومثلها هي السياسة والدين وكرة القدم سلع رائجة على الدوام. هي مواضيع للجدل الشعبوي الذي طائلة منه.. الكل يقحم أنفه في اختصاصات لا تعنيه، والكل يبدي رأيه في أدق التفاصيل، حول مواضيع تتطلب جهدا ودراية وإلماما معرفيا لسنوات.. والمختص في الدراما والسمعي والبصري لا يحدث كل ذلك الضجيج الذي يحدثه بعض المتنطعين والمحسوبين على المهنة، والفضوليين الذين تستهويهم ثقافة انتقاد كل شيء، ليس من أجل تسليط الضوء على نقاط القوة ونقاط الضعف، بل الانتقاد من أجل الانتقاد، وتوزيع الأحكام الجاهزة والمجانية على هذا العمل أو ذلك. مجرد موجات من الضجيج اليومية الذي نسمعه هنا وهناك، حول رداءة الإنتاجات الدرامية والكوميدية في رمضان، ولو وظف كل واحد فيهم هذا الضجيج بما يخدم العباد والبلاد لكان ذلك أفضل بكثير، ولو وظف تلك الطاقة في معرفة تفاصيل وتقنيات كتابة السيناريو لكان ذلك أنفع له، ولصار يحسب ألف حساب قبل أن يقبل على انتقاد أي عمل من الأعمال التي تبث في رمضان. هناك من يكتب عن الدراما والكوميدا يوميا، وهناك من ينتقد بالفيديوهات كظواهر صوتية.. يتحدثون عن السيتكوم والسلاسل الفكاهية، وهم لا يفرقون بين هذين الجنسين أصلا، فتراه يصف السلسلة الفكاهية بالسيتكوم، ويصف السيتكوم بالسلسلة الفكاهية.. يخلط بين هذين الجنسين ولا يجد حرجا في ذلك، ويقيم الدنيا ولا يقعدها حول خطأ إخراجي ما، أو زلة لسان في سيناريو ما، لا يهم عمق النقد من سطحتيه، المهم فقط الضجيج والتلوث السمعي والكتابي الذي نمر به عبر ثنايا صفحاتنا الإلكترونية، الموبوءة بهذه الفيروسات التي لا تستحي من طرحها السخيف، ولا تقيم المجهودات والصعوبات التي تعترض طواقم التصوير بشكل يومي، إذ يتحول الإنتاج في أغلب الأحيان إلى رحلة كفاح مريرة.. ويكفي هؤلاء الغوغاء من النقاد أن يجربوا يوما واحدا في بلاطو التصوير، ليدكوا معاناة الفنانين والتقنيين لإنجاز العمل المطلوب منهم، وفي الأجال التي غالبا ما تزيد من إرهاقهم، وهم في سباق مع الزمن لإغلاق الحلقات، وتقديمها للمشاهدين في شكلها النهائي.. لهؤلاء نقول أن من يصنع الخبز، وتحرقه لفحات الحر الصادرة من الفرن، ليس كمن يتذوقه تحت نعيم المكيفات، فأفضل متذوق للخبز هو من يحس بالعرق المتصبب من جبين صانعه، وأفضل ناقد للأعمال الدرامية هو من يحس بمعضلات الإنتاج ومشاكله التي لا تنتهي سوى بانتهاء العمل.