الاختفاء .. بقلم : مصطفى بونيف أصبح اختفاء الحاجة فطوم قضية جميع ساكني العمارة، خاصة بعد أن تأكدنا من ” مولا السوبيرات” و الخصّار و بائع اللبن بأنها قد سددت كل الديون التي عليها .. فطوم ليس لها أهل ..هذا ما كانت تقوله لنا دائما.. و بأننا نحن أهلها .. سألنا في كل مكان حتى يئسنا، و كان أكثرنا همّا و حزنا ” حبزلم ” الذي تعود على أطعمتها الشهية، و حكاياتها التي لا تنتهي، و لقد كنت أقول بأن الحاجة فطوم تستطيع أن تكون أعظم مؤلفة دراما لو يستغل كتاب السيناريو قصصها و مغامراتها .. و لقد ذكرت لنا يوما بأنها سرقت دجاجة من بيت أحد البيوت التي كان يقيم فيها فرنسي في حقبة الاستعمار .. وكيف تسللت داخل حديقة البيت و أخذت الدجاجة تحت فستانها ثم هربت بها إلى الوادي .. حيث ذبحتها و نتفت ريشها و ثم شوتها على الجمر.. و استمتعت مع صديقاتها الجائعات بلحم الدجاجة الذي كان شهيّا …و عندما عادت إلى البيت وجدت الشرطة الفرنسية قد قلبت بيوت الناس بحثا عن الدجاجة التي بكاها الفرنسي مرّ البكاء .. حتى وشت بها جارتها التي أكلت معها الدجاجة، فهربت فطوم إلى القرية المجاورة عند خالتها ..تاركة الفرنسي يتحسر على دجاجته كما لو أنها كانت زوجته !. أخبرتني وهي تحكي لي قصة الدجاجة بأن ذلك اليوم كان من أجمل أيام عمرها، لأنها حررت الدجاج من قبضة الاستعمار، و بأن المواشي تفضّل أن تذبح على يد مسلمة ” بسم الله” على أن تموت جيفة تحت يد المستعمر ..و هذا ما جعل شباب القرية يسطون على دجاج البيوت الفرنسية في كل موسم، كانت ” الحاجة فطوم ” قائدة ثورة دجاج في المنطقة. انتشلني حبزلم من التفكير و التدبر في قصة الدجاج.. – هل سنبلغ الشرطة؟. – ماذا عن سرقة الدجاج ؟. -عن أي دجاج تتحدث يا موستافا؟!.. أقصد نبلغ عن اختفاء فطوم ! يتبع