بسقوط راية المغرب في وحل التطبيع لم يبق سوى الجزائروالكويتوتونس بدرجة أقل. الكويت برلمانها يكاد يكون أقوى من الديوان الأميري ولديها نخبة سياسية قوية تكونت على يد بعثات التعليم الأولى من فلسطين وسوريا ومصر، ولا تزال روح القومية وشرف الأرض يعني الكثير في تركيبة الإنسان الكويتي المختلف نسبيا عن نفسية الإنسان الخليجي. لكنها (الكويت) مرشحة للإختناق خليجيا بالحبل الذي يلتف حولها يوميا تماما مثلما يحدث للجزائر مغاربيا، وسيجري حتما ابتزازها في سياق صفقة المصالحة الخليجية التي سيكون ثمنها بالتأكيد التطبيع الجماعي مع الكيان الصهيوني. شخصيا لا أعتقد أن صمود الكويت سيطول في وجه التطبيع وإن كنت أتمنى ذلك، لكن حلقات الحصار قد أحكمت حولها من كل جهة وستجد الكويت نفسها معزولة في المصالحة الخليجية إذا لم تذعن لعقيدة بايدن الأكثر ولاءا للكيان الصهيوني من ترمب وعهدته ستثبت ذلك حتما. في تونس يحتدم الصراع لأجل ذلك منذ مدة بالعودة القوية لمنظومة بن علي وخيبة الأمل الكبيرة في الرئيس المنتخب قيس سعيد أقلها إنصياعه المدهش للنفوذ الفرنسي، وأيضا تراجع النفس الثوري في الشارع وفي البرلمان لصالح خطاب بقايا النظام السابق، والضرب المبرح سياسيا الذي تتعرض له القوى الثورية ومنها النهضة على كل الجبهات تجسد عبير موسى أبسط صوره، ومما سيساعد بايدن في جر تونس الى حضيرة المطبعين هو وجود سوابق وأرضية تركها الهارب بن علي تتمثل في مكاتب تجارية وسياحية خاصة الى مدينة جربة التي تعج باليهود من كل الجنسيات. لكن بإمكان القوى الثورية وحدها أن تردم هذه المخلفات وتحفظ لتونس سيادتها وتمنع أي ابتزاز فرنسي أو خليجي قد يفضي الى صفقة سلام مع الكيان الصهيوني. بالنسبة للجزائر فقد عاشت وجربت في السابق كل السيناريوهات لجرها الى مستنقع التطبيع على حساب الشعب الفلسطيني، فقد أدخلت البلاد في عشرية دموية لا يمكن لأي شعب أن يتحملها، ورغم ذلك لم يدفعها ذلك الوضع المأساوي الى أن تركع لهكذا مخطط تطبيعي، وعرفت العديد من الانقلابات والانتكاسات والحصار الاقتصادي والأزمات المتعددة الأوجه لكنها في أسوء حالتها لم تقبل الإبتزاز على حساب حق شعب محتل في أرضه المغتصبة. الوضع حاليا -صحيح- أنه داخليا وخارجيا مختلف ومعقد وأكثر ضغطا وحصارا من ذي قبل، والأزمات متوالية ومتفاقمة صحيا وإقتصاديا وسياسيا، لكن القناعة أيضا أصبحت مضاعفة سواء عند الشعب برمته أو حتى في دواليب النظام الحاكم بكل تجلياته، القناعة كاملة عند الجميع، بأن خلافاتنا الداخلية في كفة وأمننا القومي في كفة أخرى، لكنها كفة لا تقبل القسمة على اثنين، والقناعة كاملة أيضا بأن وحدة الجبهة الداخلية هي المسلك الوحيد لحماية أمننا القومي ومجابهة كل أدوات الإبتزاز التي تحيط بنا من كل جانب، للحفاظ على كياننا مستقلا كما تركه الشهداء حتى لو أحكمت حلقات الحصار من كل الجهات. لا أحد يحدثني عن العراق وسوريا ولبنان فالسيادة هناك مستباحة إن لم يكن من أمريكا فهي من روسيا أو إيران. وعلى الأرض هناك تعبث كل أجهزة الاستخبارات العالمية ومع حرقة هذه الشعوب العظيمة على ضياع سيادتها، لا نملك إلا الترحم على الشهيد البطل صدام حسين. أما الأردن فلعله مندوب الكيان الصهيوني في الجامعة العربية ..! مع إحترامنا الكبير للشعب الأردني الشقيق الذي يستنشق هواء القدس صباحا ومساء.