خلال الدورة ال17 لمؤتمر هرتسيليا السنوي، أدلى وزير الخارجية الصهيوني أفيغدور ليبرمان بتصريح مثير اعترف فيه بأن كل من ربط مصيره بالكيان الصهيوني باء بالخسارة "من جدِّ الملك عبد الله، إلى أنور السادات، إلى بشير الجميل، وجيش لبنان الجنوبي"! هي شهادة مدوّية تدين كل من يتقرّب إلى الاحتلال زُلفى ويلقي إليه بالمودّة، على حساب فلسطين والأقصى، وتأتي في وقت كثُر فيه الحديث عن بداية خروج العلاقات السرية بين الكيان الصهيوني ودولٍ خليجية إلى العلن في الآونة الأخيرة بعد أن كانت سرِّية سنوات عديدة، فقد بدأ المسؤولون الصهاينة يتحدّثون، جهارا نهارا، عن أن عدداً من البلدان العربية بات لا يعدّ كيانهم عدوا، بل "صديقا جديدا" و"حليفا"، كما جرى الحديثُ منذ أسابيع عن مبادرة خليجية تتضمَّن التطبيع مع الاحتلال مقابل تجميد الاستيطان خارج الكتل الاستيطانية فقط، وقد ذُهل الصهاينة من الثمن البخس الذي عرضه الخليجيون مقابل مكسب سياسي ثمين للكيان الصهيوني كالتطبيع، ثم جاءت الطامة الكبرى حينما كشف مسؤولون سعوديون وإماراتيون ضمنياً أن من بين أسباب حصار قطر إصرارَها على دعم حماس واستضافة بعض قادتها! أمرٌ آخر لافت في شهادة ليبرمان وهي تأكيده أن محمود عبَّاس يريد جرَّ حماس إلى حربٍ مع الجيش الصهيوني من خلال الإجراءات العقابية التي اتخذها ضد غزة واتجاهه إلى التصعيد: "هو ينوي مواصلة الاقتطاعات من أجور موظفي غزة، وفي غضون عدة أشهر سيوقف دفع ثمن الوقود والأدوية والرواتب"؟! كم شعرنا بالحسرة والألم حينما صرّح المجلسُ الوزاري الصهيوني المصغّر أنه قرّر تخفيض توريد الكهرباء لغزة "استجابة لطلب محمود عباس!".. أيُّ رئيسٍ هذا الذي يطلب من الاحتلال تشديد الحصار على جزءٍ من شعبه بهدف جرّه إلى حربٍ تزيد غزة دمارا وخرابا وبؤسا ليشفي غليله من حماس؟ كيف يقبل رئيس السلطة الفلسطينية أن يكون أقلَّ شهامة وإنسانية من 16 جمعية صهيونية دعت قبل أيام حكومة الاحتلال إلى إلغاء قرار مجلسها الوزاري تقليصَ تزويد سكان غزة بالكهرباء، لأنه سيخلّف أزمة إنسانية حادّة؟! لقد أصبح التآمرُ على المقاومة الفلسطينية يتمّ جهارا نهارا بعد أن كان سريا يتوارى فاعلوه عن الأنظار من سوء عملهم، فهذا لا يخجل من وصفها ب"الإرهاب" والدعوةِ إلى قطع الدعم عنها ومحاصرةِ من يدعمها، وذاك يغلق معبره الوحيد دون الفلسطينيين ويساهم في تشديد الحصار الصهيوني على غزة، وثالثٌ يخطط لجلب الحرب والمزيد من الخراب لجزءٍ من بلده والمعاناة لشعبه... أيّ واقع مرير هذا الذي نعيش؟ لكن عزاءنا أن تصريح ليبرمان يؤكد النهاية المأساوية لكل المنبطحين؛ كل من ربط مصيره بالكيان الصهيوني فسيبوء بالخسارة حتماً، من جدّ الملك عبد الله إلى السادات والجميّل وجيش لحد العميل، ولا ننسى مبارك الذي كان سقوطُه مدويا ولم ينفعه حلفاؤه في تل أبيب مع أنهم كانوا يعدّونه "كنزهم الإستراتيجي"، وبقيَّة المهرولين على الطريق بإذن الله.. كل من يربط مصيره بالاحتلال سيُرمى في مزبلة التاريخ، كان ذلك على ربّك حتما مقضيا.