* آلاف المواقع والصفحات باسم مؤسسات ومحال مع ظهور جائحة كورونا، وفرض الحجر الصحي، لم تجد بعض المؤسسات الجزائرية وأصحاب محال من وسيلة أخرى، لتجاوز أزمة مالية محتملة، والخروج بأقل الأضرار، سوى الشبكة العنكبوتية، لعرض بضاعتهم واستقطاب أكبر عدد ممكن من الزبائن، على طريقة بعض الشركات العالمية مثل "أمازون"، وغيرها، التي استطاعت بولوجها عالم التجارة الإلكترونية، أن تجني أموالا طائلة وصلت إلى ملايير الدولارات، ما يطرح الكثير من الأسئلة، أهمها: هل بإمكان مؤسساتنا وحتى أصحاب المحال، أن يحققوا ما حققته الشركات العالمية في مجال التجارة الإلكترونية؟ أم لن يستطيعوا حصد هذا النجاح، لكون محيطنا ومعطياته وشروطه وظروفه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مختلفة تماما عن محيط الدول المتقدمة وحتى بعض الدول الإفريقية والعربية؟ ملف: مليكة ينون وإن كانت النتائج المحققة من التجارة الإلكترونية في بلادنا مختلفة تماما عما هو محقق في الدول المتقدمة، إلا أنه لا يمكن أن ننكر ونتجاهل ما يحصل على الشبكة العنكبوتية. فبضغطة زر واحدة فقط، ودون أن تستعين بمحرك البحث، تظهر أمامك مواقع لمؤسسات قائمة بذاتها، وآلاف الصفحات لأصحاب محال، على مواقع التواصل الاجتماعي، تعرض سلعا مختلفة، تصلك إلى بيتك في ظرف زمني قصير، لاسيما بعد استحداث شركات مختصة في التوصيل، سهلت بدورها عملية التجارة الإلكترونية. * كورونا أدخلتنا عالم التجارة الإلكترونية سجلت اتصالات الجزائر هذه السنة، أزيد من 2,3 مليون مشترك في خدمات الإنترنت، عالي التدفق "أ دي اس أل". وبلغ عدد المشتركين في الإنترنت عبر الهاتف النقال بالجزائر نحو 37 مليون مشترك، ويبدو أن هذه الأرقام لمستخدمي الشبكة العنكبوتية، بمختلف وسائلها المستعملة، من لوحات وهواتف وحواسيب، فتحت شهية أصحاب المؤسسات والمحال، لإنقاذ أنفسهم من خسائر مالية كبيرة، وذلك بعد قرار فرض غلق محالهم لمواجهة فيروس كورونا. وبحسب بعض أصحاب المحال، الذين تحدثوا إلى مجلة "الحوار"، فإنهم وجدوا أنفسهم ملزمين بالبيع اعتمادا على التجارة الإلكترونية، وإيصال البضاعة إلى المنازل، لأجل تجاوز المحنة والخروج بأقل الأضرار المالية، لكن، كما قالوا "لم يكسبوا ما كانوا يكسبونه خلال الأيام العادية"، أي قبل ظهور كورونا وقبل فرض إجراءات الحجر الصحي، "لأن عدد طالبي هذه الخدمة ليس بالكثير، مثلما يتوقع البعض، خصوصا ما تعلق بشراء الملابس". * التجارة الإلكترونية سهلة والتعامل مع الزبائن صعب ويبرز فريد عبد العظيم، صاحب محل بيع الألبسة النسائية بالشراقة لمجلة "الحوار"، أنه أول مرة بدأ التجارة الإلكترونية، وبيع الملابس بالإيصال إلى المنازل، بعد إجراءات فرض الحجر الصحي وقرار غلق المحال، "حيث فكرت مطولا في ما إذا كانت مجدية أم غير مجدية، أم صعبة وغير صعبة، وخلصت إلى خوض غمار التجربة، والاستفادة ولو قليلا، مما قد تدره علي من أموال، تغطي ما كنت سأخسره بعد غلق المحال..". "فقررنا فتح باب الخدمة، فخصصنا صفحة على الفايسبوك، ووضعنا رقمنا الهاتفي، وعرضنا بضاعتنا وأسعارها". "وفعلا، تلقينا اتصالات عديدة، وكنا من جهتنا في مستوى هذه الخدمة". لكن، كما قال: "أكتشف صعوبات كثيرة وكبيرة مع الزبائن، الذين لا يحترمون موعد اللقاء للاستلام، حيث يتأخرون دائما أكثر من ربع ساعة أمام باب منازلهم، وبعضهم ينتقد ويعترض على البضاعة". ويرى نفس المتحدث بأن الجزائري يفتقد ثقافة خدمة البيع بالإيصال إلى المنازل، عكس ما يحدث في الدول المتقدمة، على غرار أمريكا، حيث عشت فيها مدة ثلاثة أشهر، حيث إن مثل هذه الخدمة ثقافة محترمة جدا، سواء من طرف الزبون أم البائع ومقدم هذه الخدمة. * التجارة الإلكترونية أغلقت المحال وبحسب مهدي، صاحب الموقع الإكتروني "أم إي أش شوبينغ دي زاد"، فإن التجارة الإلكترونية طريقة مربحة، وقادرة على استقطاب أكبر عدد من الزبائن، إذا ما وفر لها كل الشروط القانونية الحامية للتاجر والزبون. ويقول مهدي: "لا يمكننا أن ننكر أن التجارة الإلكترونية، التي تسمح لنا بعرض سلع المحل، على صفحات الفايسبوك، قد ساعدتنا على الترويج، وعلى استقطاب عدد لا بأس به من الزبائن". لذا، يضيف: "هذه الصفحات الفايسبوكية أراها أفضل طريقة وأسلوب لممارسة نشاطنا التجاري، وبيع سلعتنا وربط علاقات طيبة مع زبائننا"، مشيرا إلى أن عملهم الرقمي، بدؤوه منذ خمس سنوات، وسجلوا إيجابيات كثيرة، ولم يتوقفوا إلا بعد ظهور فيروس كورونا، مفضلين الالتزام بتدابير الحجر الصحي، تفاديا لأي عدوى. وعن كيفية إيصال طلب الزبون، كشف مهدي عن تنسيقهم مع شركة توصيل، تنقل البضاعة إلى أصحابها. وبحسب صاحب صفحة "فيتناس ماركت باب الواد"، فإن التجارة الإلكترونية أغلقت المحال، قائلا لمجلة "الحوار":"كل المحال أغلقت بسبب التجارة الإلكترونية، لذا، مستقبلها إذا وفرت لها الشروط، واعد"، مستطردا: "منذ فتح الصفحة، سجلوا اتصالات كثيرة، غير أنّ البيع أقل بكثير من الاتصالات". ليس كثيرا. بختي عصام ممثل مؤسسة "Algérie Market " * نقترح "موبايل باي" لحل مشكل الدفع الإلكتروني وتحتكم مؤسسة "Algérie Market "، على موقع بالشبكة الإلكترونية منذ سنة 2016، يتابعها على مستوى ال48 ولاية، 180 ألف شخص و10 آلاف على الأنستغرام. ويكشف عصام بختي، ممثل مؤسسة " Algérie Market "، أنّ فتح موقع إلكتروني، بكلفة 250 مليون سنتيم، استثمار كبير، لأجل الترويج لبضاعتهم وتسهيل عملية بيع 28 ألف منتج، مؤكدا أن تجربة أربع السنوات في التجارة الإلكترونية، ساعدتهم كثيرا في استقطاب الزبائن، وساهمت في الرفع من مداخيلهم. وتعرض " Algérie Market "، الألبسة والأواني الإكترونية، والساعات والمجوهرات الفضية، وألعاب الأطفال، والملابس الرياضية، حتى إنّ المؤسسة، كما قال: "تفتح الباب أمام كل شخص يرغب في فتح محل، فنساعده على ذلك، لبيع سلعتنا". ومع أن المؤسسة استقطبت أكثر من 180 ألف زبون، من خلال الموقع الإلكتروني، إلا أنها تعيش، مثلما صرح به مسيرها، لمجلة "الحوار"، تواجه بعض الصعوبات، على غرار مشكل تراجع الزبائن عن اقتناء البضاعة، وغياب الدفع الإلكتروني، وفرض ضرائب كثيرة عليهم، تصل إلى 11 بالمئة، على غرار دفع الضريبة على النشاط، وضريبة رفع القيمة المضافة، في الوقت الذي يرفض ممونو المؤسسة منحهم فاتورة السلع، إضافة إلى مصاريف أخرى على غرار تأمين العمال، مطالبا في السياق، بضرورة التخفيض من قيمة الضرائب، لكون الرفع من سعر بضاعتهم يتنافى وسعر السوق. * نطالب بتصنيفنا كمؤسسات ناشئة وانتقد عصام بختي عدم تصنيفهم كمؤسسات ناشئة، "ستارت آب"، للاستفادة من الإعفاءات الضريبية، ونفس الانتقادات وجهها إلى القانون المتعلق بالتجارة الإلكترونية، الذي، بحسبه، لم ينصفهم ولم يضف لهم شيئا، باعتبار من أعده إداريين، وليس لهم أي علاقة بالتجارة. ويقول عصام بختي: "المشكل القائم في الجزائر، الحائل دون تطوير التجارة الإلكترونية، مرتبط بغياب رؤية استشرافية". وبالعودة إلى الدفع الإلكتروني، كشف مسير المؤسسة أن البنوك اتصلت بهم، وطلبت منهم توفير الملف، ودفع 5 ملايين سنتيم لإدراجها في الأرضية، فضلا عن دفع ما قيمته 3 ملايين سنتيم لأجل إخضاع المؤسسة للاختبار مدة ثلاثة أيام. لذا، كما قال: "رفضنا العرض، لأن المبلغ مرتفع جدا"، مشيرا إلى أن إلغاء هذه الإجراءات لن يغير من الأمر شيئا، لكون الزبون الجزائري فاقدا للثقة في المؤسسات البنكية، وأغلبيتهم لا يحوزون بطاقات بنكية إلكترونية. ويقترح عصام بختي، في مشكل الدفع الإلكتروني، ضرورة الاستعانة بتطبيق "موبايل باي"، أي "هاتف ادفع"، مثلما فعلت بعض الدول الإفريقية، حيث باستطاعة أي زبون اقتناء بضاعة ما، ويدفع عن طريق تعبئة رصيد البائع. * هذا ما يفرضه قانون 2018 على الراغب في التجارة الإلكترونية دخل قانون التجارة الإلكترونية في الجزائر، المحدد للقواعد العامة المتعلقة بالتجارة الإلكترونية للسلع والخدمات، حيز التطبيق، سنة 2018. ويطبق القانون في مجال معاملات التجارية الإلكترونية، في حالة ما إذا كان أحد أطراف العقد الإلكتروني متمتعا بالجنسية الجزائرية، أو مقيما إقامة شرعية في الجزائر، أو شخصا معنويا خاضعا للقانون الجزائري، أو كان العقد محل إبرام أو تنفيذ في الجزائر. وتمارس التجارة الإلكترونية في إطار التشريع والتنظيم المعمول بهما، غير أنّه تمنع كل معاملة عن طريق الاتصالات الإلكترونية تتعلق بما يأتي: لعب القمار والرهان واليناصيب والمشروبات الكحولية والتبغ، المنتجات الصيدلانية، المنتجات التي تمس بحقوق الملكية الفكرية أو الصناعية أو التجارية، بالإضافة إلى كل سلعة أو خدمة محظورة بموجب التشريع المعمول به، كل سلعة أو خدمة تستوجب إعداد عقد رسمي. وتخضع كل المعاملات، التي تتم عن طريق الاتصالات الإلكترونية، إلى الحقوق والرسوم التي ينص عليها التشريع والتنظيم المعمول بهما، كما يمكن أن تكون الاستثمارات الداعمة لأنشطة التجارة الإلكترونية موضوع تدابير تحفيزية، طبقا للتشريع المعمول به. وتمنع كل معاملة عن طريق الاتصالات الإلكترونية العتاد والتجهيزات والمنتجات الحساسة، المحددة عن طريق التنظيم المعمول به، وكذا كل المنتجات أو الخدمات الأخرى، التي من شأنها المساس بمصالح الدفاع الوطني والنظام العام والأمن العمومي. وفي سياق ذي صلة، يعفى من إجراءات مراقبة التجارة الخارجية والصرف، البيع عن طريق الاتصالات الإلكترونية لسلعة أو خدمة من طرف مورد إلكتروني مقيم لمستهلك إلكتروني موجود في بلد أجنبي، عندما لا تتجاوز قيمة هذه السلعة أو الخدمة ما يعادلها بالدينار والحد المنصوص عليه في التشريع والتنظيم المعمول بهما. ويلزم القانون المنظم للتجارة الإلكترونية تحويل عائدات هذا البيع بعد الدفع إلى حساب المورد الإلكتروني الموطن في الجزائر، لدى بنك معتمد من قبل بنك الجزائر أو لدى بريد الجزائر، كما يخضع نشاط التجارة الإلكترونية للتسجيل في السجل التجاري أو في سجل الصناعات التقليدية والحرفية، حسب الحالة، ولنشر موقع إلكتروني أو صفحة إلكترونية على الإنترنت مستضاف في الجزائر بامتداد " com.dz". يونس قرار * التجارة الإلكترونية تتطلب قانونا يحمي التاجر والزبون والشركات المرافقة وفي اعتقاد الخبير في تكنولوجيات الإعلام، يونس قرار، فإن التجارة الإلكترونية مربحة، إذا كان سوق الطلب واسعا ومقبلا عليها، لاسيما أنها مختلفة عن السوق التقليدي، حيث إنه لا يحتاج إلا إلى شبكة إنترنت وبعض الأشخاص، بينما السوق التقليدي في حاجة إلى موارد بشرية وكراء محل، حاثا على اقتحام عالم التجارة الإلكترونية "إعداد دراسة جدوى للسوق من كل جوانبه، حتى لا يقع في الخسارة المالية، مثلما تفعل الدول المتقدمة"، ضاربا المثل بما يعرف ب" الجمعة الأسود، black Friday"، أو "علي بابا"، الذي أكسبته التجارة الإلكترونية في يوم واحد 45 مليار دولار، حيث عرضوا البضاعة عبر منصة رقمية، وتمكنوا من استقطاب المستهلكين بشكل غريب. وقال في السياق: "المفروض، أن نسجل نفس النجاح في الجزائر، لكن، غياب كل الشروط حال ويحول دون ذلك". ومن بين ما يستوجب توفيره، مثلما يؤكد قرار، تقنيو العملية، باعتبار القانون الصادر الموجود غامضا وناقصا، وفيه ثغرات، لذا "لا يمكن أن يوفر الحماية الأمنية والتجارية لصاحب المنصة الرقمية والتاجر والزبون". ونفس الشيء للبنية التحتية، حيث يستوجب توفر الإنترنت دون انقطاع، لأنه من غير المعقول أن يصادف الزبون صعوبة في الولوج إلى المواقع الإلكترونية للعارض، فهذا التباطؤ في التدفق يجعله يعزف، وعليه يسجل التاجر الإلكتروني خسارة في عدد الزبائن، إضافة إلى كل هذا، يستوجب، بحسب قرار، تحسين عملية الدفع الإلكتروني، بالنسبة إلى البنوك، لافتا إلى أنها لا تتماشى مع المعطيات، وكثيرا ما يصادف التاجر والزبون مشاكل تحول دون استكمال العملية. ولا يختلف الأمر حول عزوف شركات التأمين عن التعاقد مع المؤسسات المعتمدة على التجارة الإلكترونية، لكونها،كما قال: "تخاف من تسجيل خسارات مالية، بسبب غياب الغطاء القانوني، الذي يحمي حقوقهم وحقوق الزبون"، ما يستوجب في ختام كلامه "تدخل الجهات الوصية لتوفير كل التغطية القانونية، التي من شأنها أن تطور التجارة الإلكترونية".