لبنان يعاني مديونية خانقة تقارب 150 مليار دولار تطرق الدكتور جورج زكي الحاج عضو التيار الحر اللبناني، في هذا الجزء الثالث والأخير من اللقاء الذي أجرته معه ''الحوار''، إلى الحديث بإسهاب عن السياسة الداخلية للبنان وكذا عن الانتخابات البرلمانية المنتظرة في ال7 جوان 2009 وامور أخرى تجدونها في هذا الحوار. استرجع الشعب اللبناني في ال 13 من أفريل الفارط، ذكرى أحداث الحرب الأهلية التي أغرقت البلاد في بحر من الدم. ماذا تقول لنا عن هذه الذكرى؟ نعم لقد استحضر اللبنانيون شعبا وحكومة أحداث تلك الحرب المشؤومة. هي في الحقيقة لا نحتفل بها كذكرى مجيدة ولم نتخذ منها عيدا وطنيا لأنها تذكرنا بالألم، إنها حرب بدأت في لبنان وبقيت مستمرة وبأشكال مختلفة. في 13 أفريل نستذكر نحن اللبنانيين شعبا ومسؤولين ذلك اليوم الذي نفذت فيه المؤامرة أولى خطواتها في لبنان. ويحاول اللبنانيون على اختلاف طوائفهم واتجهاتهم السياسية وانتماءاهم العقائدية أخذ العبرة من ذلك اليوم. استحضار الذكرى هوفي حد ذاته نوع من التذكير بمآسي تلك الحرب التي تركت جرحا عميقا في الذات اللبنانية. وما هي انعكاسات تلك الحرب التي تجرعتم ويلاتها طيلة عشرية من الزمن على المجتمع اللبناني؟ الشعب اللبناني شعب واعٍ ومثقف، رغم اختلافهم فهم إخوة، والذين تلاعبوا باللبنانيين كانوا قلة لا يتعدوا نسبة 7 بالمائة وأكثر من 90 بالمائة ظلموا في هذه الحرب، اللبنانيون لا يختلفون على أمور تافهة، فالخلاف الذي على أساسه انفجرت الحرب هو السلطات السورية التي كيفها البعض بأنها وصاية.. إن الوجود السوي في لبنان مدة ثلاثة عقود من الزمن أثر في توجهات اللبنانيين وبقيت تلك التأثيرات إلى يومنا هذا إضافة إلى أن معظم الفئات اللبنانية والحزبية مرتبطة ومتحالفة بشكل أو بآخر. هل ثمة قوى سياسية حرة تنشط بلبنان؟ صاحب الرأي الحر الذي لا علاقة له بالدولة هو التيار الوطني الحر الذي يكاد أن يكون الحزب الوحيد الذي يعرف بمواقفه المحايدة، إضافة إلى أن هناك مواقف متناقضة في لبنان. فعندما عاد الجنرال عون من منفاه من فرنسا التي قضى بها مدة 15 سنة حاول استكمال ما حيك ضده من قبل فئات كانت موالية للحكم السوري أثناء تواجدهم بلبنان، وكان من بين اولئك الذين تسببوا في إشعال نار الفتنة بين اللبنانيين، والنتيجة كانت نفيه إلى الخارج. والفئة ذاتها أصبحت معادية أيضا لسوريا بسحر ساحر، وهذه النظرية لا يمكن أن تطبق ولا تقنع أحدا، إذ من جهة يعادون عون ويتآمرون عليه لصالح القيادة السورية وهم أنفسهم يتحولون إلى أعداء سوريا. اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية السابق توفيق الحريري في 14 فيفري 2005 هي القطرة التي أفاضت الكأس وأعادت توتر العلاقات اللبنانية السورية إلى الواجهة، ولاسيما بعد تهجم وليد جنبلاط على سوريا بشدة متهما إياها بما حدث. ما تعليقكم؟ هناك خطأ كبير حدث في سياسة سوريا في لبنان ليس في طريقة الدخول إليها وإنما الخطأ يكمن أيضا في الطريقة التي تعاملت بها سوريا مع الشعب اللبناني المتحضر، خذي مثلا موقف الجنرال عون من سوريا فهو أول من حاربها وبعدها دفع ثمنها غاليا، حيث نفي وعائلته إلى فرنسا وشرد مؤيدوه ورفاقه في النضال وتشتتوا بين النظامين السوري واللبناني على مدار 15 سنة. وفي كلمة قالها عون: '' أعيد العلاقات مع سوريا شرط أن لا تبقى على الأراضي اللبنانية، لا أريد مقاتلة سوريا حين تخرج من لبنان، وحين خروجها نهائيا من لبنان نحن على استعداد للقيام بعلاقات دبلوماسية معها''. ولما أطلق سراحه وعاد من فرنسا في ماي 2005 سئل حينها ما موقفك من سوريا رد قائلا: '' لقد أصبحت سوريا في سوريا وأنا أتيت إلى لبنان يعني انتهت الحرب بيننا''. كيف تفسرون مواقف وليد جنبلاط تجاه القيادة السورية؟ وليد جنبلاطشخصية فريدة من نوعها في لبنان، فهو يستطيع أن يتقلب بين ليلة وضحاها من فريق إلى فريق، فهو حالة فريدة لا يستقر على رأي إذ يستطيع أن يشم رائحة التحركات الخارجية والتطورات السياسية العربية والعالمية قبل حدوثها. السوريون هم من قتلوا والده سنة 1978 وهو يعرف ذلك في اللحظة الأولى التي اغتيل فيها، لكنه سمح بإقامة مجازر في منطقته ضد المسيحيين وهذه هي الجريمة التي ارتكبها لأنه كان يعرف من قتل والده ورغم ذلك كله سمح بما جرى وسكت عن مقتل والده ربع قرن ولجأ إلى سوريا ومكث بها طويلا إلى أن خرجت من لبنان ليعود اليها بنية أخذ الثأر. ومن يحرك خيوط هذه القضية ولصالح من؟ اللبنانيون الذين كانوا في السلطة إبان الحكم السوري، هم من يرفضون خروج سوريا من لبنان واسقطوا جام غضبهم على الدول الغربية وأمريكا على اساس انهم ايدوا خروج القيادة السورية من لبنان. نفس الأشخاص الذين أظهروا الولاء لسوريا تحولت علاقاتهم بها إلى عداء واتهموا عون بأنه عميل لسوريا، ليبقوا هم على هرم السلطة، فكيف يكون عون كذلك وهو الذي تجرع ما تجرع من سوريا ووصل به الامر حد نفيه لأزيد من 15 سنة خارج بلاده؟.. أما فيما يخص العلاقات الديبلوماسية بين البلدين فقد طرحها الجنرال عون منذ 20 سنة. لبنان مقبل على انتخابات برلمانية في ال7 جوان 2009 حسب تقديركم لمن سيكون الفوز بالأغلبية؟ نحن واثقون ثقة تامة أن الإنتخابات البرلمانية المقبلة عليها لبنان في ال 7 جوان 2009 أن من كان أكثرية اليوم سيصبحون أقلية، وأن المعارضة الممثلة في التيار الوطني الحر وحزب الله هي التي تكون في السلطة وهي التي ستفوز بالأكثرية، وعندها لا يعود لهؤلاء مكانة بين السياسيين اللبنانيين. سيتحصل التيار الحر، حسب تقديري الشخصي، على 34 نائبا في البرلمان من جملة 128 مقعد أي أكثر ما كان عليه سنة 2005 وسنشكل بعدها كتلة التغير والإصلاح كما نسميها. أما مع الحلفاء فنتمنى أن نحصل على 2/3 ثلثي المجلس النيابي وعندها يكون التغيير والإصلاح أكثر سهولة، وبعدها سنحاسب على كل ما قلناه في الماضي إذا كنا استطعنا تنفيذه لأن الفساد في السلطة اللبنانية والحكومات المتعاقبة منذ العام 1975 خاصة 1990 بعد اتفاقية الطائف ومجيء رفيق الحريري إلى اليوم، وصل الفساد نسبة مئوية لم يصل إليه لبنان في تاريخه. هناك مداخيل مالية تدخل إلى لبنان وهي من القيمة المضافة من مداخيل البنزين الذي يقدر ثمن الصفيحة فيه في لبنان ب 18 دولارا. رغم كل ذلك لبنان يعاني أزمة المديونية الخارجية مديونية خانقة، أزيد من 150 مليون دولار تمثل الدين العام إضافة إلى مشاكل أخرى مثل انقطاع التيار الكهربائي من 8 إلى 10 ساعات في اليوم، عدم وصول شبكة المياه الصالحة للشرب إلى المنازل... هناك فساد رهيب في لبنان، الشعب اللبناني ينتظر التغيير ومحاسبة هؤلاء، وما نخشاه أنه حين يصل موعد الانتخابات يحدث هناك تقارب ويتبنون مبدأ ''سامحني وأسامحك'' مثل ما حدث في الدول العربية، ويصبح لبنان بلد التوازنات. والسؤال الذي يطرح نفسه ما هو المخرج الذي سيلجا إليه هؤلاء هل هو معادة سوريا ومقاتلتها، ام أن هناك مصالح شخصية بين الطرفين. ماذا يقول جورج عن: تهجير الفلسطينيين إلى لبنان: لبنان بلد صغير لا يتحمل الكم الهائل من المهجرين الغرباء. أوباما : أفضل رئيس امريكي ومهما يكن فهو احسن من السفاح بوش. المقاومة الافغانية : لا اؤمن بها خروج الجيش الامريكي من العراق : حلم ربما لن يتحقق لانه مرهون بعدم حدوث أي مناوشة في العراق، ولا اظن ان تترك المخابرات الصهيونية والمؤامرة الامريكية الحال كما هو متفق عليه.