إنشاء ثلاثة ''كراسي'' مجالس علمية دائمة في السودان، لتدريس الفقه المالكي.. إقامة دورات متقدمة لمدة عام في الفقه المالكي.. تفريغ طلاب لدراسة المذهب على نفقة الدولة. وصايا خرج بها جمهرة من علماء المذهب المالكي في ختام ملتقى علمي استمر 3 أيام بالعاصمة السودانية الخرطوم؛ لبحث الوسائل والطرق العلمية للحفاظ على المذهب الرسمي للبلاد، والحيلولة دون تراجعه بعد وفاة عدد من فقهائه في السنوات الأخيرة. وأوضح أحد من شارك بالملتقى أن فكرة تأسيس الكرسي استلهمها السودان من المغرب، بعد أن لاحظ وزير الأوقاف السوداني الدكتور أزهري التيجاني أن ''المذهب المالكي استطاع توحيد الحالة الدينية في المغرب، وتنظيم العقل الفقهي هناك''. ونستطيع نحن الذين تتلمذنا صغارا ونشأنا على أدبيات هذا المنهج كبارا أن نقدر أن هذا المذهب فيه من قوة أصوله ويسر فروعه ما يعلمه كثير من دارسي أصول وفروع هذا المذهب، الذي كانت بداياته في شبه جزيرة العرب والتي تميل بطبعها إلى قلة التعقيدات في أكناف وزوايا الحياة، فاستطاع أن يتكفل بتنظيم هذا الحياة، ثم إنه ما عجز عن مسايرة طبيعة المدنية التي وجدت في البيئة الأندلسية التي شهدت احتكاكا كبيرا بمخلفات الحضارة الرومانية، ومع ذلك فقد تكفل هذا المذهب بإيجاد الحل لكل ما استعصى من تعقيدات الحضارة الجديدة. وقبلها فقد نقل علماء كثر هذا المذهب إلى المغرب الكبير ، وقد ظل قرونا مذهب البلاد في الجزائر، فما عُلم تذبذب ولا اختلال في الحالة الدينية ولا في العقل الفقهي ، وإنها لخطوة راشدة أن تدعو الجهات الوصية اليوم إلى عدم الخروج عن هذا المذهب وخلق مرجعيات لا نعلم إلا أنها أحدثت فرقة وشتاتا ، ونحن في غنية عن ذلك لأننا ذقنا آلام التشرذم وهرج الفرقة ، ولسنا في استعداد لتكرار ما فات، وذلك هو الأمن الفقهي.