اطل علينا أمس أحد ممثلي الصيادين في الجزائر متحدثا بإسهاب عن مشاكل المهنة وتحدياتها وآفاقها، التي صال وجال فيها طولا وعرضا، بقدر طول الساحل الجزائري الذي يتعدى 1200 كلم. وبعد أن بين وأبان، فسر المتحدث غلاء أسعار السردين وإخوانه من الرضاع ومن غيره بأن مرده إلى قلة الموارد الصيدية في البحر الأبيض المتوسط، وتماشيا مع منطقه فإن السردين المغبون والمغلوب على أمره قرر ''الحرقة'' من البحر المتوسط إلى وجهة مجهولة بعد أن عرف مستوى صيادينا في الاتكال الكامل على الدولة، والتهرب من قوانينها، بمنطق يصيدني ''البراني ولا نتوما''، أو أن إخواننا من صيادي السمك قد اصطادوا كميات معتبرة منه حتى أنهم كادوا يقضون على الثروة السمكية في البحر المتوسط. والذي لا يدخل العقل ولا يفسره منطق، كيف نبرر عجزنا عن الصيد بقلة الموارد في البحر، في الوقت الذي تكتشف فيه بواخر أجنبية على مقربة من مياهنا الإقليمية وهي تتفنن في صيد سرديننا وأشياء أخرى، وفي الوقت الذي تصعد فيه إلى السطح أنباء عن مقايضة يقوم بها بعض صيادينا في عرض مياه البحر مع البحارة الإسبان، وهم يسلمونهم سرديننا ''الرديء'' على مذهبهم، ويستلمون منهم السمك الفاخر ليطعموننا به، وبعد عودتهم إلى شواطئنا سالمين يلقون اللعنات على هذا البحر البخيل، وعلى قلة السمك فيه. والحقيقة أن الجميع يعتقد بأن الأمر يتجاوز مثل هذه التفاهات، والحال أنه قبل اليوم وفي زمن ''النية'' وبإمكانات جد محدودة كان الجزائريون يتفنون في أكل السمك ومشتقاته، بخلاف الحاضر حيث كل الإمكانيات متاحة ومتوفرة، إلا أن التهمة يتحملها السردين المختفي عن أنظار صيادينا المهرة.!!!