يعيش الصيادون على مستوى مسمكة ميناء وهران في غليان فظيع بعد تشديد حراس الشواطئ الخناق عليهم، ومتابعتهم خلال خرجاتهم اليومية إلى البحر، وملاحقتهم بتسجيل مخالفات وغرامات مالية عليهم، وتحويل ملفات العديد منهم إلى العدالة التي أصدرت في حقهم عقوبات بالسجن لمدة ثلاثة أشهر وغرامات تجاوزت 50 مليون سنتيم مديرية الصيد البحري تطالب بإنشاء مزارع لتربية المائيات كل هذا أثقل كاهل الصيادين الذين أصبحوا ينددون بما أطلقوا عليه “الح?رة” بعد فرض عقوبات يقولون إنها تعسفية لا تستحق كل ذلك، فقد أخبرنا أحد الصيادين بمسمكة وهران أن 80 بالمائة من مجموع الصيادين البالغ عددهم اليوم أزيد من 3 آلاف صياد تلاحقهم غرامات مالية، وأضاف زميله أنه نتيجة انعدام الضوء بأحد قوارب الصيد تم تغريمه ب 2800 دج، ما وصفه بالح?رة بعينها وتضييق باب الرزق عليهم، في الوقت الذي يبقى فيه هؤلاء الصيادون مطالبين بتسديد رسومات الضرائب في ظل نقص إنتاج السمك هذه الأيام، مما جعلهم يخرجون إلى البحر ويعودون يوميا خائبين، حيث لا يتعدى إنتاج الواحد منهم صندوقا من السمك فقط، بعد معاناة مستمرة مع أمواج البحر طول الليل حيث أصبح لا يشكل السمك الأبيض إلا نسبة 10? من الإنتاج، بعد مغادرته للشواطئ الغربية فيما وصل سعر الكيلوغرام الواحد من السردين الذي كان يلقب سابقا ب”الطبق الشعبي” للعائلات ذات الدخل المحدود اليوم أصبح سعره لا يقل عن 300 دج في السوق وسمك الجمبري ب 2600 دج، والأسعار مرشحة للارتفاع في غضون الأيام القليلة القادمة، وذلك بعد تشديد أرباب سفن الصيد من نوع شالوتي وغيرها قبضتهم على ميناء الصيد بوهران، وبيع معظم الإنتاج إلى ولايات الشرق، بعدما أصبحت “مافيا السمك” حسب عدد من الصيادين تسيطر على المسمكة وتحول معظم الإنتاج إلى الشرق، وذلك ما جعل الأسواق المحلية بالولاية تعيش ندرة كبيرة في السمك الأزرق والأبيض هذا بعد استعمالهم أيضا أثناء الصيد لشبكات الصيد محظورة عالميا وتعرف ب “بلاجيك” ذات الحجم الكبير والتي تقضي نهائيا على الثروة السمكية في البحر، بحيث تقوم باصطياد السمك من الحجم الكبير وحتى الصغير جدا، وذلك ما بات يشكل خطرا كبيرا على الدورة البيولوجية لتكاثر الأسماك، وذلك في ظل غياب المراقبة الصارمة من قبل مديرية القطاع التي تبقى غائبة في تدارك الوضعية ومتابعة أصحاب سفن شالوتي لمنع استعمال مثل هذه الشبكات. من جهتهم أرجع بعض الصيادين نقص إنتاج السمك إلى التقلبات المناخية التي تؤثر بدورها على البحر، فضلا عن تزايد نسبة التلوث فيه، والتي جعلت السمك يغادر العديد من المواقع للحفاظ على حياته من الإنقراض، ما جعل نسبة إنتاج السمك اليومي لا تتعدى في البحر 20 بالمائة ومرشحة للتقليص خلال السنوات القادمة من 2015. وأوضح في ذات السياق أحد الصيادين الذين تحدث إليهم “الفجر” بمسمكة وهران أن كل الأرقام الخاصة بإنتاج السمك، والتي تعلن عنها مديرية الصيد البحري بالولاية تعد بعيدة عن الواقع وتحتوي على الكثير من المغالطات والمزايدات، لأن الإنتاج الحقيقي لا يعكس تلك الأرقام الضخمة المشكوك فيها، خاصة في ظل غياب إمكانيات العمل والغلاء الفاحش لأسعارها في السوق السوداء، حيث يتعدى سعر شبكة الصيد 40 مليون سنتيم وقيمة المازوت 12 مليون سنتيم كل أسبوع تستهلكها السفن وقوارب الصيد، و40 مليون سنتيم سعر الكوابل التي تساعد على إنزال شبكات الصيد من السفن واصطياد الأسماك، وأكثر من 200 مليون سنتيم لتصليح تلك السفن، فيما يزيد سعر “شالوتي” الواحد للصيد عن 2 مليار سنتيم، في الوقت الذي لا تزال فيه الديون تلاحق معظم الصيادين خاصة الذين يعملون في إطار تشغيل الشباب، وتحصلوا على دعم من البنوك التي أصبحت تطالب بديونها. فيما لا يزال الصيادون يعانون من انخفاض أجر التقاعد، ومن غياب التأمين لدى صندوق الضمان الاجتماعي ومن عدم صرف مستحقات المنح العائلية منذ سنوات . وما زاد الطين بلة غياب إمكانيات العمل بالمسمكة التي تعيش وضعية كارثية أمام اهتراء أرضيتها، وتجمع كميات من المياه داخل البرك في شكل مستنقعات للمياه الراكدة وانتشار الأوساخ، والإعتداءات، وغياب الإنارة والماء والمراحيض، كلها نقائص زادت من معاناة الصيادين الذين يعانون الأمرّين بالمسمكة، جراء نقص الإنتاج ومن غياب الظروف وإمكانيات العمل والمشادات اليومية مع حراس الشواطئ، فضلا عن غياب سيارات الإسعاف أو مركز طبي لإسعاف الصيادين الذين يعودون من البحر، والكثير منهم مصاب من جراء عمليات الصيد.. حيث قال أحد الصيادين إن مديرية الصيد تبقى غائبة ولا يأتي مسؤولوها إلا لأخذ الأسماك إلى منازلهم، فيما تبقى مؤسسة تسيير الموانئ التي خولت لها مؤخرا مهمة تسيير المسمكة غائبة بعدما كانت تابعة للبلدية. اللجنة الوطنية للصيد البحري تعبر عن قلقها أمام نقص الإنتاج أعلن ممثل عن اللجنة الوطنية للصيد البحري والموارد الصيدية، أن إنتاج استهلاك السمك للمواطن الجزائري لازال لم يصل إلى المعدل العالمي المقدر ب 6.5 كلغ سنويا، بعدما بلغ في إسبانيا 30 كلغ في السنة للمواطن الواحد و70 كلغ للمواطن الياباني، و14 كلغ للمواطن التونسي، في الوقت الذي وصل فيه الإنتاج الوطني إلى 400 ألف طن سنويا، وذلك ما يعد قليلا جدا مقارنة بالعدد الهائل لأنواع الأسماك الموجودة في البحر والمقدرة ب 194 نوع، منتشرة عبر 31 ميناء وعلى طول الساحل الذي يقدر ب 1284 كلم، تتواجد فيه 4252 وحدة صيد، مضيفا أن نقص الإنتاج راجع إلى تلوث البحر واستعمال الصيادين لمادة الديناميت القاتلة للأسماك، إلى جانب عدم احترام قوانين التسويق. وأضاف نفس المسؤول ل”الفجر” أن اللجنة الوطنية للصيد البحري طالبت بتفعيل المرسوم التنفيذي الذي يحدد مسافات الصيد، لكن لا حياة لمن تنادي، فيما تشهد أسعار السمك أرقاما خيالية في العديد من الولايات.