يؤمن بأن المادة التراثية هي تاج الأمة ومورد أساسي ننهل منه لنغذي أفكارنا ونستقي منها ما ينفعنا من الماضي ونشد به عضد المستقبل. هو جمال أرزقي باحث في التراث الأمازيغي وأستاذ بجامعة البويرةالذي يحدثنا في هذا الحوار عن جديده في مجال الكتابة وعن غياب الحرف التفيناغ في الإبداع الأمازيغي و تعويضه بالحرف اللاتيني. صدرت لك مؤخرا مجموعة قصصية بعنوان '' أكال أَذْوَواَلْ'' ماذا يتناول هذا المولود الأدبي الجديد؟ - فعلا هو كذلك لقد صدرت لي خلال شهر ماي الماضي مجموعة قصصية تتكون من 11 قصة قصيرة بعنوان ''أكال أَذْوَواَلْ'' عن دار نشر ''ثيرة'' بولاية بجاية. لماذا '' أكال أَذْوَواَلْ''! - هناك مثل أمازيغي يقول '' ثَمَطوثْ أَذْوَواَلْ'' ويقابلها بالعامية الجزائرية '' مْرَى وْنَصْ''. وكلا المثلين يعبران عن الفحولة والعلو والكلمة الصادقة. ويتناول هذا الكتاب قضايا اجتماعية نابعة من عمق المجتمع الإمازيغي القديم. أردت من خلال هذا المؤلف الذي يقع في 190 صفحة من الحجم المتوسط إظهار الأشياء المغمورة التي بدأت تميل نحو الإندثار. علينا ان نسرع لإنقاذ ما يجب إنقاذه عن طريق وضع آلية صحيحة تعمل على حفظ التراث غير المادي من الاندثار باعتباره يشكل هوية الأمة ، استعملت فيه ألفاظا أمازيغية سهلة وبسيطة حتى تكون في متناول الجميع. كذلك يحتوي على تراث شعبي جمعته وأضفت عليه أسلوبا جديدا ورؤية مغايرة، والهدف بطبيعة الحال وضعه كمرجع للطلبة و الباحثين في التراث. وماذا عن مشروعك الفكري الجديد؟ - لدي الكثير من الأعمال الأدبية انتهيت من إعدادها مؤخرا وهي تنتظر الطبع ، من بينها كتاب سيتم نشره عن قريب حول الشاعر الأمازيغي المدعو '' محمد السعيد مليكش'' الذي عاش في القرن 19 والذي ينحدر من منطقة أقبو بولاية بجاية، هذا الرجل الذي ساهم بقسط كبير في محاربته للوجود الاستعماري إلى جانب المقاومات الشعبية التي صدت العدو الفرنسي منذ وطأ أرض الجزائر، حيث شارك في ثورة المقراني عام 1871 كما سجل بصمته النضالية في بلاد القبائل التي ألحقت بالمستعمرة الفرنسية عام 1857 ، حيث سبقني العديد من الكتاب إلى تناول هذه الشخصية أمثال '' ألوتو'' الذي ألف كتابا حوله سنة 1890 إضافة إلى مولود معمري في كتابه ''قصائد الأمازيغية القديمة'' الصادرة باللغة الفرنسية. وقد استغرقت مدة البحث عن هذه الشخصية حوالي 20 سنة، و لدي أيضا مشروع أنتولوجيا شعرية سأجمع خلاله مجموعة من القصائد التي قيلت بلسان أمازيغي قديم، والهدف من كل هذا هو العمل على قدر المستطاع على اعادة جمع الموروث الشعبي العريق، بما في ذلك أغانٍ كانت ترددها النسوة خلال حرب التحرير، وفي الأعراس والمناسبات السعيدة، حيث توصلت لحد الساعة إلى جمع أزيد من 400 قصيدة لم يتم التطرق إليها من قبل، إضافة إلى مجموعة قصصية أخرى هي الآن تحت الطبع، و لدي كذلك مشروع ترجمة بعض الكتب من الفرنسية إلى الأمازيغية . لاحظنا اعتماد كتاب اللغة الأمازيغية استعمال الحرف اللاتيني بدل خط التفيناغ في معالجتهم للمواضيع. لماذا هذا الاستبدال برايك؟ أزيد من 50 سنة وهذا الحرف متداول في الكتابات الأمازيغية في الجزائر ، لقد اعتمدت هذا الحرف بناء على ما وجدته في الساحة الأدبية الأمازيغية في الجزائر. ألا تفكر في إضفاء لمسة جديدة تعطي لهذا الأدب خصوصيته التي تميزه عن باقي الكتابات؟ أنا لا أريد العودة بهذا الأدب إلى الصفر بعدما تعود عليه القراء، والتجديد في اعتقادي يكون من ناحية الفكر وليس من حيث الحرف، إذ كيف أكتب بحرف التفيناغ ولا أحد يقرؤه. ولماذا هو معتمد لدى الكتاب في المغرب؟ هذه المسألة تخضع لاعتبارات إيديولوجية معينة ونحن في الجزائر لا نريد تسييس الكتابة الأمازيغية، أضف إلى ذلك معظم أحرف التفيناغ ضاعت مع مرور السنين ولم يبق منها سوى 28 حرفا من جملة 44، وعرفت انتشارا في وسط المجتمع الترڤي وبني ميزاب.