لم تكد '' رائحة '' الشهر الكريم تلقى بعبقها معلنة اقتراب شهر رمضان حتى بدأ ''ترمومتر '' أسعار المواد الغذائية في الارتفاع دون سبب اقتصادي أو اجتماعي يفسر ذلك . لقد جاء في كل المؤشرات الفلاحية ، أن حصيلة الموسم أكثر من ايجابية، والمنتجات الزراعية فاقت كل التوقعات سواء من حيث الكمية أو الجودة بفضل الظروف المناخية التي كانت مواتية، وكذا أيضا بمساهمة الدعم المقدم من قبل الدولة لفائدة الفلاحين والقطاع الفلاحي عموما . وكان منتظرا أن تدخل كل هذه المعطيات الفرحة في نفوس المواطنين والمستهلكين، خصوصا وهم يقضون حاجاتهم الغذائية بأسعار تفتح الشهية ولا تسدها ، لكن لا شيء من ذلك تحقق ، بل تسابق التجار في رفع الأسعار حتى قبل حلول الشهر الكريم، وفي ذلك ربما طريقة منهم ، لتحضير العائلات '' نفسيا '' لما ينتظرهم خلال الثلاثين يوما من رمضان وتعويدهم على ''نار '' الغلاء ، حتى بعدما توفرت المنتجات واكتظت بها مستودعات التخزين . الأسعار في مختلف أسواق الوطن تغذي سؤالا واحد، هل سيتحول شهر الرحمة ككل سنة إلى حرب جبهاتها مفتوحة على جيوب الجزائريين؟. لم تسلم لا اللحوم الحمراء ولا البيضاء ولا حتى اللحم المجمد '' الكونجلي '' من الارتفاع الصاروخي في أسعارها ، بحيث ازدادت في أقل من شهر واحد بنحو 40 بالمائة بالرغم من أن العرض أكثر من الطلب ، حتى أن الليمون الذي لم يحدث وأن بلغت أسعاره 250 دينار يؤشر لوحده أن الأسعار ستكون '' قارصة '' جدا خلال شهر رمضان ولن يسلم منها سوى أصحاب '' الشكارة '' . فما الذي جعل الأسعار تلتهب في عز موسم الإنتاج الذي من المفروض أن تتجه نحو الانخفاض وليس الصعود ؟ . لا يوجد ما يبرر موجة الغلاء الحالية في المواد والمنتجات الفلاحية سوى في تحالف الفوضى مع الجشع لتأزم حياة الجزائريين ربما في مسعى لدفع الأمور نحو الانفلات أو الانتفاضة، لكون المستفيد منها في نهاية المطاف هم مصاصو دماء الشعب . كيف لا يكون ذلك وقد تسابق التجار لرفع الأسعار عشية موعد اجتماع الثلاثية بين الحكومة ، النقابة وأرباب العمل للاتفاق حول الزيادة في الحد الأدنى للأجر الوطني المضمون ، وفي ذلك محاولة لإجهاض هذه الزيادة التي يترقبها الموظفون وإفراغها، من محتواها وجعلها دون معنى ، وبذلك يعمل السماسرة والمضاربون على اغتيال الفرحة التي كان بالإمكان أن تحققها الزيادة في الحد الأدنى للأجر الوطني المضمون، خصوصا في نفوس ذوي الدخل الضعيف ، غير أن الزيادة في الأسعار التي سبقتها لم تترك للفرحة مكانا في القلوب ، وهو ما يعني أن هناك من لا يريد للجزائريين أن يفرحوا ولو ليوم واحد .