لم تغب طيلة الأيام الماضية لغة التهديد والوعيد عن تصريحات مسؤولي الدولة العبرية ضد لبنان، الأمر الذي يطرح العديد من التساؤلات حول مغزى هذه التهديدات وتوقيت إطلاقها. ففي آخر الخرجات الصهيونية، وجه داني آيالون نائب وزير الخارجية الإسرائيلي، تحذيرا شديد اللهجة إلى حزب الله إثر كشف بعض المصادر الإعلامية عن خطة لاغتيال السفير الإسرائيلي في القاهرة، وقال آيالون ''إذا مسّ حزب الله شعرة لأحد ممثلي إسرائيل في الخارج، حتى لسائح سيتحمل النتيجة التي ستكون قاسية جدا''. وقد سبق وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك تصريحات آيالون عندما أعلن صراحة أن بلاده ستعمل على استخدام كل قواها لتدمير البنى التحتية اللبنانية إذا ما أقدم الحزب على مهاجمة إسرائيل. .. خطورة التحرشات والتهديدات، تكمن في توقيت إطلاقها، فلبنان اليوم يعيش مرحلة توافق مع المقاومة اللبنانية المنتظر تمثيلها في الحكومة المرتقبة، وهذا الانسجام اللبناني لا يعجب قادة الحكومة الصهيونية، فاستقرار لبنان والتفاهمات التي سيتوصل إليها، تعني انسجاما بين مختلف ألوان الطيف السياسي في هذا البلد المتخم بالطوائف السياسية، ناهيك عن أن الفوضى في لبنان تخدم إسرائيل بالدرجة الأولى ... يضاف إلى ذلك أن الكيان الصهيوني يتخبط حاليا في أزمة سياسية طاحنة، فقد تورط الكيان في انتخابه لرئيس وزراء ووزير خارجية متطرفين، وتورط الاثنان في تصريحاتهما الشنيعة، لاسيما بشأن موقفهما تجاه حل الدولتين، وعودة اللاجئين، ومواصلة بناء المستوطنات. .. مكمن الخطورة في التهديدات الإسرائيلية، يوحي بأن الحكومة الصهيونية الحالية تبحث عن ذريعة لشن عدوان آخر على لبنان، تحاول من خلالها استعادة جزء من كرامتها التي مرغت صيف 2006 في التراب، لأنه من الواضح أن الدولة العبرية لا تزال تعاني من تبعات هزيمة 2006 التي كانت عواقبها وخيمة، وأول انعكاساتها كان فقدان الجيش الإسرائيلي لثقته في نفسه، عندما أفاق على هزيمة مدوية بعدما كان يوصف بأنه ''لا يقهر''.. من المؤكد أنه ليس من الصعب على دولة مثل الدولة العبرية التي اعتادت الكذب والتلفيقات أن توفر لنفسها الذريعة وتقدمها للعالم إن أرادت فعلا غزو لبنان مجددا، وتاريخ الكيان العنصري فيه العديد من الشواهد التي تؤكد أنها قادرة على تزوير الحقائق وافتعال أزمات تستفيد منها، وفي هذا الصدد يمكنها اغتيال دبلوماسي أو سائح إسرائيلي، وتلصق التهمة بحزب الله لتبرر عدوانها الجديد على لبنان ... إسرائيل ربما ترتكب أكبر أخطائها، إذا ما حاولت العودة إلى المصيدة اللبنانية مجددا، فقد تنجح بتدمير اقتصاد لبنان وقد تنجح في إسقاط عدد كبير من القتلى والجرحى، بفضل ترسانتها الحربية الضخمة، ولكن بناها النفسية ستعاني أيضا، وقد تضطر لدفع تكاليف دمارها لاحقا عشرات المليارات من الدولارات كتعويضات، لأن ضربات المقاومة المدافعة عن الأرض والعرض والحق ستكون قاسية وقاصمة ..