عبارة استوقفتني في إحدى الإعلانات الاشهارية التي أصبحت خبز مجمل القنوات التلفزية عبر العالم.. الإعلان المذكور كان حول سلعة ومنتوج ما لم أستوضحه لأني استغرقت في معنى آخر لهذه العبارة لم يقصده الإعلان.. ووجدت نفسي أتساءل: كيف يمكن للإنسان أن يصنع يومه..؟ الأكيد أن لكل منا مواده وأفكاره ووسائله وأحلامه لصناعة يومه.. كلنا ينهض في الصباح.. ولا تفكير له.. ولا شغل له سوى كيف يقضي يومه.. ماذا يجني من يومه.. كيف سيكون يومه.. ويتكرر اليوم.. وتتكرر معه نفس الأسئلة.. ويعود نفس الانشغال. انتظار ما يأتي به اليوم هو حسّنا المشترك والكل يحلم بتلك المهارات.. ويهفو لتلك الحظوظ التي تمكنه من الفوز بيومه. وهناك من يجهد في استخدام تقنياته الخاصة بحيث يضع نفسه في الاتجاه المربح وبالتالي يخرج من يومه غانما. وثمة من يركن إلى اللاحراك والاستقالة من عمل أي شيء يجعله بعمله بالاتجاه الإيجابي والمفيد. هذا اليوم.. هذا الجزء الضئيل من حياتنا.. ومن عمر الإنسان وعمر كل كائن حي، قد لا يكون له أثر حاسم في مسيرة الإنسان لكن أثره الأكيد والأخطر في غيابه بلا عودة.. الأيام لامتناهية لكنها لا تجازف أبدا بمعاودة نفسها.. سارتر يقول ''جميل أن تكون موجودا'' وحدها الأيام من يعطي طعما ويضفي معنى على هذا الوجود.. ولكن هل يكفي أننا هنا.. أننا أحياء.. النبتة أيضا حية والحيوان حي ،كل مكونات الكون تنبض بالحياة.. لو حقق كل واحد منا في كيفية تعامله مع يومه، كيف ينفق ساعاته، كيف يبذر دقائقه، كيف يحرق صباحاته كيف يدمر أماسيه، كيف يعدم لحظاته ووقته لوجد أنه أبدع في ذلك كما لم يبدع أحد.. تعقيدات الحياة.. ومصاعب العصر جعلت الفرد منا جزارا ماهرا لأيامه يذبحها بلا أدنى رحمة ولا شفقة، يذبحها ويعبث بدمها طامعا في غيرها، لا ليستثمرها ويستغلها ولكن ليفعل فيها نفس ما فعل لسابقاتها. يأتينا اليوم كل يوم.. ناصعا.. صافيا... مشرقا.. ها أنا لكم، يقول لنا.. ها أنا في خدمتكم.. تحت تصرفكم.. أمنحكم الإضافة... وأتيح لكم الامتداد.. والمزيد من الوجود.. ها أنا صفحة أخرى في عمركم.. أكتبوا ودونوا ما تريدون.. لقد وهبتكم الاستمرار والبقاء.. هلا منحتموني الجدوى.. هلا جنبتموني حمولة خيبة مريرة أرحل بها متوجعا..