الثقافة كلمة قابلة لأكثرمن تعريف وأكثر من معنى .والثقافة كما يراها البعض هي كيف تحيى الشعوب وكيف هي مواقفهم و تفاعلهم وتعاطيهم مع الأشياء. وثمة من يعتبر هذه الكلمة مصطلحا مشوشا مطاطا يحوي كل شيء ولا يفضي إلى شيء بحد ذاته.. وهناك من يفهم الثقافة على أنها كلام جيد سلس وكتابة سليمة وبليغة، وهناك من يختزلها في مجال وحده مثل السينما أو الفن الغنائي أو الفن التشكيلي أو المسرح، وكلها أعمال من صنع الإنسان. ومن يلجئون إلى حصر الثقافة في مجال بعينه نجدهم في الغالب من المتشعبين بعناصر ثقافية شتى ما يولد لديهم رغبة في حصر شغفهم بمجال محدد، وتكريس وقتهم وجهدهم لخدمة عنصر أوحد يجعلونه خلاصة مفهومهم للثقافة.. والمؤسف بالنسبة لنا أن المتخصصين في مجال ثقافي بعينه نجدهم خاوين من مجمل عناصر ومقومات المعرفة ولا يمتلكون أرضية ثقافية يشيدون منها الطاقة الإبداعية للمجال الذين جعلوا منه شغفهم الأوحد المزعوم.. فإذا نظرنا للمسرح مثلا نجده رغم ما حظي به من دعم ومجهود وما خصص له من هياكل ومستخدمين قابعا في نفس النقطة، لم يؤت وإن حفنة من أكله.. ما حكاية مسرحنا يا ترى.. ما حقيقة أزمته..؟ ما سبب العطل الجاثم عليه ولا يريد أن يتخلى عنه، لماذا آلته معطلة بهذا الشكل تماما مثل آلة السياحة المعطوبة في بلادنا والتي لم ينجح أحدا في رفع العطب وجعلها تتحرك وتسير أو حتى تحبو؟. ثمة أشياء عصية على الفهم في واقعنا المعقد ولا نملك إزاءها أكثر من مط الشفتين ورفع الحاجبين كتعبير عن عجز فهمنا وتعب حسرتنا.. أعود إلى المسرح.. المسرح في الجزائر مصطلح له مفهوم آخر.. بل لا يكاد له مفهوم أصلا.. عندما ننطق بهذه الكلمة نجدها لا تحيلنا إلى أي شيء سوى ذاك الجمود وتلك الرداءة التي نجحت في تكثيف الجمهور النافر من هذا المسرح. لماذا نحاسب دائما الجمهور والمتلقي ولا نحاسب ما يقدم لهذا الجمهور، لا نراعي حقه في المتعة والاستفادة من نصوص جيدة وعروض شيقة هادفة وعميقة؟، ثمة من يقول أن أزمة المسرح أزمة نصوص وكتابات والدنيا من حولنا متخمة بالنصوص وهناك من يقول أن الأزمة أزمة تكوين وتدريب، والمعاهد والمدارس المسرحية ليست قليلة في بلدنا، أين الداء إذن، أم أن الأزمة شاملة كاملة تقتات من ضعف تسييري وتأطيري وذهني عام.. القائمين على الحركة المسرحية يكتفون الآن ببعض الأعمال التي تشبه المسرح وقانعين بتلك المظهرية المسرحية التي ما عادت تنطلي على الجمهور وما عاد يتحملها، لذا على المشرفين والمسؤولين والعاملين في هذا القطاع أن يعرفوا كيف يمكن أن يكون للمسرح قيمة وحضورا في ذهنية الناس وكيف يلحقوه بمنظومة ثقافتهم وحياتهم.